قدمت مصر اقتراحا لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وفقا لمصادر مجهولة استشهدت بها عدة وسائل إعلام إقليمية وإسرائيلية ودولية بحسب ما أفاد موقع “مدى مصر”.
ويتضمن الاقتراح الأولي ثلاث مراحل، بحسب التقارير، بما في ذلك وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح المزيد من السجناء، والتحضير للانتخابات الفلسطينية، وفي نهاية المطاف وقف دائم لإطلاق النار وصفقة أكبر لتبادل الأسرى.
وعلى الرغم من اختلاف التقارير فيما يتعلق بتفاصيل كل مرحلة، فإن بعض الجوانب واضحة.
وستشهد المرحلة الأولى هدنة لمدة أسبوعين قابلة للتمديد تشمل إطلاق سراح 40 امرأة وطفلا ورجلا مسنا إسرائيليا محتجزين في غزة، ولا سيما أولئك الذين يعانون من حالة صحية سيئة، مقابل 120 فلسطينيا من نفس الوصف، وذكرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مدة الهدنة المقترحة ستكون ثلاثة أسابيع.
وينص وقف إطلاق النار المؤقت المقترح على وقف قصف الاحتلال، وسحب دباباته، ونقل المساعدات الإنسانية والوقود جوا إلى غزة، ونقلت بلومبرغ الشرق عن مصادر مطلعة على المحادثات في القاهرة مع حماس وصف تفاصيل المرحلة الأولى، في حين نقل مراسل أكسيوس باراك رافيد عن مسؤول إسرائيلي وصف التفاصيل نفسها.
أما المرحلة الثانية، التي تنطوي على إطلاق سراح المعتقلين الإسرائيليين الذين قتلوا في غزة مقابل الفلسطينيين الذين قتلوا في سجون الاحتلال، فقد وصفها رافيد ووسائل إعلام إسرائيلية ومسؤول مصري مجهول تحدث إلى وكالة أسوشيتد برس، ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن 20 سجينا إسرائيليا محتجزين في غزة ماتوا أو قتلوا في الأسر.
اتفاق الحوكمة هو عنصر آخر من عناصر الاقتراح المشاع، ويقال: إن “مصر ستشارك في إقامة حوار بين الفصائل الفلسطينية يؤدي إلى تشكيل حكومة فلسطينية موحدة مكونة من خبراء لإدارة كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وستشرف هذه الحكومة على تدفق إمدادات المساعدات وجهود إعادة الإعمار إلى أن يتم إجراء الانتخابات في فلسطين، لكن بعض التقارير، بما في ذلك رويترز التي نقلت عن مسؤولين مصريين، ورافيد، قالت إن حل الحكم سيبعد حماس عن القيادة. وسعت مصر على مدى السنوات الأخيرة للتوسط في مصالحة بين الفصائل الفلسطينية المنقسمة بشدة من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات وطنية لكن المحادثات تعثرت عدة مرات بسبب خلافات”.
وأخيرا، وقف دائم لإطلاق النار يتضمن الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وعودة الفلسطينيين المهجرين إلى ديارهم في غزة، وإطلاق سراح بقية الإسرائيليين، بمن فيهم جنود الاحتلال، مقابل إطلاق سراح عدد من الفلسطينيين المحتجزين في سجون الاحتلال، لم يتم الاتفاق بعد على شروط الإفراج الدقيقة، لكنها تشمل حتى الآن أولئك الذين حكم عليهم بأحكام طويلة بإدانات خطيرة وأولئك الذين اعتقلوا بعد 7 أكتوبر، وفقا لرافيد ، سيتم إطلاق سراح 6000 فلسطيني.
وتأتي التقارير عن الاقتراح بعد أن أمضى الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أربعة أيام في القاهرة الأسبوع الماضي لمناقشة وضع المعتقلين، ودخول المساعدات الإنسانية، وإعادة إعمار غزة، وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، من بين قضايا أخرى تتعلق بقطاع غزة، وفقا لمصادر مطلعة نقلتها بلومبرج الشرق الإخبارية يوم السبت.
ووفقا لمسؤول مصري نقلته وكالة أسوشيتد برس، تم وضع تفاصيل الاقتراح مع قطر – الوسيط الرئيسي الآخر بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال – قبل تقديمها إلى كلا الجانبين، وكذلك إلى الحكومتين الأمريكية والأوروبية.
ونقلت صحيفة الشرق الإخبارية يوم الأحد عن مصادر مطلعة قولها: إن “الوفد الذي يقوده هنية وعد بمناقشة الاقتراح المصري مع مكتبه السياسي في الدوحة ومع جناحه العسكري كتائب القسام. وورد أيضا أن الوفد كرر المطالبة بالإفراج عن جميع الفلسطينيين المحتجزين في سجون الاحتلال مقابل إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وأصر على أنهم لن يستأنفوا المفاوضات مع الاحتلال حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار”.
على الجانب الآخر، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن مجلس الحرب الإسرائيلي ناقش الاقتراح المصري يوم الاثنين.
كيف ردت فصائل المقاومة؟
ونقلت رويترز يوم الاثنين عن مصادر أمنية مصرية قولها: إن “حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين رفضتا اقتراحا مصريا بالتخلي عن السلطة في قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار”.
ونفت حماس رفض الاقتراح، وقال عزت الرشق، عضو مكتبها السياسي: إنها “ليس لديها علم بالمعلومات التي نشرتها رويترز”.
وقال بيان صادر عن زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، نشرته قناة الجزيرة في البداية يوم الاثنين ولكن تم حذفه لاحقا من صفحة المنفذ القطري: إن “مقاتلي القسام في غزة دمروا جيش الاحتلال، ولن يخضعوا لشروطه”.
وشددت رسالتان أخريان من السنوار، نقلتهما بلومبرغ الشرق، على أن مقاتلي القسام “لديهم القدرة على مواصلة القتال لأشهر أخرى، ولكن أيضا حماس منفتحة على جميع المقترحات لإنهاء عدوان الاحتلال، وخاصة من مصر وقطر”.
كما أكد مسؤولو حماس بشكل صارم أن وقف العدوان الإسرائيلي هو شرط مسبق لأي صفقة لتبادل الأسرى.
ونقلت رويترز عن عضو في وفد حماس إلى القاهرة قوله: “بعد وقف العدوان وزيادة المساعدات نحن مستعدون لمناقشة تبادل الأسرى”.
وقال زعيم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة، الموجود حاليا في القاهرة للتحدث مع المسؤولين المصريين: إن “أي تبادل للأسرى يجب أن يستند إلى مبدأ الكل مقابل الكل، أي إطلاق سراح جميع السجناء في غزة لجميع الفلسطينيين المحتجزين في دولة الاحتلال، ووضع حد دائم للعدوان الإسرائيلي على غزة كشرط مسبق لمزيد من المفاوضات” وفقا لرويترز.
ونقلت صحيفة الشرق الإخبارية عن مصادر يوم السبت قولها: إن “الحركة أظهرت مزيدا من المرونة فيما يتعلق بخطة الحكم في غزة بعد الحرب، ونقل المنفذ عن مسؤول في حماس في نوفمبر قوله إن الحركة تؤيد تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تكون مسؤولة عن توفير الإغاثة لسكان غزة وإعادة بناء القطاع، مضيفا أن مثل هذه الحكومة يجب أن تتشكل بتوافق وطني”.
ولكن، كما أشارت مصادر لبلومبيرغ الشرق، من المرجح أن تعيد مصر إطلاق الحوار الوطني الفلسطيني إلا بعد تشكيل الحكومة المذكورة أعلاه، موضحة أن القاهرة تدرك أن إطلاق الحوار الفلسطيني الفلسطيني الآن قد يواجه عقبات وخلافات بشأن البرامج والمحاصصة وغيرها، مما قد يؤخر إطلاق عملية إعادة الإعمار والإغاثة والمأوى في قطاع غزة”.
كيف رد الاحتلال؟
وبحسب ما ورد كان من المقرر أن يناقش مجلس الحرب الإسرائيلي الاقتراح يوم الاثنين، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كرر في بيان متلفز مساء الأحد موقفه بأن الحرب لن تتوقف حتى يتم القضاء على حماس.
وقال نتنياهو:”سنواصل القتال حتى النصر الكامل على حماس. هذه هي الطريقة الوحيدة لإعادة الرهائن، للقضاء على حماس، وضمان أن غزة لن تشكل تهديدا لإسرائيل، على الرغم من اعترافه بالخسائر الفادحة جدا التي تكبدها الجيش منذ بدء الهجوم البري على غزة”.
في مقال نشر يوم الاثنين في صحيفة وول ستريت جورنال، حدد نتنياهو ثلاثة شروط إسرائيلية مسبقة لإنهاء الحرب على غزة: “يجب تدمير حماس، يجب نزع سلاح غزة، ويجب نزع التطرف من المجتمع الفلسطيني”.
وفيما يتعلق بنزع السلاح المقترح بعد الحرب، قال: إنه “سيتطلب إنشاء منطقة أمنية مؤقتة على محيط غزة وآلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع”.
لكن نيتينياهو يواجه ضغوطا في الداخل، ونظمت مسيرات مناهضة للحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع في تل أبيب، داعية إلى التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة، الذين قتل العديد منهم جراء القصف العدواني للاحتلال.
وفي الآونة الأخيرة، قال جيش الاحتلال إنه تم انتشال جثث خمسة أسرى من نفق تحت الأرض في شمال غزة، ونشرت حماس شريط فيديو في الأسبوع الماضي يظهر ثلاثة من الأسرى الذين ماتوا الآن، مع رسالة باللغة العبرية تقول: “أسلحتكم العسكرية قتلت الثلاثة”.
وقال الوزير الإسرائيلي بيني غانتس لعائلات بعض السجناء الإسرائيليين ليلة الأحد إن مقترحات متعددة لإصدارهم مطروحة على طاولة مجلس الوزراء الحربي، بما في ذلك اقتراح مصر، لكنه أشار إلى أنه لم يتم النظر فيها جميعا بجدية، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن أحد الحاضرين في الاجتماع.
كيف استجابت منظمة التحرير الفلسطينية؟
ورفض الاقتراح المصري محمود عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الحكومة المنافسة لحماس في الضفة الغربية، يوم الاثنين.
وقال بيان لمنظمة التحرير الفلسطينية: إن “اللجنة التنفيذية للمنظمة عقدت اجتماعا برئاسة عباس لمناقشة ما نشر في وسائل الإعلام حول مبادرة مقترحة تتحدث عن ثلاث مراحل، بما في ذلك المناقشات حول تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعيدا عن إطار مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين] قبل رفضه”.
رابط التقرير: هنا