بعد اختفاء السكر والأرز..انفلات أسعار في الأسواق المصرية والانقلاب مشغول بمهزلة الانتخابات

- ‎فيتقارير

 

 

تشهد الأسواق المصرية حالة غير مسبوقة من انفلات الأسعار خاصة بعد أزمة اختفاء السكر وارتفاعه ليصل إلى 52 و55 جنيها للكيلو في بعض الأماكن، وارتفاع سعر كيلو الأرز إلى 44 جنيها في الوقت الذى يسخر فيه نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي كل جهود أجهزة الدولة لتأدية مسرحية انتخابات الفنكوش والتي تسمح للسيسي بتمديد انقلابه 6 سنوات جديدة .

بينما شهدت أسعار السجائر، ارتفاعات غير مسبوقة مع ندرة المعروض منها، ليصل سعر بيعها في السوق السوداء إلى 130 جنيها.

ولم يتوقف الأمر عند أسعار السجائر والسكر والسلع الغذائية، بل وصل إلى الحديد والأسمنت، حيث زادت أسعار الأسمنت إلى 3000 جنيه للطن في الوجه البحري، والقبلي مستقرة عند 2100 جنيه، بينما الحديد يتراوح سعر الطن بين 42 ألف جنيه و43 ألف جنيه مع اختلاف الأماكن.

وفي سوق الذهب يقترب سعر الجرام عيار 21 الأكثر انتشارا من حاجز الـ3200 جنيه مع زيادة شكاوى المواطنين من عدم التزام محال الصاغة بالسعر المعلن بالبورصة المحلية.

أما بالنسبة لسوق السيارات وقطع الغيار فهو من سيء لأسوأ، بعد وقف عمليات الاستيراد منذ 2022، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى 200% على بعض الفئات خلال العامين الماضيين، بخلاف أزمة الأوفر برايس والتي وصلت إلى 100 ألف جنيه.

ويواجه سوق الأجهزة الكهربائية ارتفاعات بقيمة 2000 جنيه على السلع المنزلية مثل الثلاجات والغسالات والتليفزيون والبوتاجاز، بعد تخطي سعر الدولار في السوق السوداء حاجز الـ50 جنيها بجانب انتشار ظاهرة الأوفر برايس لأول مرة مع ندرة المعروض، وهو الأمر الذي زاد من حدة الأزمة.

وعلى صعيد الهواتف المحمولة، وصلت أسعار الموبايلات الفئة المتوسطة إلى 15 ألف جنيه، بينما الفئة الاقتصادية تتراوح بين 4 و7 آلاف جنيه، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع المبيعات في السوق بنسبة 60%.

 

انفلات مستفز

 

حول أسباب الأزمة قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر: إن “اختلاف الأسعار من مكان لآخر وبين سوق وآخر والمحال وبعضها، وبين شركة وأخرى وكذلك المصانع أمر طبيعي؛ لأن السوق المصري حر، ويحكمه قانون العرض والطلب”.

وأضاف «فهمي» في تصريحات صحفية أن اختلاف الأسعار يحدث حتى بين البنوك وبعضها، حيث يضع البنك المركزي قيمة 10 قروش تختلف فيها البنوك سواء انخفاضا أو ارتفاعا، لافتا إلى أن ذلك يخلق نوعا من الحافز بين البنوك وبعضها.

واعتبر أن ما يحدث في السلع الأساسية مثل السكر، أمر غير مبرر وانفلات بسبب جشع التجار وغياب للدور الرقابي لحكومة الانقلاب، مؤكدا أن السكر يباع بسعرين أو 3 في المكان الواحد ووصل إلى 52 جنيها، وليس موجودا في السوق وهو ما يؤدي إلى التكالب على شرائه بأي سعر .

وأشار «فهمي» إلى أن الأزمات التي تواجهها مصر في المنطقة من حروب ليس معناها لعب التجار في الأسعار وحدوث انفلات بهذا الشكل المستفز للمواطن المصري رغم تقديره للظروف التي تمر بها البلاد، متسائلا، أين الدور الرقابي لحكومة الانقلاب وجهاز حماية المستهلك والطوارئ الخاصة بالمحافظين لضبط محتكري الأسواق؟ .

وأكد أن أمر التسعير الجبري على جميع السلع يصعب تنفيذه، لأنه يخلق سوقا سوداء، لافتا إلى أنه ينفذ فقط على مستوى المنافذ الحكومية مثل أمان ووزارة الزراعة والمجمعات الاستهلاكية.

وكشف «فهمي» أن هناك ظواهر يشهدها السوق بشكل علني وغير مخفي، كما كان يحدث في السابق مثل الأوفر برايس على المحمول والأجهزة الكهربائية، والذي أصبح يصدر بها قوائم بجانب الفواتير، والسوق السوداء للسجائر والسلع الأساسية؛ مشددا على ضرورة أن تكون هناك وقفة قوية لحماية المواطنين من هذا الجشع.

 

تعطيش السوق

 

وقال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد المساعد بالأكاديمية العربية للنقل البحري: إن “ضعف الدور الرقابي على السوق، هو الأساس في انتشار الانفلات في الأسعار، وعدم وجود سعر موحد لأي سلعة”.

وأضاف «الإدريسي» في تصريحات صحفية أن جشع التجار لن ينتهي إلا في حالة وضع عقاب رادع للمخالفين، موضحا أن الاقتصاد المصري في زمن الانقلاب يمر بأزمات، وهو ما يدفع البعض لاستغلاله لجني أرباح ومكاسب على حساب المواطن.

وأشار إلى أن السوق خلال الفترة الحالية، يشهد ممارسات احتكارية غير مسبوقة، بالإضافة إلى سياسات التخزين لتعطيش السوق، وظهور السوق السوداء، وتقييم للسلع بشكل أعلى من قيمتها العادلة.

وأكد «الإدريسي» أن هناك الكثير من العوامل المساعدة على استغلال التجار وتحقيق أرباح مبالغ فيها منها سعر الدولار في السوق الموازي والذي تخطى سعر الـ53 جنيها في بعض الأماكن، بجانب قلة مستلزمات الإنتاج وانخفاض الاستيراد وتكدس البضائع في الموانئ .

وأوضح أنه بعد فرض ضرائب على السجائر وصل سعرها إلى 79 جنيها منتصف شهر نوفمبر، ثم تفاجأنا بعدم وجودها في أي مكان وبيعها في السوق السوداء فقط وبسعر 130 و140 جنيها.

وكشف «الإدريسي» أن المخالفين أصبحوا يمارسون تجارتهم في العلن حتى تجار العملات الأجنبية، دون رقيب أو محاسب؛ مشددا على ضرورة البدء بحل مشكلة الدولار، لأنها شماعة المستغلين لرفع السلع والخدمات في الأسواق .

ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار في سوق الحديد والأسمنت، جاء نتيجة الاحتكار، حيث هناك حوالي 5 منتجين في القطاعين، مؤكدا أنه عند رفع الأسعار أو خفضها يكون ذلك بالاتفاق مع جميع المصانع والشركات، بالإضافة إلى أنه يكون دفعة واحدة .

 

تسعير حاكم

 

وطالب المهندس مصطفى النجاري رئيس لجنة الأرز والحبوب بالاتحاد العام للغرف التجارية، حكومة الانقلاب بوضع تسعير حاكم للأرز يمنع احتكاره أو تخزينه من قبل التجار، مشيرا إلى أن قرار الهند بوقف تصدير الأرز كان له تأثير على دول أخرى تليها فى الإنتاجية مثل تايلاند وفيتنام وباكستان .

وقال النجاري في تصريحات صحفية إن الإنتاج العالمي من الأرز الأبيض يصل إلى 505 ملايين طن، بينما يبلغ العجز 8 مليون طن من الأرز هذا العام، موضحا أن التأثير على السوق المصرية لن يكون كبيرا فى ظل إنتاج سنوى جيد هذا العام من الأرز محليا يكفي لعامي 2023 و 2024.

 

وأوضح أنه في ظل وقف روسيا لاتفاقية تصدير الحبوب من أوكرانيا، والتي تشمل القمح والذرة باعتبارها أهم السلع الغذائية، يجب أن تسعى الدول لخلق تكامل من سلة الغذاء بقدر المستطاع، وألا تتوقف عند تراجع سلعة في حالة تمكنت من توفير سلعة أساسية بديلة، لافتا إلى أن الهند سمحت بمرور أي شهادات تصدير للأرز قبل إصدار قرار الحظر حتى 31 أغسطس الماضي، والتي تقدر بنحو مليوني طن من الأرز، كما ستعيد النظر للدول الأكثر احتياجا والتي قد يسبب وقف تصدير الأرز لها أزمة كبيرة في الأمن الغذائي.