على الرغم من تباهي المنقلب السفيه السيسي خلال كلمته في قمة العشرين بأن مصر باتت مخزنا للقمح الروسي، وأنها ستقوم ببيعه لمن يريد على مستوى العالم، تتأكد توقعات وتحليلات “الحرية والعدالة” السابقة حول تزايد الفجوة الغذائية بمصر بصورة غير مسبوقة وتراجع الاحتياطي الاستراتيجي من الأقماح، ما يهدد رغيف الخبز المصري ويطعنه في مقتل.
حيث ذكرت وكالة رويترز، أمس الخميس، أن مصر تجري محادثات مع بنك في أبوظبي للحصول على تسهيل قرض لتمويل مشتريات قمح من كازاخستان، وذلك بعدما باعت الإمارات الشهر الماضي صفقة قمح مزروعة في مصر لحكومة السيسي بقرض إماراتي.
وأضافت رويترز أن هذه الخطوة قد تمنح مصر بديلا رخيصا للحبوب القادمة من روسيا، التي تتزايد حصتها في القمح الذي تحصل عليه مصر منذ العام الماضي، لكنها رفضت في الآونة الأخيرة صفقة شراء بأقل من حد أدنى غير رسمي لسعر مشتريات القمح.
وقال مصدر مطلع: إن “المحادثات الجارية للتوصل إلى اتفاق للحصول على القرض لا تزال في مراحلها الأولى، وتجري مفاوضات بشأن سعر القمح وكمياته، بالإضافة إلى قيمة القرض، لكن لم يذكر المصدر والمتعاملون اسم البنك، وانتشرت أنباء بالاتفاق المحتمل خلال ممارسة للقمح طرحتها، الأربعاء الماضي الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، وقيل لهم إن الهيئة تتفاوض على سعر قد يكون أقل من الحد الأدنى للسعر غير الرسمي الذي حددته الحكومة الروسية.
ويُعتقد أن روسيا حددت السعر عند 270 دولارا للطن على أساس التسليم على ظهر السفينة في الممارسة، لكن المصادر شككت أيضا في الاتفاق المحتمل، وقالوا إن شحن القمح من كازاخستان سيمثل تحديا من الناحية اللوجيستية ويتطلب التسليم البري عبر دول أخرى.
وثبت أن الحد الأدنى غير الرسمي للأسعار يشكل عائقا أمام كل من هيئة السلع التموينية بمصر ومورّدي القمح الروس الذين زادوا مبيعات الحبوب الرخيصة نسبيا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا أوائل العام الماضي.
يُشار إلى أن كازاخستان مصدر معتمد بالفعل لدى مصر لاستيراد القمح، لكن المشتريات من الدولة الواقعة في آسيا الوسطى نادرة.
ويأتي ذلك بعد نحو شهر من توقيع مصر والإمارات على اتفاقية تمويل بقيمة 500 مليون دولار لخمس سنوات، لتمويل شراء القمح للسوق المصرية.
ولم يذكر مسؤولو البلدين في ذلك الوقت أية تفاصيل بشأن سعر الفائدة المستحق على التمويل، أو فترة السماح، إلا أنها تشكل متنفسا للحكومة المصرية التي تعاني من تذبذب وفرة النقد الأجنبي.
وعانت مصر خلال الشهور الماضية من تأخير طلبيات شراء القمح بسبب تذبذب وفرة النقد الأجنبي، وسط ارتفاع كبير في الطلب على الدولار محليا؛ بسبب خطوات للبنك المركزي بخفض سعر الجنيه منذ مارس 2022.
وفي يونيو الماضي، وقعت مصر اتفاقية قرض بقيمة 700 مليون دولار، لشراء الحبوب مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
وفي مارس الماضي، كشف وزير المالية محمد معيط في تصريحات صحفية، أن الحكومة أجّلت تسليم شحنة حبوب بسبب عدم توفر النقد الأجنبي.
وفي اتفاقية منفصلة العام الماضي، وقعت وزارة التعاون الدولي المصرية مع المؤسسة الدولية الإسلامية، اتفاقية إطارية لتمويل التجارة بشأن توريد السلع الأساسية بحد ائتماني قدره 6 مليارات دولار.
الخلاف مع روسيا
وفي 20 سبتمبر الجاري، كشفت شبكة الشرق بلومبيرج عن اتجاه مصر إلى استيراد نصف مليون طن قمح تقريبا من فرنسا وبلغاريا، بعد وقف موسكو توريد الحبوب الروسية واعتراضها على التسعير.
واعترضت روسيا على تسعير الصفقة الضخمة.
وتُعدّ هذه هي المرة الثانية خلال الأشهر القليلة الماضية التي تُعرقل فيها صفقة شراء قمح روسي من قبل المشتري الذي تديره الدولة في مصر، إذ تحاول السلطات في موسكو فرض حد أدنى غير رسمي للسعر.
واتفقت الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر على شراء 480 ألف طن من القمح الروسي في مفاوضات مباشرة، أعلن وزير التموين علي مصيلحي مطلع سبتمبر الجاري.
وتم الاتفاق على الصفقة بسعر 270 دولارا للطن بما في ذلك الشحن، وهو أقل من الحد الأدنى للسعر غير الرسمي الذي كان المسؤولون الروس يحاولون تطبيقه آنذاك، وبعد أيام، قالت مصر إنه سيُسمح لشركة تجارة المحاصيل، “سولاريس” (Solaris) بخيار توريد الحبوب من أي منشأ.
وتكتظ موانئ الحبوب الروسية بعد موسمين متتاليين من الحصاد الوفير، مما يجعلها الشاحن المهيمن وصانع الأسعار في السوق العالمية، ومع ذلك؛ تضغط وفرة المعروض على الأسعار المحلية، مما دفع المسؤولين إلى فرض حد أدنى لدعم السوق، مع الإشارة إلى أن تطبيق هذا الحد السعري كان غير متسق.
ولعل الأهم في تلك الازمة، هو استمرار السيسي في سياسات دفن رأسه بالرمال، وعدم الاتجاه الفعلي لدعم القمح المحلي او تشجيع زراعته، أو العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.
وهو ما يفرض معاناة إضافية على المواطن المصري، الذي يكافح من أجل رغيف الخبز الذي زاد بأكثر من 60% خلال لفترة الماضية، فيما تعاني المخابز الحكومية المخصصة للخبز التمويني، من نقص الحصص التموينية ورداءة جودة الدقيق المورد إليها، ومن ثم تدهور مستوى الخبز المقدم لنحو 60 مليون مصري.
فيما يواصل السيسي إطعام المصريين بالديون والقروض الجديدة، التي تفاقمت لمستويات غير مسبوقة، تتجاوز حدود الإفلاس المالي.