تشهد سوق الذهب في مصر حالة من التخبط والارتباك ، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه خلال الشهور الآخيرة وتحول الذهب إلى وسيلة للحفاظ على قيمة الأموال التي يمتلكها البعض خاصة مع تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الناتج عن السياسات الفاشلة والمتضاربة التي تفرضها عصابة العسكر، والتي تسببت في ارتفاع جنوني في الأسعار مع تراجع القيمة الشرائية للعملة المصرية.
كانت أسعار الذهب قد شهدت في عام 2023 حالة من عدم الاستقرار، وانفصال سعره عن العوامل المؤثرة محليا وعالميا وعن آليات العرض والطلب، حيث استغل تجار المعدن الأصفر نقص العملة الصعبة، واندفاع المواطنين نحو شراء الذهب في رفع الأسعار بنسبة كبيرة وغير مسبوقة ، وصلت إلى 98 % على مدار العام الماضي.
يشار إلى أن تجار الذهب يحددون أسعار الذهب، بسعر مقوم للدولار عند 55 جنيها، وهو أعلى من أسعار الصرف الرسمية بنحو 43 %، ما جعل سعر الذهب في مصر الأعلى عالميا مقارنة بالأسواق الأخرى، وهو ما أدى إلى انتشار الشائعات حول توقف عمليات بيع وشراء الذهب واضطرار الجواهرجية إلى وقف حركة البيع والشراء، بسبب تغير الأسعار بين لحظة وآخر .
سعر الذهب عالميا
هبط سعر الذهب عالميا إلى نحو 2024 دولارا للأونصة، “الأوقية” وهي تعادل نحو 31.1 جرام عيار 24 ، بتراجع 3.9 دولار بنسبة 0.20% مقارنة بنهاية تعاملات أمس، وفقا لبيانات وكالة بلومبرج.
السوق السوداء
من جانبه قال نادي نجيب سكرتير شعبة الذهب: إن “سوق الذهب لم يفتح حتى الآن، ونتعامل بأسعار أمس الثلاثاء، بسبب حالة الارتباك، ورفضت بعض المحال التعامل على الذهب بيعا أو شراء لحين وضوح الرؤية بالنسبة للتسعير”.
وأضاف نجيب في تصريحات صحفية أن الأسعار رغم أنها مبالغ فيها، بسبب حساب الذهب وفق السوق السوداء للدولار، إلا أن حالة الطلب تلهب الأسواق وتدفع المحلات لمزيد من زيادات الأسعار.
واشار إلى أن سعر الجرام عيار 21 الذي يقيس متوسط تحركات الأسعار، سجل 3380 جنيها حتى الآن، متوقعا أن يواصل السعر ارتفاعه الأسبوع المقبل إلا في حالة التدخل لضبط السوق.
وأكد نجيب، أن الأسعار أصبحت متغيرة في السوق بشكل كبير، وكل محل يبيع بسعر مختلف عن الآخر.
تخبط وعدم استقرار
وقال عبد العال يوسف سليمة نائب أول شعبة الذهب وعضو الغرفة التجارية بمحافظة كفر الشيخ: إن “الظروف الاقتصادية التي تمر بها دول العالم اليوم تشهد حالة من التخبط وعدم الاستقرار، وأصبح الجميع يبحث ويفتش عن السبل التي تمكنه من مواجهة هذه الظروف ، موضحا أن هناك من اتجه إلى شراء الذهب لحفظ قيمة ماله، وهناك من توجه إلى الاستثمار في العقار للحفاظ على ثروته”.
وأضاف سليمة في تصريحات صحفية: إن “الذهب واحد من أنسب الطرق وأفضلها لادخار المال خاصة خلال الصراعات وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده دول العالم اليوم، ويتميز الذهب عن الكثير من العملات والسلع الأخرى بسهولة حمله، وغلاء ثمنه، وحفظ قيمة المال، كما أنه يعتبر بمثابة عملة دولية يمكن بيعها وشرائها في أي مكان في العالم بدون التعرض لخطر التذبذب أو العوائق التي تواجه العملات الورقية”.
وأشار إلى أن أسعار الذهب قفزت بطريقة ملحوظة خلال الفترات الأخيرة، فبعد أن سجل جرام الذهب عيار 21 “2200” جنيه في أول أكتوبر الماضي، سجل في أول شهر يناير الجاري “3300” جنيه بفارق يتجاوز ألف جنيه في الجرام الواحد، مؤكدا أن هذا حدث في فترة قليلة جدا لا تتجاوز شهرين، كما أن هذه الزيادة لم تكن مؤقتة، بل استمرت حتى الآن، مما ترتب عليه إقبال غير مسبوق على الشراء، وهذا دعا إلى زيادة سعره، فالإقبال الشديد على الشراء يعد السبب الرئيسي في استمرارية ارتفاع سعر الذهب بشكل تجاوز سعره العالمي.
وأوضح سليمة أن سعر الذهب العالمي الآن بلغ 2045 دولارا للأونصة، ووفقا لأحدث التوقعات ، فإن سعر الذهب سيصل إلى مستوى الـ 2,400 دولار بنهاية عام 2025، مؤكدا أن شراء الذهب في الفترة الحالية على الرغم من ارتفاع سعره أفضل من البيع، لكن في حالة تجاوز السعر ما هو عليه الآن، فإن البيع هو القرار الأنسب.
3 عوامل
وأكد عمرو المغربي؛ عضو شعبة الذهب بالغرف التجارية؛ أن هناك زيادة في الطلب على الذهب بشكل أكبر من المعروض، وهو السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار.
وقال المغربي في تصريحات صحفية: “ليس لنا علاقة بسعر الدولار لأن هناك وقف لاستيراد الذهب من الخارج؛ لدينا 3 عوامل تؤثر على سعر الذهب وهي سعر الاوقية عالميا وسعر العملة والعرض والطلب”.
وأضاف، بداية من العام 2023 العامل الأكبر المتحكم في سعر الذهب هو العرض والطلب؛ في الربع الأول من 2023 كان لدينا طلبات كبيرة على الذهب بشكل أكبر من المعروض حتى وصل سعر الذهب إلى 2800 جنيه لجرام 21، ولكن بعد مبادرة السماح للمصريين بالخارج بإدخال الذهب دون جمارك زاد المعروض ليتراجع إلى 2150 جنيها في أغسطس الماضي.
وأكد المغربي أن العرض والطلب هو المتحكم في السوق حاليا؛ لدينا ارتفاع كبير بسبب زيادة الطلب بالنسبة للعرض وأسباب ذلك هو التخوفات من تغيير سعر الصرف وثبات الفائدة في البنوك، وهو ما دفع إلى الاتجاه لشراء الذهب لحفظ قيمة النقود.
وتابع، مع دخول فترات إجازة نصف العام وعودة العاملين بالخارج بكميات من الذهب بدأنا نشهد تراجعا في سعر الذهب من 3330 جنيها إلى 3200 أو 3150، وذلك بسبب تراجع الطلب نتيجة زيادة الأسعار بالإضافة إلى وجود معروض بعد زيادة البيع لتحقيق المكاسب .
وعن وقف عمليات البيع والشراء في المحال قال المغربي: “المحال لم تتوقف عن عمليات البيع والشراء، ولكن كان هناك تعليق لإعلان الأسعار بسبب تغييرها المستمر في اليوم الواحد والساعة الواحدة”.
وأشار إلى أنه لا يمكن توقع مستقبل الأسعار لأن العرض والطلب من الصعب توقعه، موضحا أن هناك زيادة في أسعار الذهب عالميا اليوم، لكن صاحب ذلك تراجع في سعر الذهب محليا، وبالتالي لا يمكن تحديد مستقبل الأسعار.