مع الارتفاع الجنونى فى الأسعار الذى تشهده مصر فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي اختفت موائد الرحمن من شوارع المحروسة خلال شهر رمضان هذا العام ..رغم أن موائد الرحمن على مدى عقود طويلة، كانت علامة مميزة فى الشوارع طوال الشهر الكريم، لكن هذا العام تراجعت أعداد موائد الرحمن حتى كادت تختفى تماما وهو ما آثار حالة من الحزن والاكتئاب بين الفقراء الذين كانوا ينتظرون هذه الموائد من أجل الحصول على وجبات الإفطار .
وبسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية تراجع أهل الخير عن إقامة موائد رمضانية لإفطار الصائمين، وانخفضت أعداد موائد الإفطار حتى كادت أن تختفى، وبعد أن كانت بعض شوارع القاهرة تشهد أكثر من خمس موائد، أصبحت أحياء بالكامل تخلو من أى مائدة!
واكتفى كثير من أهل الخير باستبدال الموائد بـ«كرتونة رمضان» التى يتم توزيعها على الفقراء مرة واحدة بسبب انخفاض تكلفتها المالية مقارنة بالوجبات الرمضانية التى يتم توزيعها طوال شهر رمضان المبارك.
العمال والفقراء
حول هذه الظاهرة قال محمد محمود- أحد مقيمى موائد الرحمن بالقاهرة – إن الارتفاع الكبير فى أسعار السلع انعكس بشكل واضح على أبرز معالم شهر رمضان المبارك وهو موائد الرحمن..
وأكد محمود فى تصريحات صحفية أن الكثير من العمال والفقراء كانوا ينتظرون شهر رمضان لتناول طعام مجانى يضم أصنافاً عديدة من الأطعمة إضافة للبروتين من اللحوم الحيوانية والدواجن، لكن ارتفاع الأسعار الجنونى لجميع السلع الغذائية، منع الكثيرين من إقامة موائد هذا العام خاصة أن كيلو اللحوم تجاوز سعره 450 جنيهاً.
وأشار إلى أن قلة أعداد موائد الرحمن هذا العام تحولت إلى كابوس للفقراء، الذين كانوا يمنون أنفسهم بتناول وجبات مجانية طوال الشهر الكريم، ولكن حلمهم تبخر بعد التراجع الكبير فى أعداد موائد الرحمن.
أهل الخير
وأكدت هاجر إبراهيم- أحد مقيمى موائد الرحمن بحى إمبابة بالجيزة، إنها لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات لا تقيم مائدة للرحمن فى رمضان.
وقالت هاجر إبراهيم فى تصريحات صحفية : الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها جميع طبقات المجتمع المصرى، أثرت سلباً على أعمال الخير التى كان يتميز بها شهر رمضان المبارك، فانخفض عدد موائد الرحمن بشكل ملحوظ، واختفت تمامًا من الشوارع المصرية، وتناقصت أعداد المتبرعين للأعمال الخيرية بنسبة تتخطى الـ80% بسبب جنون الأسعار الذى حدث .
وأضافت : فى السنوات السابقة كنت أشارك طوال شهر رمضان فى إطعام 300 صائم كل يوم، لكن بعد الأزمات الاقتصادية التى ضربت جميع البيوت المصرية، من الصعب توفير 10 وجبات يوميًا بسبب متطلبات الحياة القاسية، ومن كان يساعد بالتبرعات المالية أو السلع الغذائية، فى السابق لا يستطيع الآن الإنفاق على وجبة واحدة.
وتابعت هاجر إبراهيم: كان بعض أهل الخير يساعدونى فى إقامة مائدة الرحمن، والمفاجأة الكبيرة أن من كانوا يتبرعون لإقامة المائدة، يقفون هذا العام فى طوابير الفقراء للحصول على كرتونة رمضان!
وجبات الإفطار
وأكد محروس إبراهيم أحد مقيمى مائدة الرحمن فى شبرا الخيمة، أنه أصر على إقامة مائدة هذا العام رغم ارتفاع أسعار السلع الغذائية .
وقال ابراهيم فى تصريحات صحفية : وجبات الإفطار تختلف تمامًا عن السنوات السابقة بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، موضحا أنه فى السابق كانت وجبات الإفطار توضع فى أطباق ويدور الطباخ على طاولات المائدة بمساعدة العاملين وتقديم المأكولات بـ«الكبشة» وكانت الوجبة مكونة من ثلاث قطع لحوم كبيرة قد تتخطى الـ 250 جراماً، أو قطعة من الفراخ، حسب رغبة الصائم، إضافة إلى طبق أزر كبير وثلاثة أنواع من «الطبيخ» حسب طلب زائر المائدة، وكان أغلبها بطاطس أو فاصوليا أو شوربة خضار مكونة من بسلة وجزر وكوسة، مع طبق سلطة خضراء ومخلل وعصير تمر أو عرق سوس وبلح .
وأضاف : كان العديد من الطبقات البسيطة يحضرون معهم «حلل» للحصول على وجبات من الأطعمة لأفراد العائلة، لكن مع الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد أصبح لا مجال لاختيار الزائر نوع الوجبة المقدمة أو الكميات كما كان فى السابق.
وكشف إبراهيم أن نظام الوجبات وتوزيعها وأشكالها، تم تغييره تمامًا هذا العام، فصارت نوعاً واحداً فقط من الخضار وقطعة صغيرة من اللحوم الحمراء لا تتخطى الـ90 جراماً، وعلبة مخلل صغيرة وتم إلغاء العديد من المكونات الأساسية للوجبات ويتم توزيعها على المحتاجين والحاضرين فقط،
وأكد أن أعداد الوجبات انخفض بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، خاصة أسعار اللحوم والدواجن.
تجميع الغلابة
وكشف أسامة محمد – صاحب مائدة بشبرا الخيمة، أن وجبات الإفطار فى السنوات السابقة كانت ملؤها البركة وتقدم بنفس راضية وكلها تقدم لوجه الله دون انتظار جزاء أو شكور، لكن الآن البعض لا يقدمها لوجه الله حيث يتم تجميع الغلابة ويصطفون على الأرصفة ويتم تصويرهم أثناء توزيع الوجبات عليهم للمتاجرة بالأعمال الخيرية، والتباهى بإلإنفاق على الوجبات للصائمين .
وقال محمد فى تصريحات صحفية: الأكثر استغراباً من ذلك تجميع اسماء الذين ينتظرون وجبة الإفطار، لليوم الثانى حيث يتم المناداة عليهم بالاسم لإعطائهم الوجبات دون مراعاة لجبر الخواطر، ولا يستطيع أحد أن يحصل على وجبة دون تسجيل اسمه فى اليوم السابق، معتبرا أن ما يحدث الآن من متاجرة بالأعمال الخيرية هو تحطيم لخواطر المساكين.