تشهد أسعار تقاوي البطاطس ارتفاعا بشكل مبالغ فيه قبل موسم زراعتها، ما يهدد بارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية بعد الحصاد.
ومع ارتفاع أسعار التقاوي تصاعدت شكاوى مزارعي البطاطس في عدد من محافظات الجمهورية بعدما سجل الارتفاع مستوي قياسيا وصل لـ 140%، في ظل تضارب البيانات بين وزارة زراعة الانقلاب ونقابة الفلاحين حول حقيقة الأزمة وأسبابها.
وارتفعت أسعار التعاقدات الجديدة لاستيراد تقاوي البطاطس إلى نحو 120 ألف جنيه للطن، بعدما كانت تتراوح بين 50 لـ 55 ألف جنيه للطن في فترات سابقة من العام الماضي.
كان الاتحاد العام لمنتجي ومصدري الحاصلات البستانية قد كشف عن ارتفاع أسعار تقاوي البطاطس إلى 120 ألف جنيه للطن ، وذلك في سياق موجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مشيرا إلى أن سعر طن تقاوي البطاطس كان بتراوح بين 45 إلى 55 ألف جنيه قبل أيام .
وأوضح الاتحاد أن تقاوي البطاطس يتم استيرادها من عدة دول منها هولندا وألمانيا وفحصها من خلال الحجر البيطري ومعهد بحوث النبات، كما أنها متاحة في فروع الاتحاد العام بالمحافظات.
وأشار إلى أن البطاطس تحتل المرتبة الرابعة بعد القمح والذرة والأرز، من حيث الإنتاج العالمي وتعد أهم المحاصيل الزراعية التي تصدرها مصر للخارج.
في المقابل زعمت وزارة زراعة الانقلاب أنه لا توجد أزمة في توافر احتياجات السوق المحلي من التقاوي، مشيرة إلى أنه تم توفير كميات تفوق الاحتياجات الفعلية للزراعة من التقاوي.
وقال أحمد عصام رئيس الإدارة المركزية لفحص واعتماد التقاوي المصرية : إن “الكميات المتاحة من تقاوي البطاطس تخطت الـ 135 ألف طن منها 115 ألف طن تقاوي مستورد، بالإضافة إلى 20 ألف طن ناتج محلي، فى حين تتراوح الاحتياجات الفعلية للزراعة بمصر ما بين 110 إلى 120 ألف طن من تقاوي البطاطس” وفق تعبيره.
وأرجع عضام في تصريحات صحفية الارتفاعات الأخيرة في أسعار التقاوي إلى تلاعب بعض التجار في الأسواق، من خلال إعادة البيع والشراء وإطلاق شائعات حول انخفاض الكميات المستوردة بغرض تحقيق مكاسب مادية بحسب زعمه .
تقليص المساحات
من جانبه، حذر حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، من تداعيات ارتفاع أسعار التقاوي على أسعار المحاصيل الزراعية خلال النصف الأول من العام 2024، موضحا أن الفدان يحتاج إلى ما بين 1.25 طن و1.50 طن من التقاوي الكسر، أما بالنسبة للتقاوي المستوردة، فيحتاج الفدان لما بين 500 كيلو أو طن إلا ربع.
وأكد أبو صدام في تصريحات صحفية أن الارتفاعات الأخيرة في أسعار التقاوي ستنعكس على أسعار الحاصلات الزراعية التي سيتم حصادها في شهر مايو القادم، وبالتالي فإن المزارعين سيضطرون إلى تقليص المساحات المنزرعة توفيرا للنفقات خاصة وأن إنتاجية الفدان تتراوح بين 8 لـ 15 طن من المحصول.
وأشار إلى أن محصول البطاطس من أكثر المحاصيل التي ستتأثر أسعارها بأزمة التقاوي، حيث من المتوقع أن ترتفع أسعارها إلى 25 جنيها للكيلو في مايو القادم مقارنة بسعر يتراوح بين 10 لـ 12 جنيها للكيلو حاليا .
وطالب أبو صدام حكومة الانقلاب بضرورة السماح بزيادة كميات التقاوي المستوردة للوفاء باحتياجات السوق لتصل إلى 140 ألف طن تقاوي بالنسبة لمحصول البطاطس بدلا من 110 آلاف طن حاليا.
وكشف أن عددا كبيرا من المزارعين تعاقدوا على استيراد كميات من تقاوي البطاطس بسعر 45 و55 ألف جنيه للطن قبل أن يفاجئوا في غضون أيام قليلة بقفزة غير مسبوقة في سعر الطن ليصل لـ 120 ألف جنيه ، نتيجة تراجع إنتاج التقاوي في أوروبا وارتفاع تكلفته، حيث ارتفع من 500 يورو إلى 1000 يورو، لكنها زيادة غير مبررة لما شهدته الأسعار محليا.
إنتاج البطاطس
وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر من أن ارتفاع أسعار التقاوي سوف يؤثر سلبا على إنتاج البطاطس، ويؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع أسعار البطاطس النهائية بالسوق، مشيرا إلى أن التقاوي تعتبر جزءا هاما من عملية زراعة البطاطس، وتشكل تكلفة مهمة في إنتاجها .
وقال خضر في تصريحات صحفية : “عندما يرتفع سعر التقاوي، فإن المزارعين قد يواجهون تحديات في تأمين التقاوي بكميات كافية لزراعة البطاطس، وقد يكون هذا بسبب نقص المعروض أو زيادة الطلب على التقاوي، موضحا أنه إذا كانت تكلفة التقاوي مرتفعة، فإن المزارعين قد يتجهون إلى تقليص المساحة المزروعة بالبطاطس أو يتركون زراعة البطاطس بشكل كلي”.
وأضاف، هذا يعني أن إنتاجية البطاطس قد تتأثر سلبا ويقل حجم الإنتاج العام، وعندما يحدث نقص في الإمدادات، فإن الأسعار قد ترتفع نتيجة للعرض المحدود والطلب المستمر، متوقعا أن يؤدي ارتفاع أسعار التقاوي إلى زيادة تكلفة إنتاج البطاطس وارتفاع أسعارها في السوق، ومن المحتمل أن يتأثر العرض والطلب على البطاطس بشكل عام نتيجة لهذه الزيادة في التكاليف، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد من البطاطس للمستهلكين.
وأشار خضر إلى أن تكاليف الإنتاج الأخرى مثل تكلفة الأسمدة والوقود واليد العاملة، إذا ارتفعت فمن المرجح أن يرتفع سعر البطاطس لتعويض هذه التكاليف الإضافية، مؤكدا أن التوازن بين العرض والطلب يؤثر أيضا على أسعار البطاطس، إذا زاد الطلب على البطاطس بشكل كبير دون زيادة مقابلة في العرض، فمن المحتمل أن يرتفع سعرها والعكس، إذا زاد العرض بشكل كبير دون زيادة مقابلة في الطلب، فمن الممكن أن ينخفض سعرها.
وكشف عن تأثير سياسات حكومة الانقلاب على الأسعار منتقدا، تدخل حكومة الانقلاب في سوق البطاطس من خلال تطبيق سياسات تؤثر على الإنتاج والأسعار فمثلا، قد تفرض حكومة الانقلاب رسوما جمركية على استيراد التقاوي أو توفر دعما مباشرا للمزارعين للحد من تأثير تكاليف الإنتاج العالية، وتتغير من سوق إلى أخر ومن فصل زراعي إلى آخر خاصة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل سريع في العديد من المنتجات الزراعية، مما يساهم في إضافة أعباء إضافية على المواطنين.
حوافز
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الأسبق أن هناك تأثيرا سلبيا لارتفاع أسعار التقاوي على سعر المنتج النهائي وهو البطاطس في السوق المحلية .
وطالب عبدالنبي في تصريحات صحفية بضرورة أن تقدم حكومة الانقلاب حوافز لتخفيض التكلفة وتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج المحلي من خلال توفير الدعم الزراعي، وتحسين التقنيات الزراعية، وتوفير الموارد المالية والتدريب .
وشدد على ضرورة العمل على الاستثمار في تحسين التخزين والتوزيع بحيث يتم تحسين نظام التخزين والتوزيع، وتخفيض الرسوم على التقاوي المستوردة.