كتب- أحمدي البنهاوي:
عرفت الأسواق المصرية مناسبات "الخصومات" عبر مؤسسات عرفها المصريون كصيدناوي وبنزايون وبيع المصنوعات المصرية، ومع الوقت بدأت تسميتها "أوكازيونات"، ثم مع دخول مصر عصر المتاجر الضخمة "المولات"، بدأت استيراد أفكار غربية لتسمية أسابيع الخصومات أو الأوكازيون، واقتبس التجار العرب لفظة "الجمعة البيضاء" من التسمية الأمركية للجمعة السوداء (Black Friday) وهي مرتبطة بالأعياد المسيحية ورأس السنة.
وفي ضوء الإحصائيات لا يهتم بهذه الجمعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر سوى 10.8% في حين يصل الاهتمام بها خليجيًّا أقوى من غيرها لا سيما في المملكة العربية السعودية التي يصل حجم الاهتمام بوسم "الجمعة البيضاء" نحو 60% من رواد موقع التواصل "تويتر".
كذب وتحرش
ونقلت مواقع وصفحات مفاجأة تعرض لها المستهلكون عندما فوجئوا أن سعر البضاعة بعد الخصم يقارب سعرها قبل الخصم مقارنة بسعرها في الأيام الثلاثة الماضية؛ ما أثار غضب واستهجان العدد من رواد المحلات، وعلى الرغم من ذلك شهد المول إقبالاً كثيفًا
وتزاحم الأمر الذي ساعد على حالات التحرش والتدافع وحالات الشجار بين الزبائن.
ووقعت مشاجرة بمكتب الأمن الخاص بالمول بين أفراد الأمن وبعض الشباب المقبلين على المول ولم تكن هذه الحالة الوحيدة التي شهدها مكتب الأمن فقد ضج بالعديد من المشاكل من بينها الإمساك بسارق والتعدي على فتاة بالتحرش والتشاجر مع أفراد الأمن؛ الأمر الذي استوجب من المواطنين طلب النجدة لتدخل الشرطة لفض النزاع بينهم وبين أمن المول.
وشهدت الطرق المؤدية إلى "كايرو فستيفال مول" بالتجمع الخامس والدائري شللاً مروريًا كاملاً بسبب الكثافة العددية للسيارات المتجهة داخل المول وذلك بعد منع أمن المول دخول السيارات لعدم وجود أماكن خالية بالجراج.
لا خصم
وتعتمد سياسة المحلات استعدادًا للجمعة السوداء التي أسماها بعض النشطاء العرب "البيضاء"- تسمية نابعة من منطلق كرامة يوم الجمعة كعيد للمسلمين- على رفع السعر خلال اليومين السابقين مباشرة للجمعة ووضع ما بنرات على السلع بتلك الأسعار ثم طباعة اسم الجمعة السوداء بالإنجليزية على نسبة الخصم على السلعة، وهو حقيقة ليس حسمًا للأسعار بل بيعها بسعرها السابق أو خصومات ضئيلة لا تذكر في سعر السلعة.
يقول محمد عبدالحفيظ، بائع بأحد المراكز الشهيرة بمدينة نصر، الخصومات في يوم الجمعة السوداء فرصة لترويج وتحريك حركة الشراء بعد طول مدة كانت الأسعار فيها مرتفعة، ويشير إلى أن نسبة الخصومات هذا العام ستكون أقل مقارنة بالأعوام الماضية بسبب عدم استقرار أسعار العملات.
ولكنه يشير أيضًا علاوة على تذبذب الأسعار إلى أن الجمعة البيضاء السوداء لن تكون قاصرة على يوم واحد، ولكن المدة برأيه "ستكون أطول حيث ستستمر لمدة 12 يومًا على التوالي اعتبارًا من أمس وحتى بعد آخر جمعة في نوفمبر لمدة يومين أو أكثر".
أما مصطفى عبد الستار بائع بأحد المولات بالعاشر من رمضان فيشير إلى أن السلع التي يمكن أن تكون ضمن خصومات الجمعة الملابس المستوردة بالكيلو أو ألعاب الأطفال التي اعتلتها أكوام من التراب أو بعض الأطعمة التي كانت تباع في المولات بأسعار أعلى سعر السوق العادي ففي يوم الجمعة السوداء البيضاء يتم بيعها بسعر السوق العادي لافتًا إلى أغلب المصريين لا يؤمنون اليوم بفكرة الخصم في ضوء الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع.
زبائن الإنترنت
ورغم أن الصحف المنحازة للانقلاب تتخيل تحول الأسواق من حالة الركود التي هي عليها إلى حالة أخرى، إلا أن تعليقات بعض الزبائن على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف مدى عدم ثقة المستهلك بما تقدمه الجمعة السوداء.
فحساب العباسي يقول: "نزلت اشتريت ايه بقي ف البلاك فراي داي إشتريت كرامتي ومنزلتش".
وقال عزيز حمزة: "الجمعة السوداء أو البيضاء حسب تصريحات المتخصصين في علم النفس التسوقي أن معظم من ينهبل ويشتري في هذا الموسم يشترون أشياء لا يحتاجونها".
ثقافة الاستهلاك
كشفت إحدى الدراسات التي أعدتها مؤسسة “أبسوس- ستات” لأبحاث السوق أن حجم السوق الإعلانية العربية أصبح في نمو مستمر لأسباب يأتي على رأسها زيادة الاستهلاك، والانفتاح على العالم الغربي، وزيادة مجالات الاستثمار، أضف إلى ما سبق أن بعض الدراسات رصدت أن العرب ينفقون سنويًّا 20 مليار دولار على العطلات و5,4 مليارات دولار على التدخين، و5 مليارات دولار على السحر والشعوذة، في حين تنفق المرأة الخليجية 2 مليار دولار سنويًّا على أدوات التجميل. أما المصريون فينفقون 40 مليون جنيه يوميًّا على المكالمات في الهواتف المحمولة.
الجمعة الملونة
بدأ اليوم انطلاق فعاليات يوم التسوق العالمي في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى أو ما يسمى بـ"الجمعة السوداء"، حيث يتوافد المشترون منذ ساعات الفجر الأولى من اليوم الجمعة لحجز أماكنهم أمام كبرى المحلات والمتاجر والتي تفتح أبوابها منذ الصباح الباكر مع إعلانها عن تخفيضات وخصومات هائلة على منتجاتها قد تصل إلى 90%.
وبالنسبة للمنطقة العربية قام أحد مواقع التسوق الإلكتروني العربية بإطلاق مبادرة عام 2014 كرد على يوم الجمعة السوداء الخاصة بأسواق ومتاجر أمريكا وخصوصًا موقع أمازون وأطلق عليه اسم "الجمعة البيضاء"، وتم اختيار اللون الأبيض بدلاً من الأسود لخصوصية يوم الجمعة لدى أغلبية العرب من المسلمين.