قالت منظمة العفو الدولية إنها وثقت بين يناير ومارس 2024، 4 حالات اعتقال واحتجاز تعسفيين لأفراد في 3 محافظات، اشتكوا من ارتفاع الأسعار في تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت المنظمة عبر تقرير على موقعها على الشبكة ونوهت له عبر منصاتها على (اكس)، أن السلطات استجوبت عشرات العمال من شركة تابعة للقطاع العام شاركوا في إضراب في فبراير للمطالبة برفع الحد الأدنى للأجور، بينهم اثنان لا يزالان محتجزين تعسفيًا.
ولفتت المنظمة إلى أن قوات الأمن فضّت مظاهرة في مارس، واعتقلت متظاهرين ألقوا باللوم على عبد الفتاح السيسي في “تجويع” الفقراء في إشارة لمظاهرة الأسكندرية.
واعتبرت “العفو الدولية” أن اعتقال المحتجين، والعمال المضربين، وأشخاص آخرين فقط لأنهم “عبّروا عن أرائهم على الإنترنت عن تعامل السلطات مع الأزمة الاقتصادية”.
ولفتت إلى اتفاق نقدهم مع انتقاد وجهته صحيفة “إيكونوميست” البريطانية حيث قالت: إن الاستثمارات غير المسبوقة من الإمارات لتطوير مشروع رأس الحكمة في مصر “لن تحل مشاكلها الاقتصادية المزمنة”، معتبرة أنها “تؤجل الأزمة”.
ونقلت المنظمة عن نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، سارة حشاش، أن حكومة السيسي “.. تلجأ مجددًا إلى الأساليب القمعية لسحق أدنى شكل من أشكال المعارضة، سواء كانت احتجاجًا سلميًا أو إضرابات عمالية أو مجرد تنفيس الناس عن إحباطهم في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وأضافت “بدلًا من اعتقال الأفراد بسبب التحدث علنًا عن تدهور الأوضاع المعيشية، يجب على السلطات المصرية اتخاذ خطوات فعَّالة للإيفاء بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من وطأة الأزمة الاقتصادية”.
وتابعت “يجب على السلطات المصرية احترام الحق في حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، والإفراج فورًا عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم لهذين الحقّيْن”.
اعتقالات تعسفية
ونبه تقرير “العفو الدولية” إلى 4 حالات لأفراد اعتُقلوا تعسفيًا بين يناير ومارس 2024، لنشرهم محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية أو يشكو من ارتفاع الأسعار.
واعتقلت سلطات الانقلاب 4 أشخاص من منازلهم أو أماكن عملهم في محافظات الدقهلية والشرقية والجيزة، بينما “فتحت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات ضدهم بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب ونشر أخبار كاذبة، إذ لا يزال الأربعة رهن الحبس الاحتياطي”.
وقال موظف في شركة خاصة، قُبض عليه في 14 مارس من مكان عمله في الجيزة، لنيابة أمن الدولة العليا، إنه اعتُقل لمجرد نشره مقطع فيديو على فيسبوك يشكو فيه من ارتفاع تكلفة أدوية والدته.
وقبل تقديمهم إلى نيابة أمن الدولة العليا، أخفت السلطات المعتقلين الأربعة قسريًا لفترات تتراوح بين يومين وتسعة أيام، أثناء احتجازهم في مكاتب قطاع الأمن الوطني، في مدن المنصورة والزقازيق و6 أكتوبر.
واعتقلت داخلية السيسي في 11 فبراير مواطن من منزله في الدقهلية، ثم عرّضته للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء إخفائه قسريًا في مكتب قطاع الأمن الوطني.
جوّع الناس
تقرير “منظمة العفو الدولية” قال إن خبراء المنظمة راجعوا مقاطع الفيديو على (تيك توك) أدت إلى اعتقاله، وأشارت إلى أن الرجل انتقد في أحد المقاطع المشاريع الوطنية للسيسي، وألقى باللوم عليه في جوع الناس، وانتقد الارتفاع المستمر في الأسعار في محلات البقالة.
وقال الرجل للنيابة إنَّ ضباط قطاع الأمن الوطني ضربوه وصعقوه بالكهرباء، لكن النيابة لم تحقق في شكواه أو تحيله إلى الطب الشرعي لإجراء فحص.
وفي فبراير، حدّد السيسي الحد الأدنى للأجور الشهرية للعاملين في القطاع العام بـ 6,000 جنيه مصري (حوالي 125 دولارًا أميركيًا).
ونقل تقرير “العفو الدولية” عن “دار الخدمات النقابية والعمالية، غير الحكومية”، أنه في 22 فبراير شارك آلاف العمال في شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة، وهي شركة تابعة لقطاع الأعمال العام في محافظة الغربية، في إضراب للمطالبة بزيادة بدلات وجبات الطعام وزيادة الرواتب لتلبية الحد الأدنى الوطني الجديد للأجور.
وأنهى العمال الإضراب في 29 فبراير، بعد أن أصدر وزير قطاع الأعمال العام قرارًا في الـ25 من نفس الشهر يحدد الحد الأدنى للأجور لجميع شركات قطاع الأعمال العام بـ 6,000 جنيه مصري.
وأبلغت دار الخدمات النقابية والعمالية منظمة العفو الدولية أنَّ قطاع الأمن الوطني استدعى خلال الإضراب نحو 28 عاملًا، واستجوبهم دون حضور محامٍ، واحتجزهم بمعزل عن العالم الخارجي لفترات تتراوح بين يوم وثلاثة أيام.
وأُفرج عن جميع العاملين باستثناء اثنين أُحيلا إلى نيابة أمن الدولة العليا التي فتحت تحقيقات ضدهما بتهم ملفقة بـ “الانضمام إلى جماعة إرهابية” ونشر “أخبار كاذبة”. ولا يزالان رهن الحبس الاحتياطي، بحسب المنظمة.
احتجاج الأسكندرية
وفي 15 مارس، فرّقت الشرطة عشرات المحتجين السلميين الذين تظاهروا في حي الدخيلة بمحافظة الإسكندرية احتجاجًا على ارتفاع تكاليف المعيشة، واعتقلت عددًا غير معروف وفقًا لوسائل إعلام محلية.
وأظهرت مقاطع فيديو للاحتجاج جرى تداولها على منصة إكس، متظاهرين يرفعون لافتات كُتب عليها “جوعتنا يا سيسي”. ونقلت الشرطة المعتقلين إلى إحدى مكاتب قطاع الأمن الوطني في الإسكندرية، وفقًا لأحمد العطار، المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية مستقلة.
وأشارت المنظمة إلى أنه من بين المعتقلين ضابط صف بالجيش أُخفي قسريًا لمدة خمسة أيام على الأقل قبل إحالته إلى المحكمة العسكرية بالإسكندرية.
ووفقًا لمصادر مطلعة تحدثت إليها المنظمة، حكمت عليه المحكمة في 23 أبريل بالسجن لمدة ثماني سنوات وأمرت بطرده من الجيش، ولم يُكشف علنًا عن التهم الموجهة إليه.
وأبلغ محامو حقوق الإنسان منظمة العفو الدولية أنه ليس لديهم معلومات عما إذا كان بقية المحتجين المعتقلين قد حوكموا أو أطلق سراحهم دون توجيه تهم إليهم.
وقالت المنظمة إن الأزمة الاقتصادية المستمرة في مصر أدّت إلى تردي الظروف المعيشية لعشرات الملايين الذين يعيشون بالفعل في فقر، أو معرضين لخطر الفقر.
وفي فبراير، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 48.5% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، في حين بلغت نسبة التضخم السنوي 36%، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر.
https://twitter.com/AmnestyAR/status/1789965634010263636