رغم الموقف الرسمية المعلنة والحملات الإعلامية الخادعة التتي شنها إعلاميو السيسي منذ شهور، والتي أكدت رفض مصر البات والقاطع لاستقبال أي لاجئين من فلسطين بسيناء أو أية مدينة مصرية، وأن ذلك خط أحمر، لا يمكن القبول به مطلقا، ولكن مع الأيام، وظنا من السيسي أن المصريين يتناسون ما يقوله ويقسم عليه ثم يحنث فيه، بدأت المخططات الشيطانية تظهر وتتجلى في الأفق.
فقد أكد موقع Ynet الإسرائيلي أن الجدار الذي تقوم القاهرة بتشييده الآن على حدود غزة، والذي نشرت صوره الأولى بالفعل، يتوقع منه أن يجهِّز المنطقة لاستقبال ما لا يقل عن مليون ونصف مليون فلسطيني من سكان غزة الذين أجبرتهم القوات الإسرائيلية على ترك منازلهم في مختلف مناطق القطاع والنزوح إلى جنوب غزة، وقد تجمع معظمهم في خيام أو في مناطق مفتوحة قريبة من شاطئ البحر، على مسافة ليست بعيدة من الحدود الرسمية بين غزة ورفح المصرية.
فيما نشرت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، نقلا عن مسؤولين في القاهرة، أن السلطات المصرية تخشى عملية إسرائيلية في منطقة رفح، ولهذا السبب شرعت في بناء مجمع محاط بالأسوار بمساحة 21 كيلومترا مربعا في شبه جزيرة سيناء، وذكرت تلك المصادر أن المنطقة المقامة ستكون مهيأة لاستقبال 100 ألف شخص.
وقال مقاولون مصريون يعملون في تهيئة المنطقة للموقع الإسرائيلي: إن “ارتفاع الجدار سيبلغ 7 أمتار في المرحلة الأولى، وإذا لزم الأمر، سنزيد من ارتفاعه فوق ذلك، وستُهدم المنازل التي بُنيت في المنطقة لاستقبال بدو سيناء بعد نزوحهم أثناء العملية العسكرية الشاملة، لتستخدم أرض المنطقة لمصلحة المشروع الجديد، وجدير بالإشارة أن هؤلاء المقاولين أنفسهم كانوا من المفترض أن يشاركوا في إعادة إعمار غزة، وبناء مبانٍ سكنية جديدة عوضا عن تلك التي دمرتها غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
استمرار المسئولين المصريين بالكذب
ومع ذلك، نفى محافظ شمال سيناء أن تكون المنطقة مخصصة لاستقبال لاجئين فلسطينيين، وقال: إن “العمليات الجارية في المنطقة، تأتي في إطار جهود ترميم المنازل التي تعرضت للتدمير خلال العملية العسكرية التي شنها الجيش المصري على عناصر تنظيم الدولة داعش في المنطقة”.
وفي وقت سابق، كشفت “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” الحقوقية في منشورات لها على فيسبوك، أن الجيش المصري بدأ قبل يومين في تجهيز منطقة واسعة في شرق سيناء بالقرب من الحدود مع غزة لاستقبال الفلسطينيين الذين يحتمل نزوحهم من غزة، إذا مضى الاحتلال هي خطة هجومه على مدينة رفح المتاخمة للحدود المصرية.
وأشارت المؤسسة إلى أن المنطقة ستكون محاطة بأسوارعالية لمنع سكان غزة من التسلل إلى أراضي سيناء والوصول إلى مناطق الوادي في القاهرة والإسكندرية ومدن القناة وغيرها، أو التسلل نحو الأراضي المحتلة.
ومن الجدير بالذكر كذلك أن مصر رفضت أكثر من مرة دعوات الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا لتوطين سكان غزة في أراضيها خارج سيناء، بل إن عبد الفتاح السيسي عبر عن هذا الرفض بغضب في أحد خطاباته، وخاطب رئيس الوزراء نتنياهو قائلا: “إذا كنت تهتم كثيرا بسكان غزة، فلماذا لا توطنهم في صحراء النقب؟”.
ومع ذلك، ذكرت تقديرات مختلفة أن مصر إذا وافقت على الاستيعاب المؤقت لسكان غزة، وأنشأت لهم مستوطنة إيواء مؤقتة في سيناء، فإن هذه الموافقة ستكون راجعة في المقام الأول إلى اعتبارات رغبتها في الحصول على تدفقات مالية، إذ تعاني البلاد أزمة اقتصادية حادة وانخفاضا في إيرادات قناة السويس، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، فضلا عن تناقص دخل السياحة بعد الحرب على غزة.
وكانت دوائر إسرائيلية عديدة، تحدثت عن إغراءات مالية ستقدم لنظام السيسي، منها 10 مليارات دولار من الاتحاد الأوروبي وتحمل واشنطن نصف ديون مصر وتقديم صندوق النقد نحو 12 مليار دولار، وتقديم تسهيلات مالية أخرى، وهو ما يبدو خيار السيسي الذي بات الأقرب والأسهل لخروج النظام المأزوم من نكساته المالية.