لمواجهة المعارضة وغضب الشعب.. تعديلات قانون الشرطة إهدار للدستور واستقلال القضاء

- ‎فيتقارير

 

يأتي التعديل القانوني الذي أصدره السيسي، ويسمح لجهاز الشرطة بعدم تنفيذ بعض أحكام القضاء، إذا تجاوزت مدتها العام الواحد، يفتح الباب أمام استثناء جهات داخل الدولة، من تنفيذ قرارات القضاء، وهو ما يهدر حقا أساسيا من حقوق المجتمع في أن يكون له جهاز قضائي ذو أحكام واجبة النفاذ على الجميع، وهو ما يشجع على البلطجة والأعمال لقذرة خارج إطار القانون، وهو ما يعيد مصر إلى قرون للوراء، حيث البلطحة وغياب القانون وتوسع الاستثناءات المقيتة، وهو ما قد يفجر أواصر المجتمع ، ويدفع الجماهير لأخذ حقوقها المسلوبة بيدها، أو فوضى مجتمعية طاحنة.

 

ويخشى أن يكون تطبيق تعديلات قانون الشرطة في مصر، مقدمة لتعميمه على فئات أخرى داخل المجتمع، تمنحها بموجبه حصانة ضد أحكام القضاء، الذي يعتبر الملاذ الأخير للمواطن للحصول على حقوقه التي كفلها الدستور.

 

وهو ما تحدث عنه السيسي بنفسه، خلال لقاءاته مع العساكر في لقاءات تثقيفية، مؤكدا أنه “مفيش ضابط هيتحاكم، يعني الضابط أحمد لو قتل واحدا أو أصابه مش هيتحاكم”.

 

ووفق  خبراء وفقهاء دستوريون وقانونيون وقضاة، فإن التعديل الجديد يشوبه عدم القانونية والدستورية .

 

التعديل الذي أُدخل على قانون الشرطة في مصر، صدر أواخر شهر فبراير الماضي بقرار جمهوري من السيسي برقم 4 لسنة 2024، والذي يمنح المجلس الأعلى للشرطة، الحق في عدم تنفيذ أحكام القضاء، وهو ما يوصف بأنه طعن في استقلال القضاء ومنظومة العدالة بأكملها، وتغول من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وعدم احترام لأحكام القضاء، ويسبب صداما بين المؤسستين القضائية والتنفيذية.

 

تحصين الشرطة

 

ونصّ القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية، على صدور قرار جمهوري بتعديل بعض أحكام (القانون رقم 109 لسنة 1971) بشأن هيئة الشرطة، بإضافة مادة جديدة برقم (102 مكررا 3) إلى القانون، وتنص على: “يسقط الحق في المطالبة بتنفيذ الأحكام الصادرة بإلغاء قرارات إنهاء الخدمة بمضي سنة من تاريخ صدور الحكم واجب النفاذ لصالح المدعي، ويجب عند التنفيذ استمرار توافر الشروط اللازمة لشغل الوظيفة ولا تسري أحكام المواد (1/382، 383، 1/384) من القانون المدني على الحالات المنصوص عليها في هذه المادة”.

 

ووفقا لهذا التعديل، فإنه يمنح المجلس الأعلى للشرطة الحق في عدم تنفيذ أحكام القضاء بعودة أي ضابط مفصول بسبب اللياقة الطبية أو الاعتبارات الأمنية أو غيرها، إلى الخدمة مرة أخرى، ويهدر أحكام القضاء في سابقة تحدث للمرة الأولى في تاريخ التشريعات المصرية، ووفق خبراء أمنيين، من الصعب أن يطبق مثل هذا القانون.

 

كما يمثل القانون طعنا في استقلالية القضاء في مصر، وذلك كون استقلالية القضاء، أحد أهم علاماتها، احترام أحكام المحاكم والعمل على تنفيذها.

 

ويطعن التعديل في منظومة العدالة بأكملها، ويمثل اعتداء على عمل القضاة في مصر، الذي يتمثل دائما في ضرورة تنفيذ واحترام أحكام القضاء المصري، بما يعد مخالفة دستورية واضحة، ويشكك في كل القرارات التي يمكن أن تصدرها وزارة الداخلية بالمخالفة للأحكام القضائية التي تصدر بشأن أحد العاملين فيها، كما أنه يخل بثوابت أولية نشأ وبُني النظام القضائي عليها منذ أكثر من 80 سنة.

 

كما يعد التعديل المقيت ممارسة غير دستورية وغير قانونية تحدث للمرة الأولى في تاريخ مصر، بأن يصدر قانون يسمح للسلطة التنفيذية بالتغول على أعمال السلطة القضائية، وهذا قطعا سيحدث صداما كبيرا بين السلطتين القضائية والتنفيذية.

 

ويأتي التعديل لإرضاء الشرطة ومساواتها في صلاحياتها بالجيش الذي يحظى باستقلالية تامة عن أية عقوبات أو محاكمات مدنية، حيث يخضع أفراده  لمحاكمات عسكرية غير معلومة ولا تحترم قانونا أو دستورا، خاصة إذا كان الطرف الآخر مدنيا، ويخشى السيسي من ثورات شعبية في ظل الغلاء الكبير الذي يضرب مصر والفقر، فيريد تحصين الشرطة في مواجهة الشعب، وإطلاق يده ضد أي معارضة للسيسي ونظامه.