دراسة: التهجير ومخاصمة المقاومة أبرزها .. 6 مخاطر رئيسية لتواطؤ السيسي مع أجندة الصهاينة

- ‎فيتقارير

 

حذرت دراسة نشرها موقع (الشارع السياسي) بعنوان “استراتيجية السيسي في التعامل مع حرب غزة، مصالح النظام ومخاطر الأمن القومي المصري” من أن مع الصمت المصري الرسمي تجاه انتهاكات الصهاينة حقوق الفلسطينيين وحدود السيادة المصرية تتفاقم تحديات الأمن القومي المصري، في ظل التمادي الصهيوني الذي قصف الحدود المصرية، وخطط لتهجير الملايين الفلسطينيين إلى سيناء أو إلى داخل المدن المصرية، بل والطلب بتبجح بنشر قوات اسرائيلية على معبر رفح داخل الأراضي المصرية لمراقبة حركة الدخول والخروج إليه.

وتحت عنوان فرعي ” مخاطر التماهي المصري مع الأجندة الإسرائيلية” جمعت الدراسة 6 عناوين لمخاطر لتواطؤ السيسي مع الصهاينة كانت كتالي:

 

1-دفع ملايين الفلسطينيين إلى مصر وفق معادلة التهجير مقابل الأموال.

2-تضارب المواقف المصرية مع المقاومة الفلسطينية يهدد الأمن القومي المصري.

3-عرض السيسي مقترح “دولة فلسطينية منزوعة السلاح” الاضطلاع بأدوار تخدم إسرائيل على حساب الثوابت الفلسطينية.

4-حاجة إسرائيل لدور مصر لموازنة قوة التأثير السياسي لقطر وإيران وتركيا على حركات المقاومة الفلسطينية.

5-تعريض الداخل المصري لأزمات طاقة وكهرباء إثر التلاعب الإسرائيلي بإمدادات الغاز الاسرائيلي.

6-ترتيبات إسرائيلية لما بعد حرب غزة تهدد الأمن القومي المصري.

 

وقالت الدراسة: إن “عدم الحسم السياسي المصري تجاه الجرائم والانتهاكات الصهيونية للحقوق الفلسطينية، والتجاوز على الحدود والثوابت المصرية، سواء بفتح الطريق أمام مخططات التهجير مقابل الأموال، أو عدم الاصرار على إدخال المساعدات بشكل ملائم لإغاثة الفلسطينيين، أو الحفاظ على الحدود المصرية من التعديات الصهيونية، فإن الكثير من المخاطر العديدة تهدد الأمن القومي المصري”.

 


التهجير مقابل أموال


وأشارت الدراسة إلى الصهاينة يضربون لإخلاء شمال غزة، والدفع بأكثر من مليون فلسطيني نحو جنوب غزة، كمرحلة أولية، نحو دفع ملايين الفلسطينيين نحو مصر، وتوطينهم بسيناء ، أو داخل المدن المصرية، ضمن مخططات إسرائيل، وهو ما يمثل تهديدا كبيرا للأمن القومي المصري، علاوة على ما يمثله ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية، وتثبيت واقع مفروض على الفلسطينيين وعلى مصر، التي تتفاقم أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية.


وكان موقع “مدى مصر” المستقل قد أكد في 14 أكتوبر، نقلا عن ستة مصادر إن هناك ميلا داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر لقبول عرض أميركي بقبول توطين فلسطينيي غزة في مساحة من سيناء مقابل حوافز مالية وغيرها.


وفي اليوم التالي 15 أكتوبر 2023، أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” نفس المعلومة حول أن مصر تتعرض لضغوط شديدة لاستقبال لاجئين من غزة، وأن دولا خليجية أغرتها ماليا، لكن السيسي يتخوف من رد الفعل الداخلي.


وأكدت “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين المصريين ناقشوا مقترح توطين 100 ألف فلسطيني من سكان غزة في سيناء فقط من 300 ألف محتمل نزوحهم، وأنه تجري الاستعدادات حاليا لنصب الخيام لهم في مدينتي رفح والشيخ زويد.

تضارب ومخاصمة المقاومة

ونبهت الدراسة إلى خطورة تضارب المواقف المصرية مع المقاومة الفلسطينية، ما يهدد الأمن القومي بسبب تقلبات الإعلاميين والصحفيين الموالين للنظام المصري.

وأضافت أن “معظم وسائل الإعلام المصرية خاضعة للسلطة أو رجالها في عالم الأعمال والإعلام، ما يعني أن مواقف المذيعين تعكس موقف السلطة، وما تريد إيصاله من رسائل غير مباشرة، حيث برزت محاولات مستترة لنقد المقاومة عامة، وحركة حماس خاصة، بعد إبرام حماس هدنة للتهدئة والإفراج المتبادل عن الأسرى، ولم يقتصر الأمر على انتقادات المذيعين، بل امتد إلى الأذرع الإلكترونية.

 

وشددت الدراسة أن التصريحات الرسمية للنظام، تتنافى مع التصريحات الإعلامية للمقربين للنظام والتي غالبا ما تكون هي المعبر الحقيقي عما يريده النظام ولكن لا يستطيع البوح بها، لاعتبارات إقليمية وتقديرات سياسية، فالتصريحات الرسمية مع حقوق الشعب الفلسطيني وضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، إلا أنه في الخفاء يجري حديث آخر، كشفت عنه صحف عبرية بأن أنظمة عربية عدة تتحدث مع اسرائيل سرا، بطريقة تختلف تماما عما هو معلن، وأن بعض النظم العربية تطالب اسرائيل بالاسراع بالقضاء على المقاومة الفلسطينية، في أسرع وقت، لرفع الحرج عن النظم العربية.

ورأت الدراسة أن هذه الطريقة لاجارة مصر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يؤدي إلى الكثير من الأزمات لمصر، ليس أقلها انتهاك الحدود المصرية ، بل وعرض إسرائيل يوم الخميس 14 ديسمبر الجاري، لنشر قوات أمنية داخل الحدود المصرية على معبر رفح، لضمان عدم دخول الفلسطينيين بشكل قسري داخل سيناء، في وقت تتصاعد فيه هجمات الطيران الإسرائيلي على النازحين في مدينة رفح، وعلى منطقة فيلادلفيا بمحاذاة الشريط الحدودي بين مصر وغزة ، بالمخالفة لمعاهدة السلام بين البلدين.


دولة منزوعة السلاح

واعتبرت الدراسة أن عرض السيسي مقترح دولة فلسطينية منزوعة السلاح هو تماهي له وللقاهرة مع أدوار تخدم إسرائيل على حساب الثوابت الفلسطينية.


وألمحت إلى اقتراح السيسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، 2 نوفمبر الماضي، بإمكانية أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح مع وجود قوات أمن دولية مؤقتة لتحقيق الأمن لها ولإسرائيل.


وأضافت أن المقترح “يتوافق و يتماهى مع مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون قبل سنوات”.


وأيد المتحدث “الإسرائيلي” حديث السيسي قائلا: “هذا حقيقي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث خلال عامي 2009 و2010 عن حل الدولتين بوجود دولة فلسطينية منزوعة السلاح لكن هذه ليست سياسة الحكومة، ولفت إلى أن سنة 2009 كانت منذ 14 عاما، لقد تغيرت الكثير من الأمور منذ ذلك الحين، واعتبر أنه الآن أذكركم أن قطاع غزة كان يفترض أن يكون منزوع السلاح، لكن الحقيقة أن حماس هرّبت الأسلحة للقطاع، مشيرا إلى أن الوضع ليس نفسه”.


والمقترح سارعت المقاومة الفلسطينية إلى تأكيد أنه ليس من حق أي رئيس عربي، أن يحدد مصير الفلسطينيين، دون مشورتهم أولا، وهذا قرار الشعب الفلسطيني نفسه، ودور دول العالم الوحيد، هو دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، إذ إن المقترح إسرائيلي بالأساس، وهو غير مقبول بأي شكل من الأشكال.

وترفض تل أبيب رفضا باتا، انتشار أي قوة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة على الإقليم الإسرائيلي أو أيضا على الأراضي المحتلة، والبرهان الساطع على ذلك، حين انتشرت قوة الطوارئ الدولية الأولى للأمم المتحدة في عام 1956، على خلفية العدوان الثلاثي فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر، في بورسعيد وسيناء في مصر، وعلى الرغم من أن ولاية القوة كانت تتضمن انتشارها وعملها في صحراء النقب المحتلة، لكن إسرائيل رفضت رفضا باتا وجود القوة في إسرائيل.

 

ووفق خبراء القانون الدولي، فإنه حتى المبادرات الأوروبية الكثيرة المتواترة لنشر مراقبين عسكريين مسلحين أو غير مسلحين من دول الاتحاد الأوروبي في قطاع غزة تحديدا، رفضتها إسرائيل رفضا قاطعا.


ولعل الاستثناء الوحيد من ذلك، هو قبول إسرائيل على استحياء بعثة المراقبين متعددي الجنسيات التي انتشرت في مدينة الخليل بعد مذبحة الخليل الشهيرة (مجزرة الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير 1994) لتهدئة الأوضاع ومراقبتها بين المستوطنين الإسرائيليين والسكان الفلسطينيين.


دور موازن لصالح الكيان


وقالت الدراسة: إن “الخطر ماثلا على الموقف المصري، في حال الاستفراد الإسرائيلي بمصر، وكذا الانصياع المصري الرسمي للسردية الإسرائيلية للأحداث”.


وحددت الدراسة من تلك الخلاصة أنه بسبب “انحياز السيسي للمخططات الصهيونية فيما يخص القضاء على المقاومة الفلسطينية، التي بدأت مصر مؤخرا اتهامات لها بانتمائها لجماعات إرهابية ، كجماعة الإخوان المسلمين -بحد وصفها- يخدم المشروع الإسرائيلي التوسعي، على حساب العرب ومصر أيضا، ولعل مساعي إسرائيل وواشنطن لتقوية الدور المصري، في الوقت الراهن، يهدف لما هو أبعد من الواقع، بمواجهة وموازنة الدور التركي والقطري في قطاع غزة، وهو ما بدا واضحا في اتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة، والتي امتدت لـ 7 أيام، حيث أصرت القاهرة على تمرير الأسرى الإسرائيليين عبر الأراضي المصرية أولا، قبل تسليمهم لإسرائيل، ففي إجراء غير ذي أهمية، ولكن لإسباغ دور لمصر في القضية الفلسطينية.


ولفتتت الدراسة إلى شكوى من الصهاينة من صعوبة التعامل مع الوسيط القطري، الذي بدا أكثر مراعاة للمصالح الفلسطينية في مواجهة المواقف الإسرائيلية، على عكس الطرف المصري الذي يوازن بين الطرفين في وساطته، ولا ينطلق إلا بتنسيق مع الدوائر الإسرائيلية سرا وعلانية.


وأضافت من جانب آخر أن “الرئيس التركي يوجه انتقادات لاذعة لإسرائيل بصورة متواصلة، ويمارس ضغوطا على واشنطن وأطراف أوروبية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، كما يحرك الكثير من سفن الإغاثة نحو غزة، مهددا باستهداف إسرائيل عسكريا، رغم العلاقات الرسمية السياسية بين تل أبيب وأنقرة”.

 

أزمات غاز وكهرباء

الخطر الآخر الذي استعرضته الدراسة كان تعريض الداخل المصري لأزمات طاقة وكهرباء إثر التلاعب الإسرائيلي بإمدادات الغاز الإسرائيلي.


وأوضحت أن الحرب فاقمت الأزمة الاقتصادية باستغلال الاحتلال التبعية في مجال الطاقة، والتي أحدثها النظام الحالي بترويج اتفاقيات استيراد الغاز المُسال من إسرائيل، بحجّة إعادة تصديره، فأهملت المنشآت المصرية الرئيسية، وتم التركيز على التصدير، حتى وصلنا إلى انقطاعات للكهرباء بسبب الغاز الإسرائيلي الذي استيقظ المصريون فجأة على أنهم يستهلكون فيما كان النظام يوهم الجميع بتصدير أرقام قياسية للغاز، واستطاعت إسرائيل قطع الغاز عن مصر من دون سبب حقيقي، سوى الابتزاز السياسي لاستخدامه سلاحا ضد مصر وضد نظامها السياسي، بزيادة ساعات انقطاع الكهرباء والمدّة اللازمة لحل هذه المشكلة، بعدما كان الفخر الرئيسي للنظام الحالي أنه ضاعف إنتاج الكهرباء وزاد استكشافات الغاز وصادراته، ليصبح أكثر تبعية لإسرائيل من أي وقت مضى، عبر ما وقّعه من اتفاقات في مجال الغاز، ليصبح مركزا إقليميا للطاقة، فيما يعاني كل المصريين من انقطاعات الكهرباء بشكل منتظم في أزمةٍ لم تحل منذ عدّة أشهر.


ترتيبات ما بعد الحرب

الخطر الآخر يتعلق بترتيبات ما بعد حرب غزة، والتي تهدد الأمن القومي المصري، حيث أشارت إلى أن هذا الطرح جرى تقديمه إلى الإدارة المصرية، وأن الفكرة الأساسية في هذا الطرح تتلخص في إنشاء معسكرات إيواء مؤقتة لهؤلاء النازحين داخل سيناء، استباقاً لتقديرات بأن معاودة الحرب ربما تتركز مستقبلا في مناطق جنوب قطاع غزة.

 

ولفتت الدراسة إلى أن العديد من الأفكار التي طرحت على الإدارة المصرية في هذا السياق، منها إنشاء معسكرات إيواء في الشريط الحدودي المحاذي للحدود مع قطاع غزة، داخل سيناء، بعمق لا يتجاوز 10 كيلومترات، وأيضا فكرة استيعاب المرحلين الفلسطينيين المحتملين، داخل المحافظات المصرية المختلفة.

وأضافت أن كل هذه الأفكار، لقيت رفضا قاطعا داخل الأجهزة السيادية، وعلى رأسها المخابرات العامة، والمؤسسة العسكرية، وهو ما تم نقله بشكل واضح إلى مؤسسة الرئاسة.

 

وأضافت الدراسة أن “الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر طرف مشغول بهذا الأمر، وهي من طرحت عدة تصورات على مصر ودول المنطقة والاحتلال، لكنها كلها إما تفترض هزيمة حماس وخروجها من المعادلة، أو تشير ضمنا إلى أن الجهة التي تحكم القطاع، هي من تتولى مواصلة هدف القضاء على حماس، ولذلك مصر رفضت بشكل قاطع مناقشة هذه المقترحات، كما رفضت تولي أي مسؤولية أمنية مستقبلا، لأنها تعني ضمنا أن تواصل هي ما عجزت عنه الحملة العسكرية الإسرائيلية”.

واعتبرت أنه مازال الحديث عن مستقبل غزة غامضا ويثير الكثير من التكهنات حول الدور المصري، سواء قضت إسرائيل على حماس والمقاومة الفلسطينية، والذي بلا شك يخصم من قوة مصر ومكانتها الاستراتيجية بالمنطقة، وقد تجد القاهرة نفسها مرغمة على القيام بأدوار لا ترغب بها في الملف الفلسطيني ما يفاقم أزماتها الجيوسياسية.

https://politicalstreet.org/6308/?fbclid=IwAR3zXJHPXWD07WMp28cEY88gpwmxbI5iP2jfR9W-3ixSC5VbjOqg5s8w2G0