يعاني المواطنون من ارتفاع جنوني في الأسعار بالنسبة لكل السلع والمنتجات وعلى رأسها الخبز الذي يعد عنصرا أساسيا على موائد كل المصريين، وأي ارتفاع في سعره يمثل كارثة في كل بيت، خاصة أن هناك أكثر من 40 مليون مصري ليست لديهم بطاقات تموينية، وهؤلاء مجبرون على شراء الخبز السياحي أو البلدي .
ومن يشتري الخبز السياحي يسقط كل صباح في جحيم الغلاء ونار الأسعار، فسعر الرغيف السياحي قفز من جنيه واحد إلى 3 جنيهات في بعض المناطق الراقية، أما في المناطق الشعبية فتضاعف سعره من جنيه إلى جنيهين مع إنقاص وزنه إلى النصف تقريبا.
وقبل أيام رفعت بعض المخابز أسعار الخبز السياحي بنسبة تتجاوز 30%، فالرغيف الأكثر من 65 جراما وصل سعره لـ 1,5 جنيه، أما الرغيف فوق الـ90 جراما فوصل سعره إلى جنيهين بزيادة 50 قرشا، في حين طبقت بعض المخابز زيادة تصل إلى جنيه على كل رغيف في بعض المناطق، وأقرت مخابز أخرى زيادة بقيمة 50 قرشا مع تخفيض وزن الرغيف بنحو 10 جرامات في المتوسط.
استغلال الأزمات
حول هذه الأزمة قالت نهى محمد 47 عاما من سكان بولاق الدكرور، بمحافظة الجيزة: إن “منافذ الخبز السياحي تستغل الأزمات وترفع أسعار الرغيف الذي وصل إلى جنيهين”.
وأضافت نهى محمد في تصريحات صحفية : “ليس لدي بطاقة تموينية، وكنت أشتري الخبز البلدي بسعر حر بمبلغ 75 قرشا للرغيف الواحد، ولكن منذ 6 أشهر تم إخباري من أصحاب المخابز البلدية بأنه تقرر وقف بيع الرغيف بسعر حر، فاضطررت لشراء الخبز السياحي الذي يكون سعره مرتفعا ووزنه أقل”.
وطالبت بعودة فكرة شراء الرغيف البلدي الحر من المخابز البلدية باعتباره أفضل من الخبز السياحي، حتى لو وصل سعر الرغيف إلى جنيه.
بطاقة تموينية
وقال محمود عبدالله 39 عاما من سكان أوسيم بالجيزة: إنه “يعاني من ارتفاع سعر الخبز السياحي ونقص وزنه، لأنه ليس لديه بطاقة تموينية، بسبب تعنت موظفي وزارة تموين الانقلاب ورفضهم استخراج بطاقة تموينية له، بسبب امتلاكه سيارة يعمل بها في إحدى شركات التوصيل من أجل كسب قوت يومه”.
وأضاف عبدالله في تصريحات صحفية، كنت أشتري الرغيف البلدي بسعر حر من المخابز البلدية، ولكن تم إيقاف بيع الرغيف الحر في المخابز البلدية ولهذا أشتري الخبز السياحي لي ولأسرتي بـ25 جنيها يوميا وهي ميزانية كبيرة على دخلي الشهري.
وطالب علي سيد 42 عاما من سكان الوراق بمد فترة عمل المخابز البلدية، لأنها تغلق أبوابها الساعة الواحدة ظهرا وخلال فترة عملها يكون كل موظفي الحكومة والقطاع الخاص في أشغالهم، وبالتالي لا يستطيعون الحصول على الخبز.
وقال سيد في تصريحات صحفية : “المخبز ينهي العمل مبكرا، بسبب قلة حصة الدقيق المخصصة له، وفي حالة عودتي من عملي في الرابعة عصرا أجده مغلقا، فأضطر إلى شراء الخبز السياحي بسعر جنيهين للرغيف الأبيض (الشامي) وأقوم بشراء 8 أرغفة يوميا تكفي بالكاد أسرتي المكونة من 3 أفراد.
إنقاص الوزن
وقال يوسف مصطفى، صاحب مخبز سياحي: إن “ارتفاع سعر الدقيق والردة التي تدخل في تكوين الخبز وارتفاع مستلزمات الإنتاج أدى إلى ارتفاع سعر الرغيف السياحي” .
وأضاف مصطفى في تصريحات صحفية، نحاول تغطية التكلفة عبر إنقاص الوزن بما بين 10 و15 جراما ورفع أسعار الرغيف لتتراوح بين 1.5 و2.5 جنيه حتى نستطيع تغطية التكلفة، والعمالة والغاز .
3 جنيهات
وكشف خالد صبري المتحدث باسم شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية، عن أسباب ارتفاع أسعار الخبر السياحي إلى 3 جنيهات للرغيف.
وقال « صبري» في تصريحات صحفية: إن “الخبز شأنه شأن السلع الأخرى يتأثر بسعر الصرف، مشيرا إلى أن أسعار طن الدقيق قفزت خلال الأسابيع القليلة الأخيرة إلى مستويات قياسية لتقترب من20 ألف جنيه للطن مقارنة بنحو 15,5 ألف جنيه نهاية ديسمبر الماضي، على خلفية صعود أسعار القمح في أسواق الجملة التجارية”.
وأضاف، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أخذت أسعار القمح والدقيق في الصعود، ليصل سعر طن القمح إلى 16,8 ألف جنيه مقارنة بنحو 14 ألف جنيه نهاية ديسمبر، و13,7 ألف جنيه نهاية نوفمبر السابق عليه.
وأشار « صبري» إلى زيادة أسعار الدقيق منذ أزمة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وبالتوازى مع وضع العملة الصعبة اللازمة للاستيراد، مؤكدا أن وزارة تموين الانقلاب أوقفت قبل أيام الحصص اليومية للمخابز السياحية بواقع (5 أجولة وزن 50 كيلوجراما للجوال)، التي كانت تحصل عليها المخابز المرخصة طوال عام مضى كحصة تموينية بسعر 10 آلاف جنيه للطن لمساعدتها على تخفيض التكاليف، وتثبيت الأسعار قدر المستطاع.
صداع للمواطنين
وأكد الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، أن سعر الرغيف السياحي دائما مصدر صداع لأنه يمثل مشكلة كبيرة لملايين المواطنين ممن لا يصرفون الخبز عبر البطاقة التموينية، ولذلك يلجأون إلى الخبز السياحي غير المدعم، الذي تختلف أسعاره من منطقة إلى أخرى، رغم وجود قانون صدر منذ عامين بتحديد سعر الخبز السياحي بجنيه واحد لوزن 70 جراما .
وقال صيام في تصريحات صحفية : “هناك بعض المخابز السياحية لا تلتزم بالتسعيرة المقررة وفي حالة الالتزام بالتسعيرة يتم إنقاص وزن الرغيف لأن هناك زيادة كبيرة في أسعار المواد الخام مثل الدقيق والردة وارتفاع أسعار الوقود، والعمالة”.
وأضاف، هناك تقصير من وزارة تموين الانقلاب في تطبيق القانون وإلزام المخابز بالسعر المعلن مع تطبيق القانون على المخابز وإنذار المخالفين بالعقاب الرادع في حالة التلاعب بالأوزان أوالأسعار .
وأوضح صيام أن هناك مشكلة كبيرة في مسألة توقيتات المخابز البلدي والتي تنهي عملها مبكرا بعد إنهاء حصتها، ولذلك يضطر عدد كبير من المواطنين لشراء الخبز من المخابز السياحية التي تبيع بأسعار مرتفعة، ولابد من تخصيص مخبز بلدي ليعمل ليلا للتخفيف عن المواطنين.