تشهد السوق العقارية ارتفاعا جنونيا في أسعار الشقق السكنية والعقارات لم تشهده مصر طوال تاريخها، وهو ما جعل حلم الحصول على شقة تمليك يكاد يكون مستحيلا لمعظم المصريين الذين يعيش أكثر من 70 مليونا منهم تحت خط الفقر، وفق بيانات البنك الدولي.
خبراء أرجعوا الارتفاع الجنوني في أسعار العقارات إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة الحديد والإسمنت مع غياب الرقابة من جانب حكومة الانقلاب، ما تسبب في عدم كبح جماح هذه الأسعار رغم عدم وجود أية أسباب أو مبررات لهذه الزيادات سوى تحقيق الأرباح والمكاسب الخيالية للتجار والموزعين.
وطالب الخبراء حكومة الانقلاب بتنظيم حملات رقابية يومية على التجار والموردين لضبط نزيف الأسعار وإلزام تجار مواد البناء بالبيع بسعر المصنع مع تحقيق هامش ربح بسيط.
وقالوا: إن “القطاع العقاري يمثل 20% من الناتج المحلي ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لما يقرب من 5 ملايين مواطن، مؤكدين أن قيام مصانع الحديد والإسمنت بتخفيض الإنتاج وتوقف بعض المصانع عن العمل بحجة الصيانة أمر كارثي لابد من مواجهته”.
فوضى تسعيرية
حول هذه الكارثة قال المهندس أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية: إن “مواد البناء تعيش حاليا فوضى تسعيرية وحالة من عدم الانضباط غير المبررة، مؤكدا أن هناك بعض التجار يحققون مكاسب وأرباحا خيالية لا تحققها المصانع”.
وطالب الزيني في تصريحات صحفية بضرورة إحكام قبضة القانون على جميع دوائر وحلقات المنتج ابتداء من المصنع ومرورا بالموردين والتجار الكبار حتى يصل للمستهلك.
وكشف عن السبب الرئيسي للارتفاعات غير المبررة الحالية لأسعار مواد البناء مع بداية وانطلاق العام الجديد، مؤكدا أن التجار يستهدفون تحقيق أرباح ومكاسب خيالية، وذلك في ظل غياب تام للرقابة على التجار والموردين، الأمر الذي أدى لحدوث اضطراب وعدم وجود شفافية نتج عنها فوضى تسعيرية في السوق.
وأكد الزيني، لا يوجد حاليا أي مبرر لزيادة أسعار مواد البناء حيث لم تحدث أية ارتفاعات فى أسعار المواد الخام ومدخلات الإنتاج خلال الشهور الماضية، وكذلك لم تكن هناك زيادات أو ارتفاعات في أسعار الدولار سواء في السوق الرسمية والبنوك أو السوق الموازية، لافتا إلى ثبات لأسعار خامات ومواد إنتاج الحديد والأسمنت خلال الـ 4 شهور الماضية وحتى الآن.
وطالب الأجهزة الرقابية وجهاز حماية المستهلك بسرعة إطلاق وتكثيف حملات يومية على التجار والموردين لضبط نزيف الأسعار وإلزام التاجر بالبيع بسعر المصنع مع تحقيق هامش ربح بسيط مستنكرا قيام التجار والموردين بتحقيق مكاسب خيالية تتراوح من 4 إلى 7 آلاف جنيه في طن الحديد الواحد.
وكشف “الزيني” عن وجود بعض المصانع تلزم التاجر أو الوكيل بتوفير الدولار مقابل الحصول على الحديد بما يخالف اللوائح والقوانين، مشيرا إلى أن سعر طن حديد عز لا يتخطى حاجز الــ42 ألف جنيه بأرض المصنع فى حين أن هناك تجارا تبيعه في بعض المحافظات بـ47 ألف جنيه للطن.
وأشار إلى أنه نتيجة الفوضى التسعيرية لم تلتزم المصانع بإرسال الرسائل والمخاطبات الشهرية الخاصة بالأسعار للموردين والتجار واكتفت بإبلاغهم هاتفيا مطالبا قطاع التجارة الداخلية بوزارة تموين الانقلاب بتطبيق القرار الوزاري الخاص بإلزام المصانع بإعلان تفاصيل وبيانات البيع والإنتاج والكميات والأسعار للموردين والتجار ومطابقة هذه البيانات والفواتير لدى التجار والموردين للتأكد من صحتها وجودتها، وكذلك مدى التزام التاجر.
وشدد الزيني على ضرورة عدم السماح للمصانع بالتوقف أو تخفيض الإنتاج إلا بوجود مبرر قوي، واصفا هذا النهج بأنه أمر كارثي، وطالب بمتابعة تطبيق هذه الإجراءات من خلال الجهات المختصة.
الحديد والإسمنت
وحول تأثير ارتفاعات مواد البناء على القطاع العقاري قال المهندس وائل رمضان عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات: إن “الحديد والإسمنت من أهم المنتجات المؤثرة على القطاع العقارى وأسعاره، مشيرا إلى أن أسعار حديد عز كان يتم توريدها حتى أمس للمستهلك بـ47,5 ألف جنيه للطن مقابل 2350 جنيها سعر طن الأسمنت.
وحذر رمضان في تصريحات صحفية من أن هذه الارتباكات في أسعار مواد البناء وزيادتها بنسبة 200% تربك عمليات التسعير، حيث كان متوسط تكلفة مسطح الأرض مساحة 700متر لا يتخطى 5 ملايين جنيه في حين أصبحت التكلفة حاليا لنفس المساحة تصل لــ 9ملايين جنيه.
وأكد أن هناك عددا كبيرا من المطورين والمستثمرين قاموا ببيع مشروعاتهم في حين أنهم لم يبدأوا في تنفيذها من الأساس.
وأشار رمضان إلى أن هذه الزيادات في أسعار مواد البناء تجعل هناك عدم التزام بين المطور والعميل في البرنامج الزمني للمشروع وتؤخر تسليم الوحدات الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا أمام المطورين العقاريين.
وكشف أن الزيادة الأخيرة في أسعار مواد البناء تسببت في زيادة سعر العقار بما يتراوح بين 2000 جنيه لــ 3 آلاف جنيه للمتر مع تخفيض عمليات البيع حتى تتضح الرؤية، ويكون هناك ثبات أو استقرار نسبي للأسعار.
أسعار مناسبة
ودعا “رمضان” المطورين العقاريين إلى عدم الشروع في أي عمليات بيع إلا بعد الانتهاء من جزء كبير من المشروعات، خاصة أعمال البناء والخراسانات ليتمكنوا من تحديد أسعار مناسبة للبيع وضمان عدم التوقف نتيجة الارتفاعات المتتالية في الأسعار.
وطالب بمزيد من التيسيرات وفترات السماح للمطورين لبناء مشروعاتهم، موضحا أن من أبرز وأهم المطالب للمطورين هي السماح بإنشاء دور إضافي على الأدوار المسموح بها ليتمكن المطور من تجاوز أزمة القطاع الحالية وعدم اللجوء للإغلاق.
وشدد “رمضان” على ضرورة أن تقوم دولة العسكر بمساندة ودعم القطاع العقاري الذي يمثل 20% من الناتج المحلي، ويوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لما يقرب من 5 ملايين مواطن.
وأوضح أن غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات تقدمت بعدة طلبات لوزارة إسكان الانقلاب للحصول على مزيد من التيسيرات وأهم هذه البنود هي زيادة النسبة البنائية والنسب الإدارية والتجارية لضمان حدوث استقرار نسبي للقطاع والعاملين به.