في أحدث وقائع سرقات الآثار المتزايدة، منذ الانقلاب العسكري، وسيطرة العسكر على تاريخ مصر وحاضرها ومستقبلها أيضا، جاء الكشف عن قضية سرقة تمثال أوزوريس من المتحف المصري الكبير بمنطقة الأهرام، من قبل ثلاثة من كبار المسئولين بالمتحف.
وسط تضارب في المعلومات حول تاريخ اختفائه
ويوم الجمعة الماضية، صدر أمر إحالة ثلاثة متهمين بسرقة تمثال المعبود الفرعونى الأثري المصنوع من البرونز الذي يعود إلى العصر الفرعوني المتأخر (664 – 332 قبل الميلاد) إلى محكمة الجنايات، وقد بيّنت التحقيقات أن المتهمين استغلوا وظائفهم في سرقة تمثال أوزوريس وتزوير السجلات الخاصة به، علما أن السرقة تعود إلى عام 2012 لكن اكتشافها حصل خلال عملية جرد بالمتحف عام 2019.
والقضية التي حملت الرقم 71 لسنة 2024 كلي أكتوبر وقيدت تحت رقم 44 لسنة 2024 جنايات أموال عامة عليا، اتُّهم فيها ثلاثة مسؤولين في المتحف المصري الكبير بسرقة تمثال أوزوريس وبتزوير مستندات مخازن الآثار في المتحف بهدف طمس الجريمة، مدعين بأن التمثال اختفى، وقد جرى التحقيق في هذه القضية تحت إشراف المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا المستشار معتز الحميلي.
والمتهمون في هذه القضية هم رئيس قسم الآثار اليونانية والرومانية في المتحف المصري الكبير مسعد مبروك (50 عاما) الذي شغل في السابق منصب أمين العهد الأثرية ومنصب رئيس مخزن الآثار غير العضوية رقم 91 لدى مركز ترميم الآثار في المتحف، ومدير إدارة اختيارات القطع الأثرية للعرض المتحفي في المتحف المصري الكبير محمد بدر الدين (52 عاما) الذي شغل في السابق منصب مدير إدارة المخازن الأثرية والتسجيل لدى مركز ترميم الآثار في المتحف، والمدير السابق لشؤون الآثار والمعلومات والمسؤول السابق عن قاعدة البيانات الإلكترونية في المتحف المصري الكبير محمد عطوة (44 عاما).
وبحسب ما ورد في ملف القضية، أفاد رئيس الإدارة المركزية للمخازن المتحفية والنوعية لدى المجلس الأعلى للآثار سعيد شبل، في التحقيقات، بأنه على أثر تكليفه بفحص حركة الآثار المقيدة في السجلات الأثرية، تبين له أن المتهم الأول (مبروك) تسلم تمثال الإله أوزوريس البرونزي من أمين العهدة سلفه من أجل حفظه وصيانته، أضاف شبل أن المتهم الأول سلم الرقم الأثري ذاته تحت إشراف لجنة برئاسة المتهم الثاني إلى أمين العهدة الذي خلفه، بوصفه عملة أثرية من البرونز ثبت أنها مزورة على شكل عملات أثرية مصرية منسوبة زورا إلى العصرين التاريخيين الروماني والبطلمي، خلافا للحقيقة ولحقيقة الأثر المعهود به إليه.
وأكد شبل أن الوصف المخالف للحقيقة مُثبت في محضر إجراءات التسليم والتسلم لأمين العهدة الذي خلفه، يُضاف إلى ذلك إدراج صورة قطعة العملة المزيفة الفوتوغرافية في قاعدة بيانات المتحف المصري الكبير الإلكترونية في الرقم الأثري الخاص بالتمثال الذي وُضع بيانه بخلاف الحقيقة، إذ إن المدرج سابقا في قاعدة البيانات المذكورة هو التمثال المعهود به إليه.
من جهته، أفاد عضو هيئة الرقابة الإدارية محمد فراج (37 عاما)، في التحقيقات نفسها، بأن تحرياته السرية توصلت إلى أن المتهم الأول (مبروك) سرق التمثال من المتحف المصري الكبير بمشاركة المتّهمَين الثاني (بدر الدين) والثالث (عطوة) وقد زوّر الأخيرين مع الأول محررات رسمية هي محاضر نقل العهد الأثرية المتعلقة بالأثر محل الواقعة في قاعدة بيانات المتحف المصري الكبير الإلكترونية، لإخفاء سرقة تمثال أوزوريس البرونزي، يُضاف إلى ذلك تزييف المتهم الأول قطعة عملة معدنية على شكل الآثار المصرية القديمة وإبرازها أمام مسؤولي المتحف برقم التمثال نفسه من أجل إخفاء سرقته.
وعند انتهاء التحقيقات، وجهت نيابة الأموال العامة إلى المتهم الأول مسعد مبروك، في قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية، تهمة أنه موظف عام، ومن الأمناء على الودائع، اختلس أموالا وأوراقا وجدت في حيازته بسبب وظيفته، أضافت النيابة أنه اشترك بالاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني محمد بدر الدين والمتهم الثالث محمد عطوة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي إلكتروني وهو صحيفة قاعدة البيانات الإلكترونية الخاصة بالمتحف المصري الكبير، المخصصة لإثبات بيانات الآثار، وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بتغيير المحرّرات بطريقتي الحذف والإضافة.
كذلك اتهمت النيابة مبروك بتزييف أثر بقصد الاحتيال، وكان ذلك بأن زيف قطعة معدنية على غرار الحقيقة العملة الأثرية التي يعود إصدارها إلى العصرَين التاريخيين الروماني والبطلمي في مصر القديمة، متداولا إياها على أنها أصلية مثبتا بيانها بالمحررات المزورة، قاصدا الاحتيال على مسؤولي جهة عمله وإخفاء جريمة سرقة تمثال أوزوريس البرونزي.
السيسي راعي تهريب الآثار
وشهدت الفترة الأخيرة، الكثير من وقائع تهريب الآثار المصرية للخارج، وفي إحدى المرات جرى قطع الكهرباء عن مطار القاهرة، في سابقة غير متخيلة في دولة من دول العالم، وردت الكويت حاوية تحمل تابوتا لتمثال مصري كبير، وأوقفت السلطات الإيطالية شحنة مهربة من الآثار تضمنت آلاف القطع الآثرية، جر تهريبها إلى إيطاليا.
فيما يحتوي متحف اللوفر الإماراتي على نجو 32 ألف قطعة أثرية مصرية، من العهود المختلفة جرى تهريبها وبيع بعضها واستعارة البعض الآخر، وهو ما يعرض تاريخ مصر للزوال ، بفضل فساد بارونات العسكر الذين يشاركون في مهزلة سرقة تاريخ مصر وتشويه حاضرها ومستقبلها.