لعله من ضمن الإنجازات الكبرى التي لم يتغنَ بها إعلاميو البغال، ما جناه أصحاب الثروات والمليونيرات بمصر من فقدان أكثر من 20% من قيمة ثرواتهم، لا لشيء، إلا لأداء الجنيه المنهار وانخفاضاته القاسية وتقلباته المرة.
حيث فقد مليونيرات مصر 20٪ من قيمة ثرواتهم خلال السنوات العشر الماضية، مدفوعة بتدهور قيمة الجنيه وتذبذب أداء البورصة وضعف أداء أسواق المال.
وفي أحدث تقرير لمؤسسة استشارات الثروات الدولية الأميركية “هينلي آند بارتنرز”، حول الثروة الأفريقية لعام 2024، والصادر في 18 أبريل الجاري، فقد باتت مصر من بين الدول المرشح تراجع أعداد أصحاب الملايين بها، رغم تزايد أعداد أصحاب الملايين بنسبة 65٪ في دول القارة الأفريقية خلال العقد المقبل، مع استمرار تدهور قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الصعبة والإجراءات الروتينية التي تدفع المستثمرين إلى الهجرة بالخارج وابتعادهم عن اقتناء الممتلكات.
أداء سيىء للجنيه
وأكد التقرير أن أداء الجنيه كان سيئا طوال العشرية الأخيرة، أسوة بعملات أغلب البلدان الأفريقية الأخرى مقارنة بالدولار، والتي شهدت تراجعا تجاوز 75% في مصر ونيجيريا وأنجولا وزامبيا.
وتظهر تقارير دولية تراجع قيمة الجنيه المصري بنحو 80٪ منذ بدء برامج التعويم التي نفذتها الحكومة منذ عام 2016، حيث ارتفع سعر الدولار من مستوى 7.5 جنيهات إلى نحو 50 جنيها حاليا، بما أدى إلى وقوع ثلثي أفراد المجتمع عند مستوى حد الفقر المحدد من قبل البنك الدولي، مع اتجاه 33% من تعداد تلك الشريحة إلى الفقر المدقع، حيث لا تتمكن الأسر من توفير أكثر من وجبة يوميا.
وأوضح التقرير التاسع الذي تصدره سنويا “هينلي آند بارتنرز”، وفق أرقام حتى ديسمبر 2023، أن إجمالي الثروة القابلة للاستثمار الموجودة حاليا في دول القارة الأفريقية يبلغ 2.5 تريليون دولار، متوقعا زيادة أعداد المليونيرات بنسبة 65% على مدى السنوات العشر المقبلة.
ويكشف التقرير وجود 135 ألفا و200 شخص لديهم ثروات سائلة قابلة للاستثمار تبلغ مليون دولار أوأكثر يعيشون في أفريقيا، إلى جانب 342 مليونيرا ينتمون إلى فئة ذوي الغنى الفاحش، بامتلاك 100 مليون دولار أو أكثر و21 مليارديرا.
وتمثل أسواق الثروة “الخمسة الكبار” في القارة السوداء، أي جنوب أفريقيا ومصر ونيجيريا وكينيا والمغرب، التي تملك مجتمعة نحو 56% من أصحاب الملايين بالقارة وأكثر من 90% من عدد مليارديراتها.
ووفق التقرير، فمن المتوقع أن يكون أعلى نمو لعدد المليونيرات في دول موريشيوس وناميبيا والمغرب وزامبيا وكينيا وأوغندا ورواندا، حيث سينمو كل منها بنسبة 80٪ أو أكثر، مدفوعا جزئيا بتدابير جذب المستثمرين الأجانب وتشجيع الملكية، كما هو الحال بشكل خاص في موريشيوس وناميبيا.
وبحسب تقديرات المشاركين بالقرير، فإن الدول الأفريقية تخسر أعدادا كبيرة من الأثرياء بسبب الهجرة، مما يؤدي إلى تآكل ثروات القارة، مؤكدين مغادرة ما يقرب من 18 ألفاً و700 مليونير من الأفراد ذوي الثروات العالية أفريقيا خلال الفترة 2013-2023.
يشار إلى أن عائلتي ساويرس ومنصور المسجلتان في قائمة أغنى أغنياء العالم، طوال العقد الماضي، إلى نقل ثرواتهما وإدارات شركاتهما إلى كل من دولتي الإمارات وبريطانيا على التوالي، مما دفع عددا من كبار رجال الأعمال إلى نقل استثماراتهم إلى السعودية ودول الخليج وأوروبا، هرباً من القيود التي تضعها الحكومة على القطاع الخاص وانتشار الفساد وتراجع العملة وشح الدولار، مع وجود مخاوف من المصادرة للاستثمارات، وفقا لقوانين الإرهاب التي تطبق بطريقة عشوائية، على بعض رجال الأعمال غير المقربين من الدوائر المقربة من كبار المسؤولين بالدولة والأجهزة الأمنية.
وتعد القاهرة من بين أغلى عشر دول في قيمة السكن الحضري الفاخر، لمساحة ما بين 200-400 متر، حيث يبلغ متوسط سعر المتر المربع نحو 1500 دولار.
ويعبر التقرير عن أوجاع الأغنياء والأثرياء في مصر، الذين تجرعوا مرارات السيسي، كما الفقراء الذين عانوا الأمرين وما زالوا يعانون.