خناقة عائلية.. رأيك يهمني

- ‎فيمقالات

البيه مسافر في شهر رمضان يعمل عمرة، وإحنا نروح في داهية مش مهم.

 

كانت تلك إجابة صديقي الشاب، عندما لاحظت أنه زعلان وسألته عن السبب.

 

قلت له في دهشة: هو مين البيه ده؟

أجابني في غضب: أبويا طبعا مفيش غيره.

عملت على إخراجه من زعله، وبعدما هدأ قلت له: تعالى نتكلم بالمنطق والعقل،

أنا شايف أن أنت غلطان.

 

وكاد أن ينفجر من جديد.

فسارعت إلى القول: ما يصحش أن تصف والدك بكلمة “البيه” هذه.

هي في الأصل كلمة لا شائبة فيها بل ومحترمة أحيانا، لكنك هنا جعلتها محل للسخرية والاستهزاء.

 

قال: “أنت لا يمكن أن تفهمني رغم أنني بحبك مثلي مثل ناس كثيرين”.

تتمسك بالشكليات.

بيه وباشا وتترك أصل المصيبة.

وتركته يروي أسباب زعله من أغلى الناس في حياته.

 

أنت عارف أنني أوشكت إكمال الأربعين من عمري، وعايز أتجوز وابني حياتي، وبالطبع معتمد على أهلي رغم أنني مهندس، لكن دخلي لا يكفي لشراء أي حاجة من مستلزمات الزواج خاصة الشقة بكل ما تحويه، وأبويا رجل مقتدر، لكنه ليس مليونيرا.

 

فجأة طلعت في دماغه عمل عمرة في رمضان، رغم أنه حج قبل ذلك، وعمل عمرة مرتين، أنا طبعا اعترضت لأن الدنيا صعبة قوي والغلاء فاحش، والسفر إلى الأراضي الحجازية لم يعد زي زمان، بل سيتكلف آلاف الجنيهات، ونحن في حاجة إلى هذا المبلغ الطائل، أنا وإخوتي وعددهم اثنان أصغر مني  ونحن أسرة مستورة والحمد لله، وإنفاق هذا المبلغ الضخم في سفرية مالهاش لزوم، يعني ببساطة أنه لن يستطيع تحمل عبء الأسرة مثل الزواج وغيره.

 

قلت له: وماذا كانت وجهة نظر أببي الغالي؟

 

ملحوظة: ضغطت على هذه الكلمة قاصدا أن يسمعها بوضوح.

لكنه كان طناش.

فلم يلتفت إلى ما قصدته بل قال: “سعادة البيه” بيقول أنا يا ابني عجزت وقربت أقابل ربنا، وعايز أعمل عمرة قبل ما أموت.

وعامل حسابكم في كل حاجة، ما تخفش لما ربنا يفتكرني هتورثوا المبلغ المحترم.

 والحقيقة أنه ركبني عفريت من كلمة “البيه” هذه.

 وعندما سألني عن رأيي لم أحاول البحث عن إجابة دبلوماسية، بل قلت له في هدوء وحزم: “أنت غلطان، أغلى ما في حياتك اللي أنت مسميه البيه، استهزاء به وده ما يصحش، قال لك في وضوح: أنا عامل حسابكم أطمئن”.

ماذا تريد أكثر من ذلك؟ من حقه أن يتقرب أكثر من ربه قبل موته كما يقول.

لكن إذا استمرت علاقتك به متوترة، فإنه سيموت قبل أوانه من الحسرة والحزن، والضغوط النفسية من الأسباب التي تؤدي إلى سرعة الوفاة.

يعني هتجيب أجله قبل الأوان.

 

نظر إلي طويلا ثم قال: “يا خسارة كنت فاكرك مختلف عن غيرك” ثم انصرف غائبا، ولم يحدثني منذ هذه اللحظة.

 

وأسألك عن رأيك الشخصي في هذه الخناقة بين الابن ووالده، وهل أخطأت في ردي عليه؟