قالت صحيفة جيروزاليم بوست إن عملية السيوف الحديدية تمثل تحديات غير مسبوقة للنظام في القاهرة، على عكس أي تحديات واجهها من قبل، وبالتأكيد ليس إلى هذا الحد، ومن شأن أي صراع مع مصر أن يحد من القدرات العملياتية للجيش الإسرائيلي في غزة.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل ومصر شهدت العديد من الصعود والهبوط في علاقاتهما منذ توقيع اتفاقية السلام بين الدولتين عام 1979 وتشمل هذه الصراعات مثل حروب لبنان، وصعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في أعقاب الربيع العربي في عام 2012، والعمليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وتشكل الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس اختبارا آخر لهذه العلاقات، مع إمكانية إلحاق ضرر كبير بها.
كيف ستعرض الحرب الحالية مع حماس علاقات إسرائيل مع مصر للخطر؟
وأوضحت الصحيفة أنه بشكل عام، تشترك مصر وإسرائيل في هدف مشترك، وهو تفكيك القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وإذا أمكن، إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ومن المثير للاهتمام أن هذا الهدف يحظى بدعم العديد من الدول السنية في المنطقة، وإن لم يكن علنا، تجدر الإشارة إلى أن نظام السيسي قد شن حملة قمع واسعة ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي نشأت منها حماس، وأعلن أنها غير قانونية.
وأشارت إلى أنه لم يكن من قبيل المصادفة أن القاهرة امتنعت عن التدخل خلال عملية الجرف الصامد في عام 2014، على عكس بعض اللاعبين الآخرين في العالم العربي، لأنه كان من مصلحة مصر أن تلحق إسرائيل أضرارا كبيرة بحماس، وعلاوة على ذلك، اتخذت مصر تدابير لعرقلة أنفاق التهريب التابعة لحماس، على الرغم من أنه يبدو أن هذه الجهود لم تكن ناجحة تماما.
ومع ذلك، فإن الحرب تضع مصر أمام ثلاثة تحديات رئيسية، بعضها غير مسبوق وذو حجم كبير.
التحدي الأول، هو القلق من أن عددا كبيرا من الفلسطينيين، الذين يحتمل أن يصل عددهم بالآلاف من سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، قد يحاولون الهروب من الأزمة الإنسانية من خلال البحث عن ملجأ في شبه جزيرة سيناء عبر معبر رفح، وعلى الرغم من إغلاق المعبر، إلا أنه سيكون من الصعب على مصر رفض الدخول إذا ترتب على ذلك نزوح جماعي كبير.
تتذكر مصر بوضوح أحداث عام 2008 عندما دخل آلاف الفلسطينيين سيناء في حالة، ويرجع ذلك أساسا إلى نقص الموارد الأساسية مثل المياه والوقود، قوبلت الدعوات غير الرسمية الأخيرة من الاحتلال لتشجيع الفلسطينيين على البحث عن ملاذ آمن في سيناء بقلق وغضب في مصر، مما أدى إلى نفي رسمي من إسرائيل.
وأكد عبد الفتاح السيسي وحكومته بشكل لا لبس فيه التزامهم بحماية الأمن القومي لمصر وحدودها السيادية، ولكن هناك قلق لا يمكن إنكاره بشأن احتمال ظهور مقترحات غربية لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
وحتى الآن، رفضت مصر بالفعل الطلبات الأمريكية بقبول الفلسطينيين من غزة، إلا أن التقارير الأخيرة تشير إلى أن الجيش المصري ينشئ منطقة عازلة بالقرب من رفح لاستيعاب اللاجئين المحتملين.
ويدور التحدي الثاني حول دور مصر في الأزمة الحالية تقليديا، كانت مصر تعتبر نفسها الوسيط الأنسب بين إسرائيل وحماس، نظرا لقربها الجغرافي من غزة ومشاركتها التاريخية في الشؤون الفلسطينية.
لعبت مصر دورا مهما في الوساطة وتحقيق وقف إطلاق النار خلال النزاعات السابقة، مثل عمليات الرصاص المصبوب، وعامود السحاب، والجرف الصامد، تحت قيادة قادة مثل حسني مبارك في عام 2009، ومحمد مرسي في عام 2012، والسيسي في عام 2014.
ومع ذلك، منذ عام 2014، كان على مصر أن تتصالح مع الدور البارز المتزايد الذي تلعبه قطر، لا سيما في تمويل حماس من خلال سلطات الاحتلال، مرة أخرى، تواجه مصر احتمال أن تتولى دول أخرى، بما في ذلك قطر وتركيا، وحتى بعض دول الخليج، دورها التاريخي كوسيط، مما يزيد من تآكل مكانة مصر القيادية المتضائلة في العالم العربي.
وينبع التحدي الثالث من ضرورة أن تتعامل حكومة السيسي مع المشاعر العامة، التي تدعم بحزم القضية الفلسطينية، حتى لو لم يكن بالضرورة حماس على وجه الخصوص، ومع اشتداد الأزمة الإنسانية في غزة، من المرجح أن تزداد قوة الأصوات في مصر وفي جميع أنحاء العالم العربي التي تطالب بالتدخل، وحتى تعليق أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
يمكن أن ينجم تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية عن عدة عوامل، تتراوح من الأقل حدة إلى الأكثر خطورة.
أولا، التصريحات غير المسؤولة التي أصدرتها إسرائيل، مثل البيان الأخير لوزير التعليم يوآف كيش، الذي حث فيه الفلسطينيين على مغادرة غزة إلى مصر.
ثانيا، نشر معلومات يحتمل أن تكون غير موثوقة، كما يتضح من الادعاء بأن مصر حذرت إسرائيل من عملية لحماس، وهو ادعاء دحضته لاحقا مصادر مصرية رسمية.
ثالثا، تعيين وسيط عربي آخر بدلا من مصر، وبالتالي تقليص دور مصر التاريخي في مفاوضات السلام.
وأخيرا، ومن الأهمية بمكان، أن تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة يمكن أن يدفع إلى ممارسة ضغوط شعبية على النظام لاتخاذ إجراءات ضد إسرائيل.
تلعب مصر دورا محوريا في علاقات إسرائيل الخارجية في الشرق الأوسط، مما يستلزم تنسيقا سريا وشاملا لأعمالها مع مصر من خلال قنوات الاتصال السرية القائمة، كما أن تدهور العلاقات الإسرائيلية المصرية ينطوي على إمكانية الإضرار بعلاقات إسرائيل مع الدول العربية المعتدلة الأخرى والحد بشكل كبير من قدرة إسرائيل على المناورة العملياتية في غزة، تواجه إسرائيل وضعا حساسا في علاقاتها مع مصر، وبالتالي يجب عليها أن تتعامل بحذر.
https://www.jpost.com/opinion/article-768785