أكدت دراسة بعنوان: “العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد “طوفان الأقصى”” نشرها موقع الشارع السياسي، أن للعدوان العسكري الجوي والبري والبحري على غزة تعلوه 6 أهداف أساسية هي بحسب الدراسة:
1- استعادة الردع المفقود:
ذكرت الدراسة، إن الكيان يسعى إلى استعادة هيبة الجيش والمؤسسات الأمنية التي انهارت يوم 7 أكتوبر 2023، حيث لا تزال مختلف أشكال الفشل الاستراتيجي والعسكري والاستخباراتي الإسرائيلي ماثلة للعيان، والتي تتمثل في:
الفشل الأول: والذي يمثل الفشل الأكبر للأجهزة الأمنية في إخفاق الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والمخابرات العامة (الشاباك) في توقع العملية، أو الوصول إلى معلومة بشأنها، وأن تبجحها بالقوة والقدرات الاستخباراتية زاد من مرارة الفشل.
الفشل الثاني: كان هشاشة الجدار الأمني الذي بنته إسرائيل حول غزة، وراهنت على قدرته في منع المقاتلين الفلسطينيين من اختراقه، حيث تمكن مقاتلو حماس من اختراقه والعبور من خلاله بأعداد كبيرة إلى أكثر من 20 موقعا.
والجدار الأسمنتي المسلح على طول حدود القطاع البالغة نحو 65 كيلومترا، بعمق 7 أمتار في باطن الأرض، و7 أمتار فوقها، نصب الكيان فوقه أحدث أجهزة الرقابة الإلكترونية، وأبراج مراقبة في مواضع مختلفة.
الفشل الثالث: إخفاق جيش الاحتلال في حماية قاعدته العسكرية قرب الحدود الشمالية لغزة؛ وسيطرت حماس على مقر قيادة فرقة غزة وقاعدة يركون للاستخبارات العسكرية (أمان) وسيطرت على العديد من النقاط العسكرية وأبراج المراقبة الممتدة على طول الحدود، وعلى أكثر من 20 مستوطنة في غلاف القطاع داخل ما يسمى الخط الأخضر، وزاد المرارة أن حركة مقاومة في قطاع غزة الصغير والمحاصر منذ سنة 2007 هي من نفذت هذا الاختراق.
الفشل الرابع: شل قدرة الجيش على اتخاذ القرار والتجاوب مع متطلبات الوضع الأمني والعسكري بصورة فعالة وسريعة، حيث إنها فشلت في التدخل سريعا لاستعادة المواقع العسكرية والمستوطنات التي سيطر عليها المقاتلون الفلسطينيون، وظلوا يتحركون فيها لمدة لا تقل عن يومين، بينما يستغيث المستوطنون الذين كانوا يختبئون في أجزاء منها.
وامتد الارتباك إلى مؤسسات الدولة الأخرى التي أقعدتها صدمة الهجوم عن التعاطي سريعا مع نتائجها، بما في ذلك الوصول المتأخر إلى القتلى والجرحى، والفشل في تقديم المعلومات الأولية لأهالي القتلى والجرحى والمفقودين، حتى بعد مرور عدة أيام على بدء العملية.
وقالت: إن “الاحتلال سعى إلي تلقين الفلسطينيين درسا لا يُنسى على تجرؤهم على مقاومته وإذلالهم من خلال إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وارتكاب المجازر المتتالية ضد المدنيين، في إطار ما أصبح يعرف في الأدبيات الإسرائيلية بـ “كي الوعي”.
ورأت أن استعادة إسرائيل قدرتها على الردع، ليس فقط في مواجهة فصائل المقاومة في غزة، بل وأيضا في مواجهة خصومها في لبنان، وإيران، وبقية المنطقة.
2- تحرير الأسرى الإسرائيليين:
الدراسة قالت: إن “حكومة الاحتلال تجنبت وضع قضية الأسرى والرهائن بوصفها جزءا من أولويات الحرب، وتم تجاهل هذا الملف لنحو أسبوعين، ولم يعقد نتنياهو جلسة مع عائلات الأسرى والرهائن إلا بعد أن فعلها الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
وأضافت أن أمريكا هي من دفعت لذلك حكومة الاحتلال كأحد أهداف الحرب المركزية.
وأشارت إلى أن هناك اختلافا داخل حكومة الاحتلال حول تحقيق هذا الهدف عبر تبني الخيار الدبلوماسي تحريرهم عبر صفقة تبادل أسرى أم عبر تبني الخيار العسكري تحريرهم عبر عملية عسكرية.
وأوضحت أن بدأ إسرائيل العملية البرية، لا يعني ذلك أنها لا تجري مباحثات من أجل عقد صفقة، ولكنها تضغط عسكريًا لتكون شروط الصفقة بحسب مطالبها وليس بحسب مطالب حركة حماس، مرجحة أن إسرائيل لن تقبل صفقات عديدة، بل صفقة واحدة وبشروطها لتغلق هذا الملف.
3- القضاء على حماس عسكريا وسياسيا
وأكدت الدراسة أن إجماع إسرائيلي عز نظيره على هذا الهدف، بل إنه تعزز بتأييد أميركي وغربي علني، انطلاقا من وجود رواية متوافق عليها بأن “حماس” تساوي “داعش”، وما حصل مع الأخيرة في الموصل والرقة يجب أن يتكرر مع الحركة في غزة.
وأضافت أن ما يسعون له؛ ضرب القدرات العسكرية لحركة حماس على نحو لا يجعلها قادرة على تهديد الاحتلال مرة أخري، ويشمل ذلك شبكات الأنفاق بشقيها الهجومية؛ المنتشرة على حدود غزة الشرقية والشمالية والدفاعية؛ المنتشرة في أنحاء قطاع غزة.
وأوضحت أن الاحتلال يستهدف؛ ضرب منصات إطلاق الصواريخ ومراكز السيطرة والتحكم، وربما يسعى؛ إلى استنزاف الترسانة الصاروخية لدى المقاومة، وإفقادها ما لديها من قدرات تهدد بها الاحتلال، وصولا لاغتيال القيادة السياسية والعسكرية بالأخص لـ”حماس” دون تفرقة.
ويستهدف من المتابعات اليومية؛ ضرب القدرة الحكومية لحماس في غزة، بقصف كل المقار الوزارية والبنوك المصرفية والمؤسسات السلطوية مثل؛ المقر العام لمجلس الوزراء ومراكز الشرطة، مما يفقد الحركة القدرة على إدارة الوضع في القطاع فترة طويلة من الزمن بعد انتهاء الحرب.
وأشارت الدراسة لسعى الاحتلال إلى الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة، بأشد وأقسى، لا سيما وأن أعداد الشهداء في تصاعد متسارع، وإقدامه على قصف المنازل على رؤوس أصحابها سياسة جديدة، بالإضافة إلى كونها لا تشمل بيوت قادة المقاومة من الصف الأول، بل إن القصف يستهدف منازل كوادر من الصفوف الوسطى.
4- بناء منطقة أمنية عازلة:
واستعرضت الدراسة تقديرات وآراء إسرائيلية على الاحتفاظ بمنطقة عازلة داخل القطاع بعمق 2-3 كيلومترات، وتكون هذه المنطقة فارغة من السكان وتقع تحت السيطرة الكاملة للاحتلال، وهو نموذج جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل من لبنان.
واستدلت برأي عاموس يادلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، الذي أضاف للمنطقة الأمنية بعمق 1-2 كيلومتر داخل القطاع؛ السيطرة على “محور فيلادلفيا” الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، لمنع تهريب السلاح للقطاع.
واسترشدت بما ذكره جدعون ساعر، الوزير المعين حديثا في حكومة إدارة الحرب، من أن غزة ستصبح أصغر حجما في نهاية الحرب، بعد أن تنتهي من حماس، ستبقى قواتها بغرض شن غارات متكررة لقمع جيوب المقاومة.
ورأت الدراسة أن ما يسير وفق هذا المخطط احتلال الجيش الصهيوني ثلث غزة، وفصل الشمال عن الجنوب، وتهجير 1.6 مليون مواطن وفق الصليب الأحمر، وصولا إلى فتح حرب على المستشفيات من أجل إغلاقها، واستكمال عملية التهجير، وتدمير الشمال تدميرًا كاملًا، فضلا عن التجويع والحصار الخانق، وعجز العرب والعالم عن إدخال المعونات الإنسانية الممنوع وصولها إلى الشمال، تمهيدا لجعله كله أو أجزاء واسعة منه منطقة أمنية عازلة.
5- تهجير سكان غزة:
واستندت الدراسة إلى وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية سربت في 13 أكتوبر 2023، على نقل السكان المدنيين من غزة إلى مدن من الخيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد، بالإضافة إلى إنشاء منطقة أمنية لمنع النازحين الفلسطينيين من العودة إلى قطاع غزة.
واستدلت الدراسة بمقترحات الوثيقة عن وجهات محددة للنازحين الفلسطينيين (المفترضين)؛ مثل تركيا وقطر والسعودية والإمارات، حيث اقترحت الوثيقة أن توفر هذه الدول الدعم للخطة إما ماليا، أو من خلال استقبال سكان غزة المهجرين كلاجئين، وعلى المدى الطويل كمواطنين.
وأوضحت أن مكتب نتنياهو قلل من أهمية الوثيقة باعتبارها “ورقة مفاهيمية”، يتم إعداد أمثالها على جميع مستويات الحكومة وأجهزتها الأمنية، إلا أن هناك عددا من التقارير الغربية أكدت قيام إسرائيل سرا بحشد الدعم الدولي لإعادة توطين مئات الآلاف من سكان قطاع غزة في بعض الوجهات التي تم الإشارة إليها في المخطط السابق.
وأشارت ضمن السياق إلى تصريحات عن وزير الطاقة الإسرائيلي، (وزيرا للخارجية اعتبارًا من يناير 2024)، يسرائيل كاتس، الذي دعا في 23 أكتوبر 2023، إلى إدخال سكان القطاع إلى سيناء وتسكينهم، وتصريحات متحدث الجيش كولونيل ريتشارد هيشت، في 10 أكتوبر، لصحفيين أجانب: “أعلم أن معبر رفح على الحدود بين غزة ومصر لا يزال مفتوحا، وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك”.
وحذرت الورقة من أن التهجير سيتحول إلى حالة مكرسة كما حدث مع اللاجئين الفلسطينيين عام 1948، على الرغم من القرارات الدولية التي تنص على عودتهم وأن هذا السيناريو يمنع عودة حركة حماس أو تنظيمات أخرى إلى إعادة بناء نفسها من جديد، ويشكل حالة ردع عميقة للجبهات الأخرى، وأن به لن تضطر إسرائيل إلى تحمل تكلفة السكان الاقتصادية والمدنية بعد تهجير أغلب السكان.
وحذرت أيضا من أن التهجير ينهي القضية الفلسطينية وحصرها في الضفة الغربية، حيث توجد السلطة الفلسطينية، التي يسهل إدارة الصراع معها كما هو الحال الآن.
6- تهرب القادة الإسرائيليين من المحاسبة:
واستعرضت الدراسة كيف أن الحرب وإطالة أمدها خدمت بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يواف غالانت وقادة المؤسسة العسكرية والأمنية، وخاصة رئيس الأركان العامة ورئيس الاستخبارات العسكرية (أمان) ورئيس المخابرات العامة (الشاباك) ورئيس الموساد وقائد سلاح الجو وقائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، باعتبارهم مسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر.
وأكدت أن الحرب وإظهار الدمار الهائل الذي يلحقه الجيش الصهيوني بقطاع غزة، قد يشبع غريزة الانتقام لدى الإسرائيليين، ويخفف من نقمتهم على المسؤولين عن التقصير والفشل.
https://politicalstreet.org/6238/