جنون الأسعار يتحدى آمال المصريين بعد رفع الدولار الجمركي لـ49,8

- ‎فيتقارير

وكأنّ قدر المصريين بات  محتوما مع الغلاء، سواء وصل سعر الدولار إلى 70 جنيها أو هبط إلى 49 جنيها، فالغلاء متصاعد، بمبررات  مختلفة، بين الشراء بأسعار قديمة ، أو رفع قيمة دولار الجمارك من 31 جنيها إلى 49,8 جنيها.

 

ففي ظل تضخيم إعلامي لصفقة بيع رأس الحكمة والتي وصفها إعلاميو السيسي من بغال الإعلام، بأنها ستهبط بالأسعار إلى أسعار الثمانينيات، جاءت الأرقام لتشير إلى أن العكس هو صحيح، مؤكدة أن الأزمة في الاقتصاد المصري هيكلية، ولا تُحل إلا بمعجزة، وليست بدولارات رأس الحكمة.

 

فحسبما نقلت صحيفة المال عن رئيس مصلحة الجمارك  الشحات غتوري، أن حجم البضائع المفرج عنها، منذ بداية مارس الجاري وحتى العاشر منه، بـ1.2 مليار دولار، مضيفا أن متوسط قيمة الإفراج اليومي عن السلع والبضائع يصل إلى 200 مليون دولار، يوميًا، منذ بداية مارس.

 

وأشار غتوري إلى أن المصلحة تقوم بتسعير دولار الجمارك وفقا لسعر البنك الرسمي عن اليوم السابق، ما يعني أن سعر دولار الجمارك غدًا هو 48.75 جنيها، بحسب سعر الصرف اليوم.

 

ووفق مصادر بالغرفة التجارية،  فإن تسعير دولار الجمارك وفقا لأسعار سوق الصرف الرسمي تسبب في توقف الكثير من تجار الجملة عن بيع منتجاتهم لتجار التجزئة انتظارا لإعادة تسعيرها.

 

ومن ثم يتم تحميل التكلفة الجديدة للجمارك على المنتجات المتوفرة بالفعل في السوق المحلية، وألا تقتصر على الشُحنات الجديدة. 

 

وسجلت أسعار خامات الأعلاف المستوردة قفزات جديدة، حيث طالت الارتفاعات ثلاثة أنواع: طن الذرة المستورد (برازيلي وأرجنتيني) قفز إلى 14 ألف جنيه بدلًا من 12 ألف، وارتفع كُسب الصويا إلى 30 ألف جنيه بدلا من 26 ألف جنيه، كذلك علف التسمين (بروتين 23%) إلى 28 ألف و500 جنيه بدلًا من 26 ألف.

 

 ارتفاعات الأعلاف وصل صداها إلى الدواجن، حيث سجلت أسعارها، ارتفاعا بين 2 و3 جنيهات في الكيلو، ليبدأ سعر الفراخ البيضاء من 98 و99 جنيهًا، ويصل السعر للمستهلكين بين 113 حتى 115 جنيها بحسب المنطقة، بعد إضافة تكلفة النقل ومكاسب التجار، بحسب تصريحات صادرة عن قيادات بالغرفة التجارية لصحيغة المال.

 

كما لم يقتصر الغلاء على السلع الغذائية ، ومتد إلى سوق الملابس والأدوية وقطع الغيار والحبوب والمخبوزات وغيرها.

 

وتعددت شكاوى المواطنين من ارتفاعات الأسعار وغياب السلع بالأسواق، وهو ما اضطرهم للبحث في أسواق المستعمل والبالة والأسواق الشعبية في المحافظات.

 

وعلى إثر قرار تعويم الجنية، يوم 6 مارس الجاري، انخفض سعر صرف الجنيه المصري في السوق الرسمي بأكثر من 60%، حيث كان سعر تداوله مقابل الدولار 30.9 جنيها قبل التعويم، ثم تجاوز سعر التداول 54 جنيها يوم التعويم، ثم في نهاية اليوم وصل إلى 50.54 جنيها بالبنوك الرسمية.

 

وقرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري كان متوقعا ولم يكن مفاجئا فهو تحصيل حاصل، حيث إن التعويم لم يرتبط بالإرادة المحلية فقط بل فرضته الإرادة الخارجية ممثلة في صندوق النقد الدولي وروشتته الاستعبادية، والذي أوقف الشريحة الثانية من قرضه الأخير المقدر بثلاثة مليارات دولار حتى الالتزام بإملاءاته وفي مقدمتها التعويم، لذا لم يكن مستغربا أن يصدر قرار التعويم وبعثة الصندوق موجودة في مصر، وبعدها بساعات قليلة أبرمت الحكومة اتفاقا بقيمة 8 مليارات دولار مع الصندوق إضافة إلى قرض إضافي من الصندوق من مليار إلى 1.2 مليار دولار من تمويلات المناخ، حسبما قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي عصر يوم التعويم؛ مع محافظ البنك المركزي حسن عبد الله ورئيسة بعثة صندوق النقد الدولي لمصر.

 

إن التعويم في مصر له تبعاته القاتلة؛ من تآكل المدخرات وغلاء الأسعار وزيادة نسبة الفقر بذوبان ما تبقى من الطبقة المتوسطة، وزيادة فاتورة الواردات، وتضاعف قيمة الدين الخارجي عند تقييمه بالعملة المحلية، ولا أمل في زيادة الصادرات في ظل عدم مرونتها وانكماش القطاع الخاص.