- * 1500 سيدة تم اعتقالهن منذ الانقلاب و 500 سيدة رهن الاعتقال
- * الانتهاكات تبدأ بعد بالخطف والاعتقال والضرب بالعصي ونزع حجابها أو شدها من شعرها
- * إدارة السجون تجبر المعتقلات على إجراء اختبار للحمل والعذرية للفتيات غير المتزوجات
صافيناز صابر
"الدفاع عن حقوق المرأة، حرية المرأة، ولا للعنف ضد المرأة" كل هذه الشعارات البراقة رفعتها المنظمات النسوية والمجلس القومي للمرأة والمجلس المصري لحقوق المرأة وغيرها وصدعت بها رؤوسنا في الفترات الماضية، والعجيب أن هذه المنظمات التزمت الصمت تجاه ما يحدث من انتهاكات تتعرض لها الفتيات والنساء في السجون لمجرد مناهضتهن للانقلاب.
لم نسمع حتى الآن عن لجنة تقصى حقائق واحدة أقامتها أي من المنظمات النسوية والحقوقية التى تدّعى دفاعها عن المرأة وحققت فيما يحدث مع الفتيات والنساء من اعتداءات وانتهاكات على أيدي ميليشيات الانقلاب داخل السجون والتي تنوعت ما بين قتل وضرب وسحل وتعذيب واعتداءات لفظية وبدنية، ووصل الأمر إلى انتهاك الأعراض، وسط هذا الكمّ من الجرائم في حق حرائر مصر لم تخرج علينا أي من تلك المنظمات ببيان واحد يدين أو يستنكر كل ما يحدث، وهذا ما يدفعنا للسؤال عن سر هذا الصمت الرهيب؟!.
وإذا نظرنا إلى الأمر يتضح جليا أن العنف الشديد والانتهاكات التي تمارس ضد المرأة المصرية منذ بدء الانقلاب العسكري في 3 من يوليو الماضي وحتى وقتنا هذا يرجع سببه الرئيس إلى الدور الفعال وغير المتوقع منها في مناهضة الانقلاب والنزول والمشاركة بشكل قوى في كافة الفعاليات والتظاهرات، ويضرب المثل بهن في الصمود والثبات.
إزاء هذا الدور الحيوي للمرأة تنوعت وسائل القمع ضدها وكان آخرها ما حدث مساء الأربعاء الماضي من اعتقال 5 فتيات من بين 13 شخصا كانوا موجودين في "سبوع" حرية ابنة دهب "سيدة الكلابشات"، حيث داهمت قوات الأمن قوات منزل دهب وقامت باعتقال كل المشاركين في "السبوع" وأخذتهم إلى قسم الزاوية الحمراء.
وقبلها بعدة أيام وفي مشهد يتنافى مع الإنسانية ويعكس مدى إجرام قادة الانقلاب العسكري، وضعت
المعتقلة دهب حامد ابنة الـ18 عاما مولودتها الأولى "حرية" وهى مقيدة بـ"الكلابشات" في أحد أسِرّة مستشفى الزيتون خلال إجرائها عملية ولادة قيصرية وبعدها.
ساقتها الأقدار يوم 14من يناير الماضي والذي وافق اليوم الأول للاستفتاء على وثيقة الدم إلى السير بشارع الساحل بشبرا إذ كانت في طريقها إلى الطبيب لمتابعة حالتها الصحية ومعرفة موعد الولادة الخاص بها حيث كانت حاملا وفي شهرها التاسع.
في هذا التوقيت كان هناك تظاهرات منددة بدستور الانقلاب ينظمها مناهضو الانقلاب، فداهمتها قوات الأمن واعتدت عليها بالخرطوش، وبدأ المتظاهرون في الجري، لكن دهب لم تستطع الجري بسبب حملها فاعتقلتها قوات الشرطة.
وبعد يومين تم التحقيق معها في السجن وصدر قرار بحبسها الاحتياطي لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق بعد اتهامها في المشاركة في التظاهر وتعطيل الدستور وإثارة الشغب ونقلت إلى قسم شرطة الأميرية في اليوم ذاته.
تم تجديد الاعتقال لدهب ثلاثة مرات، وآخرها كان حيث استجوبها وكيل النيابة وقال لها متى ستلدين؟ فقالت غدا، قائلا بالسلامة وأصدر لها أمرا بتجديد الحبس 15 يوما أخرى على ذمة التحقيق.
وهناك الحاجة زينب السيدة العجوز التي تجاوز عمرها الستين عامًا التي راحت ضحية الضرب المبرح المفضي إلى الموت، لا لذنب اقترفته أو لجرم ارتكبته ولكن لأنها فقط خرجت في إحدى المسيرات المؤيدة للشرعية.
ولا ننسى حرائر الإسكندرية حين قضت محكمة جنح الإسكندرية في نوفمبر الماضي، بالحكم على 21 من فتيات وسيدات الإخوان من أعضاء حركة "7 الصبح" بتهمة قطع الطريق والبلطجة، بالحبس 11 سنة وشهرا للفتيات وعددهم 14 فتاة ، والأحداث منهن وعددهم 7 تم الحكم بإيداعهن إيداعا مفتوحا في إحدى دور رعاية الأحداث.
أكثر من 1500 معتقلة
وراء القضبان يوجد نماذج كثيرة من حالات انتهاك حقوق الإنسان لم يكن يتخيلها أحد بأن تحدث في مصر بهذا الأسلوب، فالانتهاكات التي تتعرض لها الطالبات والفتيات داخل سجون الانقلاب تقشعر لها الأبدان، وهي تعرضهن لانتهاكات عنيفة من سب وضرب وكشف للعذرية، ويعتبر ذلك شروعا في الاغتصاب بالإضافة إلى خضوعهن لإجراءات اختبار حمل كإجراء روتيني.
كشف بيان أصدرته "حركة نساء ضد الانقلاب" مؤخرا أنه عقب الموافقة على قانون التظاهر الذي وضعه الانقلابيون في أكتوبر الماضي زادت حدة موجة العنف ضد النساء، وتم ممارسة جرائم ضدهن من قبل ميليشيات وزارة الداخلية والتي أبرزها التعذيب الجسدي بالعصي والسلاسل الحديدية، مؤكدًا أن هناك تقارير طبية تثبت صحة ذلك.
وأوضح البيان أنه يبلغ عدد النساء اللاتي تم اعتقالهن منذ قيام الانقلاب 1500 سيدة منهن 500 سيدة رهن الاعتقال، وأنه في شهري ديسمبر ويناير فقط تم اعتقال ما يزيد عن 200 امرأة أغلبهن من الطالبات لا تتجاوز أعمارهن 18 عاما وذلك منذ إقرار قانون التظاهر الجديد في نوفمبر الماضي، والذي ألزم أي مجموعة تريد التظاهر بإخطار وزارة الداخلية بتفاصيل المظاهرة قبل تنظيمها، ويفرض القانون عقوبات متدرجة بالحبس والغرامة المالية على المخالفين، هؤلاء يتعرضن لانتهاكات غير مسبوقة؛ أبرزها إجبار إدارة السجون المعتقلات على إجراء اختبار للحمل والعذرية للفتيات غير المتزوجات.
وأشار البيان أن طالبات جامعة الأزهر تصدرن قائمة المحبوسات بنصيب 35 طالبة، فضلا عن اعتقال فتيات قصر قلت أعمارهن عن 15 عاما، وسيدات تجاوزن الـ60 عاما، مشيرا أن يوم الجمعة 27 ديسمبر كان الأكبر من حيث الاعتقالات للنساء حيث وصل إلى 40 حالة، فيما كان شهر يناير بداية ظهور أحكام جنائية بالحكم غيابيا على 6 طالبات من جامعة الأزهر لمدة عام، والحكم على 6 سيدات اعتقلن بمدينة نصر (شرقي القاهرة) بـ5 أعوام، فيما تم إحالة أغلب قضايا المعتقلات للمحاكمة.
الانتهاكات الصارخة
وعن الانتهاكات التي تتعرض لها النساء تبين أنها تبدأ بمرحلة الخطف والاعتقال بعد الاعتداء علي المتظاهرات، بالضرب بالعصي ونزع حجابها أو شدها من شعرها والتحرش بها ولمس أجزاء من جسدها وتقطيع ملابسها.
وما أن تطأ قدم المعتقلة القسم وحتى يبدأ تحقيق النيابة يبدأ تفتيشها ذاتيا، ويتم إجبارها على خلع ملابسها كاملة ولمس أجزاء حساسة في جسدها لإهانتها، ثم ضربها ووضعها في زنازين سيئة.
تتواصل الانتهاكات عقب صدور قرار النيابة بالحبس، وترحيل المعتقلات لسجن القناطر، ليتم إجراء كشف الحمل والعذرية على المعتقلات السياسيات بطريقة مهينة وغير آدمية، ووضعهن مع الجنائيات اللاتي يؤذينهم بشتى الوسائل، وهناك طالبات أصبن بحالة من الانهيار العصبي عندما رأين أن ملابس السجن شفافة ولا يسمح لهن بلبس شيء غيرها.
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا (غير حكومية) قالت في تقرير لها مساء الأربعاء الماضي، إنها "تلقت شكاوى من أسر 12 طالبة معتقلة مصرية، تفيد تعرضهن للضرب والإهانة والتحرش الجنسي من قبل ضباط وجنود الأمن حال اعتقالهن".
مجلس الخراب
وتقول سمية محفوظ -عضو حركة نساء ضد الانقلاب ومنسقة الفعاليات- تقف كافة المنظمات النسوية والمجلس القومي للمرأة التابع للدولة والمجلس المصري لحقوق المرأة الذي ترأسه نهاد أبو القمصان جميعها يقف موقف المتفرج ولم تحرك ساكنا تجاه ما يحدث من انتهاكات داخل السجون ضد النساء والفتيات.
وتضيف" نظمت الحركة وقفة احتجاجية الفترة الماضية أمام المجلس القومي للمرأة اعتراضا لما يحدث ضدها من قبل ميليشيات أمن الانقلاب لكنه لم يفعل أي شيء، ولم يخرج بيانا يستنكر ما يحدث".
وتتابع محفوظ قائلة" المجلس القومي عقد مؤتمرا في اليوم العالمي لمناهضة العنف للمرأة ولم يشجب أو يستنكر واكتفى بحصر العنف بين الرجل وزوجته فقط وكأنه قائم على "خراب البيوت القائمة"، وتم في غرف مغلقة وأنهى فعالياته في أحد الفنادق".
وتستطرد قائلة "ما يحدث الآن من انتهاكات بحق المرأة جديدة على المجتمع المصري، ولم تحدث في عهد جمال عبد الناصر بهذا الشكل"، موضحة أن القائمات بالتوثيق في الحركة حصرن نحو 500 معتقلة في السجون، وهذا العدد قليل عما هو موجود على أرض الواقع، المعتقلات اللاتي يقبعن في السجون ليوم أو يومين لا يتم حصرهن، بالإضافة إلى أننا لم نستطع الوصول إلى كافة المعتقلات في المحافظات.
وتوضح عضو حركة "نساء ضد الانقلاب" أن أكثر المواقف التي أثرت فيها ورأتها بعينها هي حالة المعتقلة أماني التي دخلت السجن وكانت تعاني من تعب بسيط في الغضروف وخرجت وهي تعاني من شلل رباعي ولم تكن وقتها قد عُرضت على النيابة بعد وتم احتجازها بالقسم، رغم أن التقرير الطبي أكد ضرورة وجودها بالمستشفى.
وتشير إلى أنهم لم يستطيعوا معالجتها، لافتة إلى أنه بعد الإفراج عنها وجدوا آثار حروق في جسدها اكتشفنا أنها كانت يغمى عليها أثناء تعرضها للتعذيب الشديد ويقوم رجال الأمن بإطفاء السجائر في جسدها حتى تفيق.
التواطؤ مع الانقلاب
ومن جانبه يؤكد هيثم أبو خليل -مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان- المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة يتقاضى قاداته رواتب هائلة من الضرائب التي يدفعها كافة المصريين، وهذه المنظمات بالفعل تحاول التشويش وتضليل الرأي العام بحيث لا تعبر عن آلام المرأة والأطفال مئات الأحرار خلف القضبان.
ويضيف "عقد المجلس القومي الأيام الماضية برعاية رئيس المجلس بعنوان "تنمية المرأة السيناوية" ولا يمت لها بصلة"، متهكما –أي تنمية للمرأة السيناوية وهي تعاني معاناة حقيقة وهناك فيديوهات موثقة توضح أن طائرات الأباتشي التابعة للجيش تقصف بيوتها ولا تعيش في أمان.
ويتابع أبو خليل قائلا: "مئات الحرائر اللاتي خرجن من السجون يحكين عن انتهاكات مفزعة حدثت معهن"، مشيرا إلى أن كافة المنظمات النسوية متواطئة مع الانقلاب صنعها مبارك وتسير هذه الأيام على خطاه.