رغم بدء تراجع الأسعار يشهد سوق الذهب حالة من الضبايبة والفوضى والارتباك، مع وقف تسعير المعدن الأصفر للمرة الثانية في أقل من أسبوع بعد وصول عيار 21 الأكثر انتشارا إلى 4000 جنيه، بينما يعلن التجار أسعارا استرشادية فقط ولا تمثل الأسعار الحقيقية.
وقالت المؤسسة البحثية جولد بيليون المتخصصة في الذهب: إن “السوق المصرية للذهب لا تزال دون تسعير في ظل عدم تقديم تجار الذهب الخام والكسر لأسعار تنفيذ في السوق لتبقى الأسعار حاليا استرشادية فقط، حيث يقوم كل تاجر بالتنفيذ بسعر مختلف، وفقا لتحوطه وكمية الذهب الموجودة عنده”.
ويرى الخبراء أن سوق الذهب في مصر يمر بمرحلة ترقب وعدم استقرار وارتفاع في الأسعار مبالغ فيه ، ما دفع متعاملين إلى وقف البيع والشراء ووقف التسعير، خصوصا مع تسارع عمليات القبض على كبار التجار وأباطرة السوق المتحكمين في الأسعار، ومداهمات أمن الانقلاب لبعض محلاتهم.
غير حقيقية
من جانبها قالت شعبة الذهب التابعة لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية: إن “أسعار الذهب الحالية المتداولة بالأسواق غير حقيقية، وذلك بعد أن شهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة خلال الأيام الماضية”.
وأكدت الشعبة في بيان لها أن الأسعار الحالية للذهب لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن الأسعار التي يجب أن تكون عليها في الحقيقة، والتي جاءت بسبب تدافع المواطنين لشراء الذهب .
وشددت على ضرورة توخي الحذر في عمليات شراء الذهب في التوقيت الحالي، والتي تشهد عمليات مضاربة خارجة عن قواعد السوق.
سوق سوداء
وقال سعيد، إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة آي صاغة لتجارة الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت: إن “أسعار الذهب داخل السوق المحلي مازالت معلقة، بفعل تداول أسعار موازية، ومتباينة ببعض محلات الذهب، والدفع بالسوق إلى سوق سوداء للذهب، ما يضر بمقدرات الوطن ومصلحة المواطنين”.
وأضاف، إمبابي في تصريحات صحفية، أن السوق يشهد حالة من الفوضى، في ظل تداول أسعار اجتهادية بالمحلات، خاضعة لأهواء التجار، ما دفع أحد التجار الى بيع سعر جرام الذهب عيار 21 بنحو 5 آلاف جنيه.
ولفت، إلى أن حالة الفوضى الحالية ستضر المواطن والاقتصاد المصري، موضحا أنه من مصلحة التاجر والمواطن وقف البيع والشراء لحين استقرار الأسعار، ووجود معروض بالأسواق، يسمح لمحلات التجزئة بتغطية الأوزان المباعة.
الدولار
وأكد نادي نجيب، السكرتير السابق لشعبة المشغولات الذهبية بغرفة القاهرة التجارية أن أسعار الذهب ستستمر في الصعود طوال الفترة المقبلة، مستبعدا حدوث انخفاضات قوية مثلما حدث في شهر مايو الماضي.
وقال نجيب في تصريحات صحفية: إن “ما حدث في منتصف العام لن يتكرر هذه المرة، مرجعا ذلك إلى اختلاف أسباب الزيادة في الفترتين”.
وأوضح أن ارتفاع السعر محليا في الفترة الحالية يتناسب مع السعر العالمي، باحتساب سعر الدولار بالسوق الموازية، موضحا أن سعر العملة الأمريكية في أسواق الصاغة أقل من سعر تداوله بالسوق الموازية بجنيه واحد حتى الآن، بينما ارتفاع سعر المعدن الأصفر في النصف الأول من العام الحالي كان يرجع لآليات العرض والطلب، واستغلال كبار التجار تكالب المستهلكين على شراء الذهب تحوطا من انخفاض قيمة العملة .
وأشار نجيب إلى أن حكومة الانقلاب أطلقت حينها مبادرة استقدام الذهب بدون جمارك، ما ساهم في زيادة المعروض المحلي فانخفضت الأسعار.
وكشف أن هناك توقفا في عملية تسعير الذهب وحركة البيع والشراء في سوق الصاغة، مؤكدا أن توقف تسعير الذهب يرجع لتذبذب سعر الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية ووجود مضاربات بالسوق، وهو ما يضطر الجميع لوقف حركة البيع والشراء لعدم معرفة السعر الحقيقي ولحين استقرار سعر الدولار.
مكاسب خيالية
وقال ياسر سعد، صاحب أحد محلات الصاغة بمنطقة الشيخ زايد: إن “أسعار الذهب ارتفعت خلال عام 2023 بنحو 54%، مشيرا إلى أن هذا المكسب فاق عوائد الشهادات البنكية، وزاد عن معدلات التضخم التي وصلت إلى 42% في الأشهر الأخيرة كأعلى مستوى لها”.
وأضاف سعد في تصريحات صحفية أنه إذا حدث هبوط في الأسعار سيكون تراجعا طفيفا وفقا لآليات السوق، مؤكدا أن التراجع لن يتجاوز الـ15 أو 20 جنيها.
وتوقع أن يتجاوز الذهب الـ 4 آلاف جنيه لجرام عيار 21، لافتا إلى أن السعر قد يستقر عند 3500 جنيه في منتصف العام 2024 على أقل تقدير .
وأرجع سعد توقعاته إلى المخاطر التي تتعرض لها التجارة الدولية مع استمرار هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، مشيرا إلى أن تلك التخوفات تجعل المستثمر يلجأ إلى الملاذ الآمن بدلا من التجارة التي تتحمل مخاطرة عالية جدا في الوقت الحالي.
وأكد أن استمرار ارتفاع سعر الدولار، وزيادة سعر الأوقية عالميا سيدفعان السعر المحلي للمعدن الأصفر إلى تحقيق مكاسب خيالية في 2024، مشددا على أنه أفضل استثمار في الظروف الحالية نظرا للعائد المرتفع الذي يحققه، وسهولة بيعه عندما يستلزم الأمر.
مخاطرة كبيرة
وأكد أحمد معطي، المدير التنفيذي لشركة «في إيه ماركتس» للاستثمارات المالية، أن السعر الحالي للذهب في مصر غير عادل، مرجعا ذلك إلى احتساب السعر وفقا للدولار بالسوق الموازية.
وقال معطي في تصريحات صحفية: إن “الذهب يتم احتسابه على سعر 60 جنيها للدولار، وهو سعر مبالغ به من وجهة نظره، متسائلا، من الذي يضمن ألا يهبط سعر الدولار بالسوق الموازية فجأة خلال الأيام المقبلة؟”.
واعتبر أن شراء الذهب حاليا يعتبر مخاطرة كبيرة، لأن السعر المحلي لا يتوافق مع السعر العالمي، مؤكدا أن السعر العادل للذهب محليا من المفترض ألا يتجاوز 2200 جنيه، باحتساب سعر الدولار الرسمي.