فوجئ الشعب المصري، بزيادات غير متوقعة في أسعار الخدمات والسلع الأساسية، مع أول أيام العام الجديد، الذي كان يتمنى فيه انتهاء أزمة ارتفاع الأسعار والتضخم الذي استمر خلال العامين الماضيين وسط تدني في الأجور.
استيقظ المصريون على خبر ارتفاع أسعار تذكرة مترو الأنفاق بنسبة 20%، حيث زادت أسعار تذاكر المترو المخصصة لـ9 محطات إلى 6 جنيهات بدلا من 5 جنيهات، بينما وصل سعر تذاكر المترو المخصصة لـ16 محطة إلى 8 جنيهات بدلا من 7 جنيهات.
كما وصل سعر تذاكر المترو المخصصة لـ23 محطة، إلى 12 جنيها بدلا من 10 جنيهات، فيما أُضيفت تذكرة جديدة لما يزيد عن 23 محطة بسعر 15 جنيها.
ولم يلتقط الشعب أنفاسه حتى اصطدم بخبر ارتفاع أسعار تذاكر السكك الحديدية لبعض خطوط القطارات بنسب تتراوح من 10 إلى 25% بناء على القائمة السعرية خاصة للقطارات المميزة والقطارات غير المكيفة.
جاء ذلك في الوقت الذي تستخدم فيه الهيئة القومية للسكك الحديد يوميا ما لا يقل عن 1.5 مليون راكب منهم ما لا يقل عن مليون راكب بالقطارات غير المكيفة.
وبعد ساعات قليلة، ارتفعت أسعار باقات المحمول والإنترنت، حيث أعلنت شركات الاتصالات الـ4: «أورانج – اتصالات – وي – فودافون»، رفع أسعار خدمات الهاتف المحمول للمكالمات والبيانات بداية من فبراير المقبل بما يتراوح بين 10 و16%، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل.
الإنترنت والكهرباء
فيما قررت الشركة المصرية للاتصالات المسئولة عن الإنترنت الأرضي رفع أسعار باقات الإنترنت الأرضي يوم 5 يناير 2024، حيث أصبح سعر باقة 140 جيجابايت الأكثر شعبية 160 جنيها، بدلا من 120 جنيها، وسعر باقة 200 جيجابايت 225 جنيها بدلا من 170 جنيها، وسعر باقة 250 جيجابايت 280 جنيها بدلا من 210 جنيهات، وباقة 400 جيجابايت بسعر 440 جنيها بدلا من 340 جنيها، وسعر باقة 600 جيجا 650 جنيها بدلا من 500 جنيه، باقة 1 تيرابايت بسعر 1050 جنيها بدلا من 800 جنيه، وهذه الأسعار لا تشمل الضريبة.
ولم يأت اليوم الثاني من عام 2024، دون زيادات أيضا، حيث أعلنت حكومة الانقلاب العمل بزيادة أسعار شرائح الكهرباء الجديدة، بنسب تتراوح بين 16% و26%.
ووصل سعر الشريحة الأولى: من 0 إلى 50 كيلووات، إلى 58 قرشا، والشريحة الثانية من 51 إلى 100 كيلووات سعرها 68 قرشا، والشريحة الثالثة من 0 إلى 200 كيلووات سعرها 83 قرشا، والشريحة الرابعة من 201 إلى 350 كيلووات سعرها 125 قرشا.
أما الشريحة الخامسة من 351 إلى 650 كيلووات، فقد وصل سعرها إلى 140 قرشا، والشريحة السادسة من 0 إلى 1000 كيلووات سعرها 150 قرشا، والشريحة السابعة من 0 لأكثر من ألف كيلووات: 165 قرشا.
أسعار البنزين
وعن أسعار البنزين يترقب الشعب المصري إعلان الأسعار الجديدة خلال الشهر الجاري والتي يتم تحديدها لمدة 3 أشهر.
وكانت حكومة الانقلاب قد رفعت أسعار البنزين بأنواعه في نوفمبر الماضي وأبقت السولار دون تغيير.
ولم يكن سوق السلع الغذائية الأساسية مع بداية العام مستقرا أيضا، فقد شهد ارتفاعات غير مسبوقة، وكان أول السلع ارتفاعا الزيوت، حيث زادت بنسبة 15%، مع توقعات باستمرار ارتفاع باقي السلع خلال الشهر الجاري بعد موجة الغلاء التي طالت الخدمات السابقة.
حراك شعبي
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عامر: إن “ارتفاع أسعار بعض الخدمات مثل السكة الحديد والمترو والاتصالات والإنترنت جاء لمواجهة الارتفاع المفاجئ في سعر الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء والذي وصل إلى 53 جنيها”.
وأضاف «عامر» في تصريحات صحفية أن هذه الزيادات ستؤثر بشكل مباشر على محدودي الدخل، حيث العلاوة التي أقرتها حكومة الانقلاب للموظفين وأصحاب المعاشات ستتآكل مع الارتفاعات الجديدة، محذرا من أن هذه الزيادات ستؤدي إلى حراك شعبي غاضب، خاصة أنها لا تتناسب مع مستوى الأجور الذي يحصل عليه المواطن، كما لم يقابلها زيادة في الأجور.
وتوقع صدور قرار بتعديل موعد العلاوة الدورية للموظفين وأصحاب المعاشات في شهر أبريل المقبل لمواكبة الزيادات التي تحدث من بداية العام الجاري؛ نتيجة ارتفاع الخدمات موضحا أن المواطن لكي يواجه الزيادة عليه بتقليل النفقات والاستهلاك ولكن مع ارتفاع خدمات ضرورية مثل النقل والإنترنت وسلع أساسية، لا يملك المواطن سوى زيادة الدخل والأجور ومنح علاوات .
وطالب «عامر» برفع نسبة العلاوة الدورية بدلا من 7% إلى 10% على الأقل؛ لمواجهة التضخم الذي سيحدث.
الأمن المجتمعي
وأرجع استشاري الاقتصاد السياسي مدحت الشريف ، السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار والتضخم إلى عدم توافر الدولار، متوقعا ارتفاع معدل التضخم خلال العام الجاري بشكل كبير.
وقال «الشريف» ، في تصريحات صحفية: إن “ارتفاع الأسعار بهذا الشكل يهدد الأمن والسلم المجتمعي، خاصة مع عدم تدخل حكومة الانقلاب لضبط الأسواق”.
ولفت إلى أن الحديث عن قرب تعويم الجنيه، أدى إلى اتجاه التجار والشركات إلى رفع الأسعار تحسبا للزيادة القادمة، موضحا أن الحل في ذلك بسيط وهو إعلان حكومة الانقلاب أنه لن يتم إجراء التعويم إلا بعد 6 أشهر، ثم يعاد دراسة الموقف فى حينه، ما سيترتب عليه هدوء الأسواق”.
وحذر «الشريف» من أن الارتفاعات الحالية ما هي إلا بدايات لما هو قادم، متوقعا أن تكون المرحلة المقبلة أصعب مما مضى .
وأضاف، الأزمة في السلع الأساسية وارتفاعها يجب أن تسير على 4 جوانب، أولها : تفعيل المادة رقم 8 من قانون حماية المستهلك.
والثاني: تفعيل أدوات حكومة الانقلاب واستخدامها مثل المجمعات الاستهلاكية، وأذرع دولة العسكر في التعاونيات وطرح السلع الأساسية لديها بكميات كبيرة وبسعر مناسب بدلا من ترك المواطن للتجار الذين رفعوا الأسعار بداية العام من الزيت والسكر والأرز ومنتجات الألوان .
الجانب الثالث: بعض الشركات الإنترناشونال والتي تسوق لمنتجاتها في مصر يجب التعامل معها مقابل التسويق في الدخل ووضع شروط تحديد هامش ربح واضح ومناسب، وفي حالة الرفض يتم استبدالها بالمنتجات المحلية الوطنية، وهذا بالفعل حدث في دول مثل الأردن والجزائر، واستطاعوا تخفيض الأسعار بشكل كبير .
الجانب الرابع: تعديل قانون حماية المنافسة والممارسات الاحتكارية، حتى يعطي للقانون أذرعا ومخالب تستطيع فرض منع الممارسات الاحتكارية بشكل واضح عن السوق، والذي نعاني منه حاليا هو احتكار فعند ارتفاع سلعة يتبعها الباقي سواء في السلع الأساسية أو المعمرة أو غير الأساسية.
وشدد «الشريف» على ضرورة وجود فريق عمل وزاري قوي؛ لتنفيذ هذه الجوانب، ومحاربة الفساد المتوغل داخل الوزارات، خاصة في المجموعة الاقتصادية، والذي يحتاج إلى الضرب بيد من حديد.