بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في زمن الانقلاب..الأطباء والمهندسون ورجال الأعمال يهاجرون إلى الخارج 

- ‎فيتقارير

 

 

 

الظروف الاقتصادية الصعبة  في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي دفعت الكثير من الأطباء والمهندسين وأصحاب الأعمال المرموقة والسيادية إلى تصفية أعمالهم داخل مصر، أو الحصول على إجازة دون أجر أو الاستقالة من وظائفهم، من أجل السفر خارج البلاد، للعمل والاستفادة بفرق العملة الدولارية. 

 

تزايد معدلات الهجرة ورحيل الكوادر المؤهلة يهدد بنقص الكفاءات في مصر خاصة في قطاعات الطب والهندسة، بجانب تدهور الاقتصاد المصري، بسبب تفضيل رجال الأعمال وأصحاب الشركات الاستثمار في الخارج . 

 

حكومة الانقلاب تتجاهل الأزمة ولا تبذل أية جهود لمواجهتها، أو الاستفادة من الكوادر والخبرات المصرية . 

  

الوضع الاقتصادي 

 

حول هذه المأساة قال كمال محمد، طبيب أمراض نساء يعمل في السعودية: إن “ضعف الأجور والمناخ غير الملائم وضغط العمل، جميعها عوامل دفعته إلى الهجرة في الفترة الأخيرة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية، لافتا إلى أن الأطباء في مصر يعانون الكثير من المشاكل سواء من ناحية الأجور أو من ناحية بيئة العمل، التي تعتبر طاردة للأطباء وليست جاذبة لهم، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي لا يحتمل”.

 

وأكد محمد، في تصريحات صحفية أن الكثيرين من زملائه يفكرون أيضا في الهجرة للعمل خارج البلاد، مشيرا إلى أن هذا التوجه لا ينفي إحساس الأطباء بالمسؤولية تجاه بلدهم وأهلهم، لكن هناك العديد من العوامل تدفعهم نحو الهجرة منها ضعف الأجور، ضغط العمل، ضعف الإمكانيات، قلة عدد الأطباء وأخيرا الوضع الاقتصادي. 

 

وكشف أن العجز في عدد الأطباء، يؤدي إلى زيادة الضغط على الطبيب، حيث يقوم بالعمل لمدة تزيد عن ساعات العمل الرسمية في أحيان كثيرة، ويجري كشوفات بأعداد كبيرة يوميا، بالإضافة إلى ضعف المردود المادي، بالمقارنة حتى بتكلفة التعليم التي تحملها أثناء دراسته. 

  

وأشار «محمد»،  إلى أن راتب الطبيب يتراوح بين 3200 و4000 جنيه، أي ما بين 100 و150 دولارا أمريكيا شهريا، وبفرق العملة لا نستطيع مقارنة هذا الراتب بما يحصل عليه الطبيب في الخارج، معربا عن أسفه لضعف الحماية القانونية للطبيب، حيث يتعرض الطبيب لاعتداءات من المواطنين؛ بسبب الثقافة المنتشرة بأن الطبيب هو المسؤول عن كل أزمات الصحة في مصر.  

 

خريجو الهندسة  

 

وقال أحمد سالم مهندس مصري يعمل في ألمانيا: إن :نحو 20% من خريجي كليات الهندسة في مصر يسافرون للخارج سواء هجرة مؤقتة للعمل بالخليج أو لأوروبا وأمريكا اللاتينية للهجرة والعمل بشكل دائم وهم النسبة الأكبر، مشيرا إلى أن ألمانيا تحديدا خصصت بطاقة زرقاء تسمح للمتخصصين تحديدا في مجال الحاسبات والمعلومات للعمل في الاتحاد الأوروبي، ما سهل خروج عدد لا بأس به من الكوادر الشابة في هذا المجال”. 

 

وأضاف «سالم» في تصريحات صحفية ، أن ذلك يرجع إلى عدد من العوامل التي تجعل من السفر تحقيقا لكل الأحلام التي لم ولن نقدر على تحقيقها في مصر، مؤخرا، بسبب الأوضاع الاقتصادية، مشيرا إلى أن هناك المناخ مناسب للعمل والدراسة بعكس ما يحدث لنا في مصر. 

 

وأوضح أنه بسبب فرق العملة اتخذ قرار السفر فورا خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، مؤكدا أنه لن يفكر في العودة إلا بعد أن يحقق أحلامه التي سافر الى الخارج من أجلها . 

 

ظروف صعبة  

 

وقال الدكتور خالد عمارة استشاري أمراض الجهاز الهضمي: إن “سمعة الأطباء والجراحين المصريين عالمية تعرفها أغلب بلاد العالم، ومعروف عنهم المهارة والخبرة لقوة التعليم الطبي في مصر وقدرته على تخريج مهارات طبية عالية المستوى في كل فروع الطب”.

  

وحذر «عمارة» في تصريحات صحفية ، من أن أزمة هجرة الأطباء تتزايد يوما بعد يوم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، حيث ترك أكثر من 13.5 ألف طبيب وظائفهم في مصر بين عامي 2021 و2022، 2023؛ مما زاد الضغط على المستشفيات وسط تقلص الأعداد المتاحة من الأطباء المؤهلين.

 

وأكد أنه بالرغم من أنه ليس طبيبا في مقتبل العمر أو طبيبا يبحث عن فرصة، ولكنه مع كل الضغوط والظروف الاقتصادية الحالية يفكر جديا في الانتقال إلى دول الخليج أو الخارج حتى يجد التقدير الكافي ماديا وعلميا وأدبيا، لافتا إلى أن أي دكتور سيجد الفرصة لن يتردد لحظة للعمل بالخارج مهما كان منصبه، أو عائده المادي. 

 

رحيل الكوادر  

 

وقال الدكتور السيد خضر الخبير الاقتصادي ومدرس الاقتصاد بمعاهد الجزيرة العليا: إنه “في ظل استمرار تصاعد وتيرة الأزمات والصراعات العالمية وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية الداخلية، خاصة في ظل عدم تحقيق التوازن بين المدخلات والمخرجات والتأثير على ارتفاع الأسعار والتضخم تتزايد الأعباء الإضافية على المواطنين، هذا يساهم في التفكير واللجوء إلى السفر والهجرة  إلى الخارج”. 

 

وأضاف «خضر» في تصريحات صحفية، أن الهجرة تزايدت في فترة الحالية؛ بسبب الأوضاع والضغوط الاقتصادية الصعبة، وفرق العملة الدولارية، مؤكدا أن كثرة الهجرة في الوقت الحالي ستؤثر إيجابيا وسلبيا على الاقتصاد. 

 

وكشف أن ظاهرة زيادة الهجرة للأطباء والمهندسين وأصحاب الأعمال المرموقة المصريين إلى الخارج ترجع إلى تدني مستوى الأجور، وانعكاس ذلك على انخفاض مستوى المعيشة؛ مما يؤثر على الأوضاع داخل البلاد بعدة طرق منها التأثيرات السلبية من خلال نقص المهارات والكفاءات، حيث يؤدي رحيل الكوادر المؤهلة إلى نقص المهارات والكفاءات في مصر، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطب والهندسة، بالإضافة إلى صعوبة تلبية احتياجات السوق المحلية بسبب هذا النقص.

 

وأشار «خضر»  إلى أن تبديد الاستثمارات يؤدي إلى رحيل أصحاب الأعمال المرموقة، حيث يفضل بعض المستثمرين توجيه استثماراتهم وخبراتهم في الخارج بدلا من دعم التنمية الاقتصادية في بلدهم، وفقدان الموارد البشرية، مؤكدا أن رحيل الأطباء والمهندسين والكفاءات العليا خسارة للموارد البشرية في مصر، بجانب أنه يؤثر على القدرة على تطوير البنية التحتية وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.

 

وأكد أن هناك تأثيرات إيجابية من خلال تحويل الأموال، حيث يمكن أن يساهم العائد المالي الذي يرسله المصريون المغتربون إلى أسرهم في مصر في تعزيز الاقتصاد من خلال زيادة تحويلات العاملين بالخارج في حالة ثبات سعر صرف الدولار، وكذلك القضاء على السوق السوداء ودعم النمو الاقتصادي. 

 

تحسين الظروف الاقتصادية

 

وقال محمود عليان باحث في شؤون الهجرة: إن “هجرة الأطباء تزايدت في الفترة الأخيرة، وليس الأطباء فحسب بل الطبقة العليا من مهندسين وعلماء ومخترعين وأصحاب الجهات السيادية، بسبب عدم وجود المناخ الذي يساعد على الابتكار والنجاح في مصر، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الحالية، وذلك لتحقيق أحلامهم المادية أو العلمية”. 

 

وأضاف «عليان» في تصريحات صحفية ، أن نحو 20% من الأطباء يلجأون  إلى الهجرة؛ بسبب الظروف الاقتصادية التي تعد عاملا تعجيزيا لهم أو نقص في التشريعات والقوانين، لافتا إلى أنه وفقا لآخر إحصاء فإن نحو 15% من المهندسين يجرون وراء فرصة الهجرة للدول الجاذبة للعمل مثل ألمانيا وإنجلترا وأمريكا. 

 

وطالب حكومة الانقلاب بالعمل على تحسين الظروف الاقتصادية، وأعداد مشاريع وقوانين لحل هذه الأزمة، مؤكدا أن هناك معوقات اقتصادية كبيرة تواجهها حكومة الانقلاب في هذا المجال .