في انعكاس تام لما يفعله المنقلب السفيه السيسي بالجيش المصري، من عمليات حرف عن مهامه الرئيسية، وعبر تسمين قياداته وإشغال هياكل الجيش في البزنس والمشاريع الاقتصادية والمال الحرام، لتفريغه من مضمونه وتحويله لمجرد هيكل فارغ، وشكل من أشكال الجيوش العتيقة، بلا فعالية، جاءت شهادة الباحث بمركز كارينغي لأبحاث السياسات والشرق الأوسط، يزيد الصايغ، والذي يتخذ من واشنطن مقرا له، جاءت الشهادة فاضحة لواقع الجيش المصري.
إذ قال الباحث في الشأن العسكري المصري، يزيد الصايغ: إن “الجانب الأمريكي لا يعتبر الجيش المصري قوة مقاتلة” مشيرا إلى تقدم غالبيته في السن.
وأضاف في ندوة حوارية، قبل أيام، أن “القوات المسلحة المصرية اليوم، تضم نحو 15 ألف ضابط برتبة لواء، وهذه نسبة عجيبة، إذ لا يوجد جيش في العالم لديه هذا الكم من كبار الضباط، كون الجيوش تعتمد الشكل الهرمي”.
وتابع: “هذا يعود إلى المنافع الكبرى التي تُعطى لهؤلاء الضباط، مع تمديد فترة الخدمة، حيث كان اللواء يتقاعد بعمر الـ 58 عاما، لأربع سنوات أخرى، وبالتالي هذا الجيش أصبح جيشا غير مقاتل”.
يزيد الصايغ، ذكر أنه من خلال البحث، قابلت بشكل مباشر وغير مباشر، مجموعة من الضباط والمسؤولين الأمريكيين العاملين في العلاقة الثنائية بين البلدين، أي هم مسؤولون عن المعونة العسكرية إلى مصر، ويعملون في مختلف المستويات، وعند سؤالك لهم عن الجيش المصري كقوة مقاتلة، يقولون إنهم لا يرونه جيشا مقاتلا، ولا يعتبرونه جيشا في الأصل.
وأعرب عن خشيته من الاعتقاد بأن القوات المسلحة المصرية اليوم هي ذاتها القوات التي قاتلت عشية حرب 1967.
مؤشر دولي قد يكون خادعا
وبحسب مؤشر “غلوبال فايرباور”، فقد احتل الجيش المصري المرتبة الـ 14 عالميا والأولى عربيا.
بحسب إحصائيات ذات الموقع تقدر ميزانية الدفاع المصرية بـ 9.4 مليارات دولار.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه نحو 109.5 ملايين نسمة يصل عدد جنود الجيش المصري إلى مليون و220 ألف جندي.
ويذهب خبراء إلى أن تقديرات المؤسسات الدولية، قد يشوبها الكثير من النتوءات في تقديرهم لقوة الجيش المصري، سواء من باب المجاملة أو التنويم أو الأخذ بالشكل والعدد، دون تدقيق في البرامج التدريبية وفعالية التعامل مع الأسلحة وفنون القتال.
ويستشهد خبراء، بأعداد القتلى الكبير بين صفوف الجيش المصري، في مواجهتهم العسكرية في سيناء مع عناصر مسلحة، أوقعت الكثير من القتلى في أوساط العسكريين، وأنه لولا تعاضد القبئل والعناصر القبلية لما حقق الجيش المصري انتصارا يذكر في مواجهته مع التنظيمات المسلحة.
وكانت نيويورك تايمز، تناولت في تحقيق لها في العام 2018، هزائم الجيش المصري في سيناء، وضعف القوة القتالية وعدم إجادة التعامل مع الأسلحة الجديدة التي يمتلكها الجيش، واعتماد أفراده على الأسلحة الروسية القديمة، وهو ما تسبب في مقتل الكثير من عناصره آنذاك.
ومنذ الانقلاب العسكري في 2013، ورّط السيسي الجيش المصري في معارك جانبية، بعدما غيّر عقيدته القتالية من قتال أعداء مصر بالخارج والدفاع عن أمنها القومي، إلى استباحة دماء المصريين، الذين صاروا أعداء للوطن وإرهابيين، بتصنيفات خبيثة، ومن ضمن مخطط تفريغ الجيش المصري من فعاليته، توريطه في الاقتصاد والمشاريع الاقتصادية، كالزراعة والبيع والشراء وإنتاج البسكويت والمكرونة والزيوت والخيار واللحوم والأسماك والاستيراد والتصدير وإنتاج الدراما وامتلاك الفضائيات واستادات الرياضة وفرق كرة القدم وغيرها من الأنشطة البعيدة تماما عن المجال العسكري.
ولعل رفض السيسي خوض غمار مواجهة عسكرية ضد أثيوبيا لمنعها مياة النيل عن مصر، خير دليل على ذلك.
كما يعد إسقاط المساعدات الإنسانية على أهل غزة، دون فتح باروشتات الطائرات، وتسبب ذلك في قتل وإصابة العشرات من النازحين الفلسطينيين، لخير دليل على ضعف العمل العسكري المصري في أبسط صوره، وتبقى مصر الخاسر الأكبر من إفراغ الجيش المصري من مهامه الرئيسية.