أرباح بالمليارات..عصابة العسكر تحتكر سوق  المستلزمات الطبية وتوقف العمليات الجراحية في المستشفيات

- ‎فيتقارير

 

 

تعانى المستشفيات الحكومية والجامعية من أزمة نقص المستلزمات الطبية فى زمن الانقلاب الدموى بقيادة عبدالفتاح السيسي وهو ما تسبب في ارتباك عمليات تقديم الخدمة الطبية .

الأزمة تفاقمت في الشهور الأخيرة بسبب تأخر هيئة الشراء الموحد في سداد المديونيات لشركات المستلزمات الطبية، وخروج عدد كبير منها من السوق، وكذلك التدهور السريع في سعر الصرف ونقص الدولار. 

المستشفيات اضطرت الى التوقف عن اجراء العمليات الجراحية أو مطالبة المرضى بشراء المستلزمات الطبية التى يحتاجونها من السوق السوداء على حسابهم الخاص  

من جانبهم حمل أصحاب شركات مستلزمات طبية وأطباء هيئة الشراء الموحد التى أنشأها السيسي المسئولية الكاملة عن أزمة قطاع المستلزمات الطبية .

وأكدوا أن الهيئة حققت أرباحًا بالمليارات، خلال الأعوام الماضية، رغم تأسيسها بهدف السيطرة على أزمات القطاع المتكررة وفق مزاعم حكومة الانقلاب . 

 

يشار إلى أن فكرة إنشاء هيئة الشراء الموحد أنشئت بعد مزاعم روجتها حكومة الانقلاب بأن شركات المستلزمات الطبية تحقق مكاسب ضخمة من خلال توريد المستلزمات الطبية للمستشفيات الحكومية، ومن أجل الاستيلاء على الكعكة تدخلت هيئة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، ونظمت مناقصة في العاصمة الألمانية برلين، عام 2017، دعت إليها الشركات العالمية مباشرة -دون الموردين المصريين- لشراء الأجهزة والمستلزمات الطبية بمناقصة موحدة ، بدلًا من قيام المستشفيات والهيئات ووزارة صحة الانقلاب بشراء مستلزمات كل منها بمفردها.  

وبالفعل عُقدت هيئة الخدمات الطبية مناقصة ومفاوضات مع الشركات العالمية، وبدأت في توريد المستلزمات الطبية لكنها لجأت إلى احتكارها ورفع أسعارها وعدم توريد الكميات المطلوبة للمستشفيات الحكومية خاصة تلك التى تقدم العلاج بالمجان . 

في المقابل، تقلصت صلاحيات وزارة صحة الانقلاب، بعدما استحوذت الهيئة الجديدة على كل ما يخص شراء المستلزمات والدواء والتى احتكرت السوق احتكارًا «مرعبًا»، وأصبح التوريد عن طريقها فقط، وحصلت على موازنة جميع المستشفيات ماعدا مستشفيات الجيش . 

 

هيئة الشراء الموحد

 

حول هذه الأزمة قال استشاري مخ وأعصاب بأحد المستشفيات الحكومية في الفيوم : أنا عندي مريضة هتركب صمام ، وناقص في المستشفى، وسعره في السوق السوداء 32 ألف جنيه في حين أن ثمنه في هيئة الشراء الموحد 6500 جنيه .

وأعرب عن أسفه لأن هناك جنان حاصل في الأسعار مؤكدا أنه بسبب الأزمة، لجأ كثير من المرضى قبل إجراء العمليات الجراحية بمختلف أنواعها إلى شراء المستلزمات الطبية من السوق السوداء على نفقتهم الخاصة، بأضعاف السعر المحدد من هيئة الشراء الموحد.

وأضاف استشارى المخ والأعصاب : أصبحنا نشتري كل شيء من المستلزمات الطبية من السوق السوداء والمريض لا يملك إلا أن يشتريها وذلك غير موفر إطلاقًا على مستوى الخدمة الصحية ،

وأشار إلى أنه بجانب نقص المستلزمات الطبية، هناك أزمة نقص مواد التخدير. موضحا أنه كاستشاري مخ وأعصاب التخدير شيء أساسي في شغله .

وكشف الاستشارى أنه تم إبلاغه بأن هناك مجموعة من العمليات في أحد المستشفيات الحكومية صباح اليوم التالي ، لكن تم إلغاؤها بسبب عدم توافر مستلزمات التخدير في تلك المستشفيات. 

وأكد أن الأزمات بدأت في الظهور، بعد خلافات تداول العاملون في القطاعات المختلفة للرعاية الطبية أخبارها بين شركات المستلزمات الطبية وهيئة الشراء الموحد، بسبب عجز الشركات عن توريد المستلزمات بالأسعار التي اتفقت عليها مع الهيئة مسبقًا. 

 

بدون خبرة

 

وأرجع صاحب شركة مستلزمات طبية حدوث ارتباك في عملية التوريد إلى ضعف خبرة هيئة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، بسبب إجراءات تسجيل هذه المستلزمات في مصر والتي تتطلب لجانًا فنية تستغرق وقتًا.

وأكد أن المشكلة الأكبر أن الهيئة لم تكن مستعدة لتخزين ما قامت بتوريده، حيث تتطلب هذه المستلزمات شروطًا محددة للحفاظ عليها، ولهذا اضطرت لتخزينها في هنجر تابع لهيئة الإمداد والتموين الطبي بالقوات المسلحة، وهو ما اعترضت عليه الشركات. بعدها، قامت الهيئة بإعداد مخازن في منطقة العباسية لاستقبال ما يتم توريده. 

وأشار صاحب شركة المستلزمات الطبية إلى أنه بعد انتهاء مناقصة برلين، نظمت هيئة القوات المسلحة مناقصة أخرى بشرم الشيخ، في أكتوبر 2017، لكنها دعت الوكلاء المصريين إليها هذه المرة بعدما أدركت أهمية دورهم، لأنهم المسؤولون عن التوريد والتحصيل من الشركات العالمية. 

وكشف أن هذه المناقصة كذلك شهدت ارتباكًا بسبب ضعف الخبرة. وواجهت الشركات المصرية الحاضرة صعوبة في شرح طبيعة المهنة، وكيفية التوريد للمستشفيات مؤكدا أنه «كان أهم حاجة عند العسكر انهم يدوا التمام أنهم وفروا المستلزمات الطبية دون فهم طبيعة احتياج المستشفيات»

ولفت صاحب شركة المستلزمات الطبية الى أنه على سبيل المثال، طلبت إحدى المستشفيات الحكومية توريد 50 بالونًا تستخدم في العمليات الجراحية المختلفة، لكن الهيئة ورّدتها لهم بمقاس واحد على عكس المفترض. «حاولنا نشرح لهم أن لما المستشفى يطلب 50 بالونًا مش 50 بيادة، مينفعش نفس المقاس لما بنعمل عمليات لازم في مقاسات مختلفة وبنراعي ده في التوريد»

وأوضح أنه بعد انتهاء مناقصتي شرم الشيخ وبرلين، أدركت عصابة العسكر أن الوضع يحتاج إلى قانون وهيئة منفصلة لأن حجم البيزنس مع الشركات كبير للغاية. ولهذا تم إقرار قانون هيئة الشراء الموحد،

 

فساد المناقصات

 

وكشف محمد إسماعيل، رئيس شعبة المستلزمات الطبية أن أحد الدوافع وراء تأسيس الهيئة كان التخلص من الفساد المنتشر في عمليات المناقصات، بزعم أن وجود هيئة واحدة للشراء يمنع الفساد.

وأكد إسماعيل فى تصريحات صحفية أن هناك شبهات فساد في عمليات المناقصات والتوريدات وسداد مديونيات الشركات التي تقوم بها الهيئة، لأنها تتعامل «كأنها فوق القانون والمحاسبة». على سبيل المثال، تدفع بعض الشركات عمولات لبعض الموظفين في الهيئة لكي تسترد بعضًا من المستخلصات المتأخرة. 

وأشار إلى أن الطريقة التي تعمل بها الهيئة تسببت في أزمات كبيرة للشركات العاملة في المجال كما تسببت فى عدم وفرة المستلزمات الطبية في المستشفيات. موضحا أن الهيئة تعمل عبر مناقصات تُطرح على الشركات. وخلال المناقصة، يتم الاتفاق بين الطرفين على مقابل محدد لتوريد المنتج. لكن تحصيل أموال هذه الشركات يستغرق فترات طويلة تصل في بعض الأحيان إلى ستة أشهر. 

وأوضح إسماعيل أنه بسبب بطء دورة تحصيل الأموال، لم تتمكن سوى الشركات الكبيرة التي تمتلك عباءة مالية كافية من الاستمرار. مؤكدا أن هذا الوضع أدى إلى خروج عدد كبير من أصحاب الشركات الصغيرة من السوق. وتسبب هذا في نقص عدد كبير من المستلزمات الطبية بسبب عجز الشركات الكبيرة عن توريد جميع المستلزمات الطبية، والتي كانت يغطيها تنوع الشركات الصغيرة.