ورقة بحثية: 5 محددات أمام تل أبيب تخيرها بين العودة للهدنة أو استمرار القتال

- ‎فيتقارير

 

قالت ورقة بحثية لموقع “الشارع السياسي” إن القرار “الاسرائيلي” باستمرار القتال أو اللجوء إلى الهدنة تربطه 5 محددات تؤثر على هذا القرار أبرزها؛ حجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، وافراغ المستوطنات من سكانها، وانكشاف حجم الخسائر العسكرية، واتساع رقعة الصراع على الساحة اللبنانية واليمنية، وتزعزع مستقبل نتانياهو.

 

الخسائر الاقتصادية

وعن “حجم الخسائر والاجتماعية” أشارت الورقة التي جاءت بعنوان (مسارات الصـراع بين إسـرائيل وحماس بعد التوصل للهدنة الإنسانية المؤقتة) إلى أن مجموعة من الخسائر التي حدثت والمرجحة وفق تقديرات في آن.

 

وأول الخسائر إضافة حوالي 70 ألف شخص إلى قائمة العاطلين عن العمل الشهر الماضي، يعادل 3 أضعاف ما كان عليه نفس الشهر من العام الماضي، فضلا عن إرسال 60% من المتقدمين الجدد للحصول على مخصصات البطالة إلى إجازة بدون راتب، بحسب (مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلي).

 

ونشرت الورقة تقديرا صهيونيا لتكلفة الحرب على غزة من الاقتصاد الإسرائيلي، تصل لـ 48 مليار دولار خلال العامين الجاري والمقبل، تتحمل “إسرائيل” ثلثي التكاليف الإجمالية للحرب، بينما تدفع الولايات المتحدة الباقي على شكل مساعدات عسكرية، بحسب “ليدر كابيتال ماركتس”.

 

ووصلت التقديرات من المجلس الاقتصادي الوطني الإسرائيلي (حكومي)، أن كلفة الحرب على اقتصاد “إسرائيل” ربما تبلغ 200 مليار شيكل (54 مليار دولار).


وفي أكتوبر الماضي، قدرت وزارة مالية الكيان أن تكلف الحرب الاقتصاد 270 مليون دولار يوميا، مشيرة أن انتهاء الحرب لا يعني توقف الخسائر.


“بلومبرج” قالت إن أرقام “ليدر كابيتال ماركتس” تعني الاقتراض مجددا لشق طريقها في أسوأ صراع مسلح منذ نصف قرن.


وأشارت إلى أن سندات أصدرها حكومة نتنياهو بالاكتتابات في بنوك “وول ستريت”، و”جولدمان ساكس”، إلا أنها تعتمد على السوق المحلية لاستيعاب الجزء الأكبر من احتياجاتها التمويلية.


ومنذ 7 أكتوبر باعت وزارة المالية 18.7 مليار شيكل من السندات المحلية مقارنة بمتوسط شهري يزيد قليلا عن 5 مليارات شيكل حتى الشهر السابق له.


وأشارت أيضا إلى ارتفاع أسعار الفائدة المحلية في الكيان بشكل أقل من العديد من الاقتصادات المتقدمة، مما يجعل الاقتراض في الداخل رخيصا نسبيا بالنسبة للحكومة.


ونقلت الورقة عن كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، شموئيل إبرامسون، ترجيحه اتساع حجم الضرر والخسائر جراء الحرب، معتبرا أن اقتصاد إسرائيل يتأوه تحت وطأة العدوان على غزة، وأن الخسائر تتفاقم حال اندلاع حرب شاملة على الجبهة الشمالية.

 

وقال إبرامسون، إن كل شهر من الحرب قد يؤدي إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى ما بين 8 و9 مليارات شيكل (2.1 و2.4 مليار دولار)، وكذلك خسائر مستقبلية للاقتصاد وسوق العمل.


وأوضحت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية عن وزارة المالية توقعاتها بوصول خسارة الناتج المحلي الإجمالي للعام الجاري إلى 1.4%، وترجمت النسبة إلى خسارة الناتج المحلي الإجمالي شهريا نحو 9 مليارات شيكل (2.4 مليار دولار) ما يعني ركود في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.

 

ونقلت في 29 أكتوبر الماضي، عن بنك “جيه بي مورغان تشيس”، أن الاقتصاد الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11 % على أساس سنوي، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد الحرب على غزة.

 

وعن صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” نشرت تقرير لوكالة موديز من أن تكلفة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي لا تقل عن مليار شيكل (269 مليون دولار) يوميا، يوجه الانفاق الرئيسي على؛ الدفاع ودعم المجهود الحربي، وأجور مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وتعويض الشركات المتضررة من الحرب، وإعادة إعمار وتأهيل المباني التي دمرها قصف صواريخ المقاومة.

 

ونقلت الورقة أرقاما فعلية عن توسع العجز المالي في “إسرائيل” إلى 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي في أكتوبر الماضي، مقارنة بنسبة 1.5% في الشهر السابق. في حين حققت تل أبيب في 2022، أول فائض في ميزانيتها منذ 35 عاما، بنسبة 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي.


ونقلت عن تقرير موديز أن “إسرائيل” اضطرت منذ اندلاع الحرب، لاقتراض ما قيمته 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار)، وفقا لبيانات وزارة المالية.

 


سكان المستوطنات

المحدد الثاني ارتبط بحسب الورقة بافراغ المستوطنات من سكانها حيث تهجير أكثر من 200 ألف شخص من التجمعات السكانية على طول الحدود الجنوبية والشمالية في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” 7 أكتوبر التي شنتها المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام.


وفي هذه النقطة لفتت إلى حجم ما استدعاه الجيش “الإسرائيلي” وهو 350 ألف جندي احتياطي، مما أدى إلى تعطيل عمليات الآلاف من الشركات في جميع أنحاء البلاد.


(موديز) كشفت أن الاحتياط هم جزء من المستوطنات التي تهددت، وقالت إن غياب 18% من القوى العاملة في البلاد -أولئك الذين تم تجنيدهم في الجيش، وأولئك الذين تم إجلاؤهم من منازلهم بالقرب من الحدود، والآباء الذين يرعون الأطفال، لأن المدارس تعمل جزئيا فقط- يضع بالفعل ضغطا على عمليات الصناعات التحويلية وقطاع التكنولوجيا، بحسب الورقة.

الخسائر العسكرية


وعن انكشاف حجمك الخسائر العسكرية نقلت الورقة عن الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد فايز الدويري، إن “الأرقام التي تعلنها فصائل المقاومة تشير إلى أن إسرائيل تخسر آلية و6 أفراد بين قتيل وجريح كل ساعة و20 دقيقة، ما يعني سقوط 3185 قتيلا وجريحا خلال 22 يوما من العدوان البري في قطاع غزة على أقل تقدير”.


وأضاف الخبير الدويري، في تحليل لقناة الجزيرة، أن “الصور التي تنشرها المقاومة تؤكد أن إطلاق الصواريخ لا يزال فاعلا وأن قذائف الهاون لا تزال تعمل وأن المعارك الصفرية متواصلة، وأن التعامل متواصل مع أهداف متنوعة متحركة وثابتة وبطرق مختلفة”.


وتابع: “كلما تقدمت إسرائيل في أي محور داخل غزة كان وضعها أكثر صعوبة وكانت فرصة المقاومين على التعامل أكبر”، مشيرا إلى أن ما “تم نشره مؤخرا من صور للمعارك يؤكد أن المقاومة تدير المعركة بنجاعة”.


وقال إن مقاتلي المقاومة يثبتون كفاءة أكبر حتى من قوات “دلتا الأمريكية” (إحدى وحدات القوات الخاصة الأمريكية)، لأنهم يخوضون معارك من المسافة صفر دون حماية أو غطاء وبملابس مدنية، مؤكدا أن “إسرائيل لن تفصح عن خسائرها الحقيقية قبل 6 أشهر من انتهاء المعركة”.


وكذلك قال رئيس جمعية المعاقين في جيش الاحتلال عيدان كيلمان -في تصريح لإذاعة الجيش مساء الأربعاء 22 نوفمبر – إنه “منذ السابع من أكتوبر، شخّص الجيش إصابة 1600 جندي بإعاقات، ولا يزال 400 جندي في المستشفيات“.


وأوضح أن “هؤلاء هم فقط الجرحى، وسيأتي إلينا آلاف آخرون يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة“.


ووفق احصاءات اسرائيلية، فقد أصابت المقاومة 5431 إسرائيليا وقتلت 1200 وأسرت نحو 250 خلال هجوم في مستوطنات محيط قطاع غزة.

 


لبنان واليمن


المحدد الآخر الذي طرحته الورقة يتعلق باتساع رقعة الصراع على الساحة اللبنانية واليمنية حيث يتعمد بنيامن نتنياهو تصعيد المواجهة العسكرية مع جماعة حزب الله عبر الحدود اللبنانية، إذ يسعى إلى تحقيق هدفين على خلفية إخفاقه أمام حركة “حماس” الفلسطينية، بحسب يزيد صايغ في تحليل بمؤسسة “كارنيجي” البحثية في واشنطن (Carnegie).


وبوتيرة يومية منذ 8 أكتوبر الماضي، يتبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفا متقطعا مع “حزب الله” وفصائل فلسطينية في لبنان؛ ما خلّف قتلى وجرحى من الجانبين.


واعتبر صايغ أنه “حتى الآن لا توجد ضرورة استراتيجية تُملي على إسرائيل توسيع رقعة صراع غزة، لكن المنطق السياسي الذي يسيّر سلوك نتنياهو، يجعل من استمرار هذا الصراع وتصعيده ليشمل جبهات أُخرى بمثابة خياره التلقائي، ما يشكل خطرا حقيقا على الجميع“.


أما هدف نتنياهو الثاني، وفقا لصايغ، فهو “إبقاء شركائه اليمينيين المتطرفين في الائتلاف الحاكم قريبين منه، واستمالة الناخبين اليمينيين لضمان دعمهم له متى تحين ساعة الحساب“.

 

وشدد على أنه “في حال تحولت عمليات تبادل إطلاق النار المستمرة بين حزب الله والقوات الإسرائيلية إلى مواجهة واسعة النطاق، فلن يحدث ذلك بقرار يتخذه حزب الله أو إيران، اللذان يسعيان إلى احتواء التصعيد وإبقائه ضمن حدوده الحالية، ولكن لأن نتنياهو يشعر أن بقاءه السياسي يقتضي تصعيدا على هذا النطاق”.


وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل أراضٍ في كل من لبنان وسوريا وفلسطين منذ عقود.

 

مستقبل نتانياهو

وعن تزعزع مستقبل نتنياهو وفق يزيد صايغ فإنه “إذا مكّنوه من البقاء في رئاسة الحكومة، سيواصل نتنياهو تمتّعه بالحصانة للإفلات من المحاكمة بتُهم الفساد، وهذا ما سعى إلى تحقيقه عبر خطط الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي بدأها ائتلافه اليميني منذ مطلع عام 2023”.


وأضاف أنه وتتصاعد توقعات داخل “إسرائيل” بأن خضوع نتنياهو (74 عاما) لتحقيقات بعد الحرب سيضع نهاية لحياته السياسية كأطول رئيس وزراء بقاءً في الحكم في دولة إسرائيل التي أُقيمت على أراضٍ فلسطينية محتلة عام 1948.

 

ونقلت أيضا عن صحفي آموس هاريل قوله: “حتى في خضم الحرب الأهم التي تشهدها إسرائيل منذ خمسين عاما، فإن نتنياهو مُنشغل في المقام الأول، وأكثر من أي أمر آخر، بنفسه وبإنقاذ مستقبله السياسي المتزعزع”.

 

ومنذ ديسمبر الماضي، يترأس نتنياهو حكومة ائتلافية توصف في الإعلام العبري بأنها “أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل”.


وقال صايغ: “يتضح إذا أن لنتنياهو مصلحة سياسية في الحفاظ على زخم العمليات العسكرية في غزة، ولهذا السبب رفض مرارا الدعوات إلى وقف إطلاق النار وإرساء هدنٍ لدواعٍ إنسانية”.

 

https://politicalstreet.org/6234/