رغم المجازر وحرب الإبادة الصهيونية، تسجل المقاومة الفلسطينية تاريخا مجيدا فشلت جيوش الحكام العرب الخونة في تحقيقه، حيث تواصل الصمود في ميدان المعارك وتدير معركتها على كافة المستويات بكفاءة واقتدار، وتتعامل مع جيش الصهاينة تعامل الند للند وتوقع في صفوفه خسائر لم تحققها جيوش الخونة في أي مرحلة من مراحل الصراع العربي الإسرائيلي على مدار قرن من الزمان .
صمود المقاومة أحيا الأمل في نفوس الشعوب العربية والإسلامية في إمكانية التخلص من هذه العصابات الصهيونية وطردها من المنطقة واستعادة المقدسات الإسلامية، وإقامة دولة فلسطين على كافة الأراضي الفلسطينية.
ورغم الانتصارات التي تسجلها المقاومة بكافة فصائلها، إلا أن روح الانهزام والانكسار أمام الحلف الصهيو أمريكي لاتزال تهيمن على الحكام الخونة الذين تربوا على العبودية، وتهيمن عليهم روح الخيانة والعمل ضد شعوبهم وهو ما يحتم على الأجيال الجديدة اتخاذ مواقف حاسمة تجاههم .
جولدا مائير
من جانبه قال الخبير السياسي الدكتور عبدالجليل مصطفى: إنه “على يقين تام من أن الشعب الفلسطيني سيتنصر على الصهاينة ويسترد حقوقه، موضحا أن هذه المعركة ليست معركة ضربة قاضية، لكنها معركة نقاط وتراكم جولات “.
وأضاف مصطفى في تصريحات صحفية، رغم كل الصعوبات وتكتل الجميع ضدهم، إلا أن الشعب الفلسطيني أصبح لديه خواص وقدرات لا يستطيع أي إنسان أن يتجاهلها حتى لو لم يكن يعلمها قبل ذلك، هذا ما يوضحه الواقع الحادث أمامنا .
وشدد على أن الشعب الفلسطيني لن يهاجر إلا في حدود ضيقة، مشيرا إلى أن عدد الفلسطينيين الحالي عشرة أضعاف عددهم في النكبة الأولى، وأصبح لديهم الآن نوابغ في جميع المجالات، وما يحدث يثبت خطأ مقولة جولدا مائير، إننا نعتمد على أن الآباء يموتون والأبناء ينسون، ما يحدث الآن يثبت عكس ذلك فالأبناء يتذكرون ليس ما قاله الآباء فحسب، وإنما ما قاله الجدود، وهذا يظهر تكوين الشخصية الفلسطينية من التعليم والخبرة الحياتية التي صنعت منهم نماذج صالحة للمقاومة.
وأشار مصطفى إلى أنه بخصوص التضحيات التي دفعها المدنيون، فالحقيقة أنها ليست خطأ المقاومين، فالعدو فاشل في استهداف المقاومة لحل مشكلة الصراع عسكريا، مؤكدا أن استهداف إسرائيل للمستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد ينم عن أداء عسكري بائس جدا يظهر أنه في أزمة وأنه يعاني نوعا من الفشل الفاضح.
وأكد أن تضحيات المدنيين للأسف هي الثمن من أجل تحقيق إنجاز، ويجب الإشارة إلى البُعد المعنوي، فبالرغم من كل عمليات استهداف المدنيين إلا أننا نشاهد معنويات مرتفعة إلى عنان السماء.
واعتبر مصطفى أن حزب الله اللبناني كان له دور ذكي جدا في التداخل مع المقاومة، حيث تمكن من اجتذاب نحو ثلث جيش الاحتلال ما خفف الضغط على غزة، إضافة إلى ما تقوم به المقاومة في العراق واليمن التي بسيطرتها على مدخل البحر الأحمر يجعل منها حلا لكثير من المشكلات.
دعاة الانهزامية
وانتقد مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ما تردده بعض وسائل الإعلام والشخصيات العامة والمحللين يى مصر والدول العربية، من أن المقاومة الفلسطينية هي السبب في تأخر إعلان دولة فلسطينية حتى الآن.
وقال الزاهد في تصريحات صحفية : “البعض ينتقد الفلسطينيين ويتهمهم بأنهم باعوا بلدهم وتركوا أرضهم، أو إنهم لو كانوا قبلوا خيار الرئيس السادات وانضموا لخيار السلام لكان الوضع قد اختلف، مؤكدا أن من يرددون هذه المقولات هم دعاة الانهزامية بأثر رجعي، لأنه لولا المقاومة الفلسطينية لكانت إسرائيل قد ابتلعت المنطقة كلها.
وأضاف، استراتيجية إسرائيل منذ معاهدة السلام مع مصر تقوم على فكرة السلام المنفرد وليس السلام الشامل وعلى طريق الخطوة خطوة، وهناك شواهد هامة أبرزها أنه بعد مبادرة السادات وتتويج ذلك في اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام وبعدها مباشرة أعلن الصهاينة القدس عاصمة لدولة إسرائيل، وحينها طالب السادات بوقف ذلك، لكن مناحم بيجين رد عليه بالقول :إن “معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ليس فيها جُملة أو كلمة أو حرف أو فاصلة تؤيد حق فلسطين في القدس”.
وأشار الزاهد إلى أنه كان من مخرجات اتفاق أوسلو 1993 أنه على مدى خمس سنوات، سيتم إعلان دولة فلسطين في غزة والضفة الغربية، بعد أن تنسحب إسرائيل من تلك المناطق، وهو ما يعني أنه كان من المفترض أن يتحقق برضا فلسطيني كامل، لكن ما حدث فعليا أن الاثنين اللذين وقعا الاتفاقية وهما ياسر عرفات وإسحق رابين تم اغتيالهما، وخلال الخمس سنوات كان التفاوض الإسرائيلي قائما على منطق الجرافات لتفتيت الضفة الغربية وتقسيمها وتهويدها وقصفها وتهجير الفلسطينيين منها، وبالتالي خلال هذه الفترة إسرائيل هي التي رفضت حل الدولتين وليس الفلسطينيين.
وتابع، علينا أن نستشهد أيضا بمقولة بن جوريون : “هذه مشكلة لا حل لها لأن الأرض واحدة وطالب الأرض اثنان، فهو كان يمثل عقيدة تطالب بكل فلسطين، وبالتالي واصلت إسرائيل عملية التوسع وكأنه لا وجود لاتفاق أوسلو، مؤكدا أن إسرائيل هي من قتلت حل الدولتين”.
وشدد الزاهد على أن المقاومة الفلسطينية حققت نصرا كبيرا في السابع من أكتوبر، موضحا أن هناك تخفيضا متواليا من جانب الصهاينة لأهداف الحرب في غزة، فبعد أن بدأ السقف بالعمل على القضاء على حماس، انخفض إلى التفاوض مع حماس.
وأكد أن الهزيمة التي تعرض لها الكيان الصهيوني، قضت على فكرة التهجير التي روج لها إعلام الصهاينة.