فشل جديد للسيسي بأديس أبابا … أثيوبيا مُصرّة على المحاصصة وبيع  المياه لمصر

- ‎فيسوشيال

 

انتهت ، أمس الأحد ، فعاليات الاجتماع الوزاري الثلاثي بشأن سد النهضة، الذي عُقد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا يومي 23 و24 سبتمبرالحالي، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، وذلك من دون أن تسفر الجولة التفاوضية عن تحقيق أي تقدم يذكر في مفاوضات السد الأثيوبي.

 

وبانهزامية وانكسار، قالت وزارة الري المصرية، في بيان لها: إن “الجولة التفاوضية شهدت توجها إثيوبيا للتراجع عن عدد من التوافقات التي سبق التوصل إليها بين الدول الثلاث في إطار العملية التفاوضية، مع الاستمرار في رفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، والترتيبات الفنية المتفق عليها دوليا”.

 

وكانت الجولة قد عُقدت وسط خلافات كبيرة في الرؤى بين مصر وإثيوبيا بشأن تفسير نصوص اتفاق المبادئ الموقع عام 2015 في العاصمة السودانية الخرطوم من جانب زعماء الدول الثلاث، وذلك في ظل تمسك أديس أبابا بحصة رسمية على غرار القاهرة والخرطوم من مياه النهر تحت مسمى الاستخدام المنصف.

 

وكشف مصدر مصري في وزارة الري عن أن الموقف الأثيوبي المتعنّت، الذي يظهر غياب حسن النوايا، دفع مصر للتشدد في موقفها بالتمسك باتفاق قانوني ملزم، مشيرا إلى أن الهدف ليس سد النهضة في حد ذاته، كون السد بات بالفعل أمرا واقعا، وأن المناورة بشأن أزمته تكاد تكون محدودة، ويكمن موقف القاهرة في وضع مبدأ عام، حتى لا يكون تجاوز الأعراف والمواثيق الدولية أمرا معتادا.

 

فيما تتزايد المخاوف لدى مصر من خطط إثيوبيا لبناء سدود جديدة، وهو ما يعني أنه إذا مرّ الموقف الإثيوبي الحالي بشكل سهل ومن دون إقرار اتفاق قانوني ملزم لكافة الأطراف، فستكون الأمور مسألة وقت لاندلاع أزمة جديدة مع أول سد جديد تشرع أديس أبابا في بنائه.

 

 

ورغم الأزمة  المصرية الواضحة،  ونقص كميات المياه الواردة لمصر،  تصر أثيوبيا على أن مصر تريد  الاستحواذ على مياه النيل، وهو ما ترفضه مصر، وتمسك القاهرة برفض التصورات الإثيوبية الرامية للحصول على حصة من مياه النهر تصل إلى نحو 20 مليار متر مكعب من المياه،  وقد قدم  المفاوضين المصريين خلال جولات التفاوض السابقة، التي شارك فيها مراقبون من الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والإمارات، ما يوضح عدم صحة الدفوع الإثيوبية بشأن استحواذ مصر على مياه النيل.

يشار إلى أن حوض نهر النيل يسري به 3.4 تريليونات متر مكعب من المياه، وتبلغ حصة إثيوبيا وحدها من تلك المياه 150 مليار متر مكعب، في حين يحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعب، ومصر على 55.5 مليار متر مكعب.

 

ووفق خبراء مصريون، فإن حصيلة مصر من النفاوض ، فقط، بعض الوعود من دولة الإمارات التي ترعى جولة المفاوضات الحالية، من دون أن تكون هناك ضمانات حقيقية بشأن التزام إثيوبي، فيما يضيق هامش الحركة المصرية مع انتهاء كل عملية ملء جديدة، خصوصا أن السد بات يحتجز خلفه حاليا نحو 42 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعني أن ما يجري التفاوض حوله ليس كثيرا.

 

وحول رغبة أديس أبابا في الحصول على حصة من المياه، أو اشتراط بنود تسمح لها ببيع المياه مستقبلا على غرار النفط في حالة الدول النفطية، كشف دبلوماسي مصري أن القاهرة لن تسمح بصياغة بنود تفتح الباب أمام إعادة تقسيم حصص المياه أو بيعها لها مستقبلا.

 

وأضاف أن القاهرة لا تمانع إنشاء مشروعات إثيوبية تقوم على المياه، لإدراكها التام بأن لدى إثيوبيا من المياه ما يغنيها تماما عن حصة مصر كاملة، وشدّد على أن الأمر له أبعاد أخرى، وهو ضمان مورد جديد عبر بيعها تلك الحصة التي ترغب في الحصول عليها في نهاية المطاف لمصر، على اعتبار أن القاهرة في حال قارنت بين كلفة تحلية المياه وشراء تلك الحصة التي ستغنيها عن التحلية، فإن الكلفة في حالة الشراء ستكون أقل كثيرا من تكلفة التحلية.

 

 

 

 

وتأتي ممارسات أثيوبيا المنفردة والأُحادية الجانب، في ظل تراخي الدور المصري، الذي لا يستطيع أن يتخذ أية مواقف خشنة أوصى بها خبراء ووطنييون في أوقات سابقة.

 

بينما يصر النظام العسكري على توجية الاتهامات فقط لأثيوبيا، بعد سنوات من التلاعب والتمادي في ملء وتشغيل السد بشكل أحادي، في خرق صريح لقواعد القانون الدولي.

وترفض إثيوبيا تماما إبرام اتفاق فني يترجم المبادئ العامة العشرة التي نص عليها اتفاق إعلان المبادئ لسد النهضة الموقعة في الخرطوم في مارس 2015، لأنه سيترجم هذه المبادئ تفصيليا وتفسيريا وسيكون ملزما للدول الثلاث، ولكن إثيوبيا تقبل فقط توقيع ما يسمى بالتوجيهات العامة الإرشادية لتشغيل وملء سد النهضة.

وقد نجحت أثيوبيا في استهلاك واستنزاف الوقت وتحقيق ما تصبو إليه، وهناك دول كبرى إقليمية وغير إقليمية استثمرت في سد النهضة، وهناك دول مجاورة لإثيوبيا في القرن الأفريقي وخارجه، تنتظر بشغف بدء حصولها على الكهرباء منخفضة التكاليف من سد النهضة، لذلك كل هذه التحديات ضد السودان ومصر في مسألة النزاع حول مسألة النهضة.

 

 

 

ووفق خبير السدود محمد حافظ، فإن مفاوضات أديس أبابا ، تعد  فشلا جديدا يضاف إلى سلسلة الفشل السابقة التي توجت بها جولات المفاوضات بين إثيوبيا ومصر.

مشيرا إلى أن الجانب المصري لا يتحدث بصراحة مع الشعب بقوله: إن “المفاوضات تجرى حول آلية عمل السد، بينما الجانب الإثيوبي يؤكد أن المفاوضات تتعلق بكمية المياه التي ستخصم من حصة مصر، والتي وافقت عليها مصر في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو خفض حصتها إلى 37 مليار متر مكعب، بدلا من 40 مليارا ونصف مليار، بينما وصل التنازل المصري إلى 9 مليارات، وذلك فيما تؤكد إثيوبيا أن الخصم يصل إلى 16 مليار متر مكعب، وهناك بعض المعلومات تتحدث عن خصم 22 مليار”.

 

 

تعنت كبير

 

ووفق خبراء مقربين من المفاوضات، فقد كانت أثيوبيا في الجولة التفاوضية الجارية أشد تعنتا، فشهدت المفاوضات توجها إثيوبيا للتراجع عن عدد من التوافقات التي سبق التوصل إليها بين الدول الثلاث في إطار العملية التفاوضية، مع الاستمرار في رفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، والترتيبات الفنية المتفق عليها دوليا.

  

 

 بينما تواجه مصر عجزا مائيا يزيد عن 50% من احتياجاتها، خلال العام الجاري، وتعتمد  مصر بنسبة 98% على نهر النيل، وتأتي على رأس الدول القاحلة، وبين الأقل عالميا في هطول الأمطار، وفق طلبات وزير الخارجية سامح شكري بالأمم المتحدة.

 

 

وهو ما يعظم الأزمة المصرية، ويضع المسئولية الكبيرة على من السماح لأثيوبيا بالتمادي في إنشاء السد، وسط خوار سياسي كبير من النظام العسكري، الذي لا يهتم سوى بالمناقصات وكعكة الاقتصاد والتوغل في الاقتصاد والمجتمع المصري، دون اهتمام بقضايا ومخاطر استراتيجية تهدد مصر وشعبها.