دراسة: زيادة الرسوم القضائية  لإرضاء صندوق النقد الدولي تدمر العدالة والمجتمع

- ‎فيتقارير

 

في الوقت الذي تسارع حكومة  الانقلاب الزمن للحصول على مزيد من القروض والديون الدولية ،  توسعت الحكومة عبر أوامر قضائية غير قانونية في فرض رسوم جديدة وزيادة الرسوم المعمول بها، في المحاكم وإجراءات التقاضي، وذلك من أجل جمع الأموال، وفق مقتضيات واشتراطات صندوق النقد الدولي، ، وهو ما حال بين الكثير من المواطنين والذهاب للمحاكم، طلبا للعدالة، وهو ما اعتبرته دراسة قانونية حديثة بأنه أمر غير مشروع يدمر المجتممع ويقتل العدالة.

وأصدرت مؤسسة دعم العدالة بالمركز العربي لاستقلال القضاء، التي يرأسها المحامي الحقوقي ناصر أمين، مذكرة بدراسة قانونية بعنوان تسليع العدالة، انتهاك الحق في الوصول للعدالة، كشفت خلالها اتخاذ الحكومة قرارات مخالفة للقانون، والدستور بغرض إرضاء صندوق النقد الدولي.

 

وتناولت المذكرة، مفهوم الرسوم القضائية والمرجعية الحقوقية للحق في التقاضي والوصول للعدالة، كما تناولت القواعد الدستورية والقانونية للرسوم القضائية، واستعرضت أمثلة من الزيادات غير المشروعة للرسوم القضائية منذ عام 2018، والتي فرضت بقرارات إدارية من رؤساء المحاكم ورؤساء النيابات بتعليمات من الحكومة، بالمخالفة للدستور والقانون، والتي تنتهك حق المواطنين في الوصول للعدالة والإنصاف.

إرضاء الصندوق

 

وتضمنت المذكرة رصدا هاما لملف ممارسات الحكومة في زيادات الرسوم، جاء فيه أن رغبة الحكومة كانت واضحة في زيادة الرسوم القضائية، كإحدى وسائل جمع الأموال للخزانة العامة، بعد تبنيها الكامل لبرنامج صندوق النقد الدولي، فلا خدمة دون ثمن حتى لو كان الحق في العدالة نفسه، ذلك الحق المفترض أن يكون مجانيا أو برسوم رمزية، مبرزة أن الحكومة حاولت أكثر من مرة سلوك الطريق الطبيعي لزيادة الرسوم، عن طريق تعديل قانون الرسوم بحيث تكون الزيادة دستورية، والمحاولة الأولى كانت عام 2015، بإعداد مشروع قانون مضمونه، وضع طابع دمغة قيمته عشرة جنيهات على كل ورقة قضائية، وواجه هذا المشروع اعتراضات واسعة خاصة من المحامين”.

 

وذكرت المذكرة، أن المحاولة الثانية كانت عام 2018، بإعداد مشروع قانون شامل لتعديل قانون الرسوم القضائية، وقدم المشروع بالفعل إلى البرلمان بعد موافقة مجلس الوزراء عليه، لكن المشروع لم يصدر نتيجة مواجهة نفس الاعتراضات، خاصة أن المشروع جاء في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، وكانت الزيادات المطروحة تشكل عقبة كبيرة أمام حق التقاضي”.

 

زيادة الرسوم خارج إطارالقانون

 

وأوضحت المؤسسة أن الحكومة لجأت إلى تحقيق هدفها بزيادة الرسوم بطرق خارج القانون، وذلك عن طريق صدور قرارات إدارية من رؤساء المحاكم، ورؤساء النيابات، وفرض تلك الرسوم على المتقاضين بالمخالفة للدستور، وشملت الزيادات فرض رسوم على الكثير من الإجراءات القانونية التي كانت مجانية، وتختلف تلك الرسوم من محكمة لأخرى، بحيث يصعب رصدها جميعا. 

ورصدت المذكرة أمثلة لأهم تلك الرسوم المفروضة إداريا بالمحاكم وهي رسم التصوير بقيمة 5 جنيهات لكل ورقة، وأصلها طبقا للقانون بقيمة من 30 إلى 50 قرشا بحد أقصي 100 جنيه، وفرض رسوم على مراجعة حوافظ المستندات من 10 إلى 20 جنيها للورقة الواحدة بحسب درجة التقاضي، ورسم بحث في جداول القضايا بقيمة 5 جنيهات، ويزيد الرسم بمعدل 5 جنيهات عن كل سنة من سنوات البحث، ودفع أتعاب المحاماة مقدما بقيمة 75 جنيها عن كل دعوى، وكانت تدفع من خاسر الدعوى طبقا للقانون، وتقدر بالحكم الصادر، ورسم الصور ذات العلامة المائية المميكنة وقيمته 5 جنيهات، و2 جنيه رسم تنمية، ويزيد الرسم بحسب سنوات البحث، كما يختلف الرسم من محكمة لأخرى بحسب قرارات رؤساء المحاكم، ورسم بقيمة 7% على دعاوى التعويض التي يحكم برفضها، ونموذج لرسم الحصول على صورة حكم، يلاحظ إضافة رسم ميكنة 212 جنيها، رغم عدم استخدام الخدمة.

صعوبات إجرائية

 

وأوضحت المذكرة أن أغلب تلك الرسوم كانت مجانية، مثل مراجعة حوافظ المستندات، والبحث في الجداول، وكانت أسهل، وأسرع كثيرا مما هو عليه الوضع حاليا، فقد توافقت زيادة الرسوم مع إجراءات تستغرق الكثير من الوقت الذي لا يحسب في التكلفة، على سبيل المثال، الكشف عن قضية في جدول القضايا كان يستغرق دقائق أما الآن فيستغرق أياما.

 

انتهاك حق التقاضي

 

وانتهت الدراسة إلى أن زيادة الرسوم القضائية بمصر هي انتهاك صارخ لحق التقاضي المقر بالمواثيق الدولية، والدستور المصري 2014، ومخالفة صريحة للقانون، وتعد زيادة الرسوم بقرارات إدارية لرؤساء المحاكم والنيابات، غير شرعية، ومخالفة جسيمة للدستور والقانون، وتمثل انتهاكا لحق الوصول للعدالة، وتمثل تلك السياسة غير المشروعة، انتهاكا لحق الفقراء في التقاضي، بوضع عقبات تحول بينهم وبين الوصول للعدالة والإنصاف القضائي.

 

 

تدمير المجتمع ونشر العنف

 

إلى ذلك يرى مراقبون أن زيادة تعسير إجراءات التقاضي القانوني وإغلاق باب العدالة الميسرة للمصريين تدفع الكثيرين نحو استخلاص حقوقهم بعيدا عن دوائر القانون والتقاضي، مما يهدد بنشر العنف والعشوائية وزيادة نسب الجريمة بالمجتمع المصري، وهو ما يدمر أواصر المجتمع المصري، ويقلص المعاملات المجتمعية وسيادة قيم العزلة والانتهازية والبلطجة في أحيان كثيرة.

 

وكل ذلك من أجل أن يحصل نظام المنقلب السفيه السيسي على قروض من صندوق النقد الدولي والدائنين لاستكمال مشاريعه الفنكوشية الفاشلة، التي تزيد الديون ولا تعود على الاقتصاد بأي نتيحة ، سوى الفشخرة والتباهي بالأبراج والمدن الجديدة التي لا يسكمها سوى الأشباح، إذ لا يقدر على تكلفتها سوى أعداد يسيرة جدا من المصريين، وأكثرها دراسات جدوى ،التي لا يؤمن بها السيسي، الذي يعتمد على الفهلوة.