في محاولة لتبرئة نفسها من مسئولية الارتفاع الجنوني في الأسعار، تتهم حكومة الانقلاب التجار ـ سواء تجار الجملة أو التجزئة ـ بالجشع واستغلال الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد ورفع الأسعار بدون مبرر، ما يؤدي إلى تصاعد شكاوى المواطنين، بسبب تراجع قدراتهم الشرائية وعجزهم عن شراء احتياجاتهم اليومية.
في المقابل يؤكد التجار أو ما يعرف بالحلقات الوسيطة، أنهم يعانون من ارتفاع الأسعار ويتعرضون لخسائر كبيرة، بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار السلع والمنتجات من ناحية، وبسبب حالة الركود التي تسيطر على الأسواق، بسبب عدم قدرة المواطنين على الشراء .
وقالوا: إن “تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار هي العامل الرئيسي في ارتفاع الأسعار، خاصة وأن مصر تستورد الكثير من السلع بجانب مستلزمات الإنتاج “.
تقاوي وأسمدة
حول هذه الأزمة قال محمد رجب تاجر خضراوات بأحد الأسواق الشعبية: إن “ارتفاع أسعار الخضراوات، يرجع إلى استيراد سماد وتقاوي زراعية من الخارج بملايين الدولارات”.
وأضاف رجب في تصريحات صحفية، الأسمدة والتقاوي المصرية لا تكفي احتياجات المزارعين، ولهذا يتم استيراد جانب منها من الخارج، وعار علينا أن تكون مصر أول دولة عرفت الزراعة في التاريخ، ويكون لدينا أزمة في التقاوي والأسمدة، مطالبا بتوفير الإرشادات والتوجيهات الصحيحة للمزارعين لزيادة الإنتاج الزراعي، مع زيادة دعم الفلاح، حتى نحقق الاكتفاء الذاتي من جميع المنتجات الزراعية، ونتمكن من تصدير جانب منها، بما يحقق فائدة ضخمة للاقتصاد الوطني.
وتابع، الخضراوات والفاكهة، سلع استراتيجية يجب تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، بنسبة ١٠٠%، لأنها أهم المواد الغذائية في البلاد، ولا يستغني عنها أي مواطن.
وأوضح رجب أنه بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والتقاوي، اضطر الفلاح إلى رفع أسعار زراعته من الخضراوات والفاكهة، وبالتالي يشتريها تجار الجملة بسعر عال، وبسبب ارتفاع تكلفة نقل الخضراوات والفاكهة من الحقول إلى الأسواق، وارتفاع أسعار العمالة، يضطر تجار الجملة والتجزئة أيضا إلى رفع الأسعار، مشيرا إلى أن عامل جني المحصول من الأرض كان يتقاضى 20 جنيها في اليوم والآن لا يقبل بأقل من 250 جنيها، وفيما كان إيجار الفدان 5 آلاف جنيه، تخطى الآن 25 ألف جنيه.
وأكد أن كل هذه الزيادات يتم إضافتها على سعر المحصول، ويتحملها المستهلك، لافتا إلى أن حكومة الانقلاب لو ساعدت الفلاح فى إنتاج محصول وفير وجيد دون أي معوقات مالية، ستتراجع أسعار الخضراوات والفاكهة كما كانت منذ 10 سنوات سابقة.
سوق الجملة
وقال إكرامي بدر الدين، تاجر بصل بسوق القليوبية للجملة: إن “سعر كيلو البصل جملة يبدأ من 12٫5 جنيه إلى 13 جنيها، ويصل السعر من 20 إلى 25 داخل الأسواق الشعبية ويتخطى حاجز الـ٣٠ جنيها”.
وأضاف بدر الدين في تصريحات صحفية، تجار التجزئة يشترون من سوق الجملة، ويتحملون تكاليف تشوين ونقل و«كارتة طرق» وأجرة العمالة التي تنقل البضائع حتى تصل إلى محلات التجزئة، وكل تلك المصروفات يتم إضافتها على سعر الكيلو ويتحملها المستهلك .
وتابع: “الناس في الأسواق بتكلم نفسها، واللي كان بيشتري 2 كيلو يشتري نصف كيلو فقط”.
بطاطس وليمون
وقال بدر الدين عبدالسلام تاجر بطاطس: “سعر الكيلو، يتراوح بين 8.5 جنيهات و 10 جنيهات حسب نوع البطاطس ، وكثير من المواطنين غير قادرين على شرائها، بسبب أسعارها المرتفعة، مطالبا زراعة الانقلاب بمساندة الفلاحين والتجار لحل أزمة ارتفاع الأسعار التي يعاني منها كل المصريين حاليا”.
وأكد فارس سطوح تاجر ليمون وباذنجان بسوق خضار وفاكهة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة تتخطى 100% وفي سوق الجملة، تراوح سعر كيلو الليمون بين 16 جنيها و18 جنيها، وسعر الباذنجان من 8 جنيهات إلى 10 جنيهات، متوقعا أن يرتفع سعر الليمون مرة أخرى مع اقتراب شهر رمضان.
كرنب وقرنبيط
وقال وليد الجابري تاجر كرنب وقرنبيط، بسوق جملة: “هناك أنواع عديدة من الخضراوات بعد حصادها يجب أن يتم توزيعها في أسرع وقت، حتى لا يلتهمها العفن، مؤكدا أنه يعيش معاناة يوميا، حتى يتمكن من بيع الكرنب والقرنبيط لتجار التجزئة في أسرع وقت، لأن هذه الخضراوات تفسد سريعا”.
وأضاف الجابري في تصريحات صحفية، سعر الكرنبة الواحدة من 8 جنيهات إلى 12 جنيها، وسعر القرنبيط 10 جنيهات، مشيرا إلى أنه يبحث يوميا عن مشترٍ للمحصول، حتى ولو بخسارة لأنه مختلف عن باقي المحاصيل الزراعية.
وأشار إلى أن المزارعين والتجار يعانون كل يوم من تراجع نسبة الطلب على المحصول، لأن أغلب الناس بطلت تشتري بسبب ارتفاع الأسعار الذي يفاجئنا كل يوم، مشددا على ضرورة وضع خطة واضحة لإنهاء أزمة ارتفاع الأسعار، حتى لا تتخرب بيوتنا أكثر من ذلك.
العمالة اليومية
وأكد طه محمد موزع «شبت وبقدونس وجرجير» في القاهرة الكبرى، أن جميع عمال جمع الخضرة من الأراضي الزراعية، توقفوا عن العمل وطالبوا بزيادة اليومية من ٢٠ جنيها إلى ٣٥ جنيها مقابل قطع ١٠٠ حزمة خضرة.
وقال محمد في تصريحات صحفية : “اضطر الفلاحون إلى الاستجابة لهم ما أدى لارتفاع سعر حزمة الشبت والجرجير والبقدونس من جنيه إلى ٢ جنيه، بنسبة زيادة ١٠٠%”.
وطالب حكومة الانقلاب بتوفير موارد لدعم العمالة اليومية، حتى لا تتسبب في زيادة الأسعار، بسبب عدم وجود مصدر دخل آخر يساعدهم على متطلبات الحياة القاسية.
قيمة الجنيه
وقال حاتم النجيب، نائب اتحاد شعبة الخضار والفاكهة بالاتحاد العام للغرف التجارية: إن “ارتفاع الأسعار في كل المستلزمات، والمنتجات الغذائية، يرجع لانخفاض قيمة الجنيه المصري، لافتا إلى أن مصر تستورد جميع بذور الخضراوات، وهذا الاستيراد تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه”.
وتوقع «النجيب» في تصريحات صحفية حدوث انخفاض كبير في الموسم الصيفي المقبل في أسعار الخضار والفاكهة بسبب زيادة الإنتاج.
وأضاف، الطماطم انخفض سعرها من 25 جنيها إلى 10 جنيهات في أسواق التجزئة، واستمرار انخفاض الأسعار يرجع لزيادة الإنتاج الزراعي في جميع المحافظات، قائلا: “أنا معنديش أزمة في الخضار والفاكهة، بالعكس أنا عندي اكتفاء ذاتي وبصدّر الخضار والفاكهة للعالم، أنا عندي 7 ملايين طن وأصدر كل سنة ما يفيض عن السوق المحلي.
وأكد «النجيب» أنه وفقا لإحصائيات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يتم استيراد نحو 98% من تقاوي الخضر والفاكهة، التي تزرع سنويا في مصر، بينما يتم إنتاج 2% فقط، بنحو 7 مليارات جنيه سنويا.