في مؤامرة جديدة لإلغاء الدعم، أعلنت حكومة الانقلاب أنها تدرس التحول من الدعم العيني للسلع التموينية ورغيف الخبز إلى الدعم النقدي، زاعمة أن هذا التحول ظاهرة عالمية، وليست مصرية فقط وأنها تضمن وصول الدعم لمستحقيه.
كما زعمت حكومة الانقلاب أن فاتورة الدعم تكلفها نحو 626 مليار جنيه بموازنة العام المقبل، مشيرة إلى أنها ستطرح الأمر للحوار المجتمعي، بهدف خفض الدعم وتوجيهه إلى صرف مبالغ مستحقة للأسر وفق تعبيرها .
يأتي ذلك عقب قرار مجلس وزراء الانقلاب بزيادة سعر رغيف الخبز إلى 20 قرشا بدلا من خمسة قروش، وتطبيقه بداية من يوم السبت الماضي، ومحاولة إظهار جدوى منظومة الدعم النقدي والحد من استنزاف قيمة الدعم الحكومي المالية، وفق مزاعم مطبلاتية العسكر .
يشار إلى أن هناك تكهنات حول آلية وموعد تطبيق الدعم النقدي، والمقترح بصرف 1000 جنيه شهريا لكل فرد على بطاقة التموين بعد إتمام عملية مراجعة كافة المستحقين، بعد تصريحات رئيس وزراء الانقلاب التي زعم فيها أن فاتورة الدعم السنة المالية المقبلة تبلغ 636 مليار جنيه بزيادة 20% عن السنة المالية الحالية، مع الصرف لكل فرد على حدة واحتساب قيمة الدعم المستحق شهريا، واحتساب متوسط قيمة الدعم النقدي المقترحة، مع تحديد المعايير الأساسية لاستحقاق الدعم النقدي وموعد تطبيقه.
ظاهرة عالمية
في هذا السياق زعم محمد معيط، وزير مالية الانقلاب، أن كل دول العالم تحولت من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، مشيرا إلى أنه يرى أن الدعم النقدي سيفيد الناس أكثر من الدعم العيني وفق تعبيره.
وأضاف معيط، في تصريحات صحفية، يجب توجيه الدعم للفئات المستحقة، مشددا على ضرورة أن تكون هناك منظومة لوصول الدعم لمستحقيه.
وأشار إلى أن نسبة الفاقد في الدعم العيني كبير جدا، زاعما أنه سيكون هناك 40 مليار جنيه تكلفة مشروع تكافل وكرامة في موازنة 2024-2025.
وأضاف معيط : “لو أنا بطلع مبلغ معين لدعم الأسر سيذهب مباشرة إلى الأسر، مهما كان هناك ثقة في وصول الدعم العيني للمواطن، يكون هناك فاقد في الدعم العيني بنحو 25% إلى 35%”.
حوار مجتمعي
في المقابل شدد الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث سابقا، على أهمية التحول من الدعم العيني إلى النقدي في ظل زيادة الأسعار وتكلفة الدعم، لكن بشرط بداية حوار مجتمعي يضمن سعرا أفضل لسعر رغيف الخبز والسلع، موضحا أن البعض يفضل الحصول على نقاط الخبز والاستفادة من شراء سلع تموينية أخرى، منها السكر والزيت والمكرونة خاصة أن رغيف الخبز التمويني ليس بالجودة العالية.
وقال عبدالمطلب في تصريحات صحفية : “إذا كانت هناك دراسات حول الدعم سنجد الكثير من المواطنين يحصلون على نقاط الخبز والدعم النقدي رغم أنها سلع بدون جودة عالية، مشيرا إلى أن تطبيق الدعم النقدي سيكون خلال فترة 6 أشهر قادمة لإجراء مزيد من الدراسات”.
وأشار إلى أن هناك نية من حكومة الانقلاب للتحول إلى الدعم النقدي، لكن التخوف الوحيد من رفع سعر الرغيف إنه قد يؤثر على أسعار الخبز الأخرى وسعر السلع البديلة مثل المكرونة، مشددا على ضرورة أن تكون لدى دولة العسكر خطة ومجموعة آليات لعدم حدوث رفع الأسعار نتيجة رفع أسعار الخبز المدعوم، وآلية لتطبيق الدعم النقدي.
منظومة سعرية
وحذر الخبير الاقتصادي الدكتور خالد شافعي، من أن إلغاء الدعم في ظل عدم الرقابة على الأسواق سيضع المواطن تحت رحمة التجار، مطالبا حكومة الانقلاب بالتوقف عن السير في هذا الاتجاه.
وأكد شافعي في تصريحات صحفية أن مصر في زمن العسكر لا تمتلك منظومة سعرية موحدة، فضلا عن ضعف الأدوات الرقابية على الأسواق وعدم وجود إجراءات محددة، وهو ما يجعل فكرة التحول لصرف إعانات بديلة عن الدعم التمويني والخبز المدعم تضع المواطن تحت طائلة تفاوت سعرية ضخمة يحددها التجار ويضغط على الخدمات التي ستباع بالسعر الرسمي دون تمييز.
وطالب باستمرار الدعم العيني وتفعيل الرقابة لحين وضع منظومة مستقرة داخل الأسواق، مشددا على أن إحكام الرقابة في حد ذاته سيلتهم نسبة ليست قليلة من التضخم الذي يشهد ارتفاعا حاليا.
جريمة
وقال الباحث الاقتصادي، إلهامي الميرغني: إن “قرارات حكومة الانقلاب برفع سعر الخبز المدعم من خمسة قروش إلى عشرين قرشا للرغيف في بلد يعيش فيه أكثر من ٣٥% تحت خط الفقر، يعني أنها تتجاهل الغلابة الذين لا يجدون لقمة العيش، مشددا على أن دعم الخبز ضرورة وفرض عين”.
واعتبر الميرغني في تصريحات صحفية التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي جريمة واعتداء علي حق أكثر من نصف السكان في الغذاء الكافي.
وحذر من أن رفع سعر رغيف الخبز 300% مرة واحدة يضر بقدرة المصريين علي الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من العيش الحاف، مؤكدا أن هذا القرار جاء خضوعا من جانب حكومة الانقلاب لشروط صندوق النقد الدولي الذي أغرق مصر في مستنقع الديون .
وأشار الميرغني إلى أنه يوجد ٤٤ مليون مواطن لا يستفيدون من منظومة دعم الخبز التي تطبق على ٦٢ مليون مواطن، إضافة إلى أن نسبة لا يستهان بها تستكمل احتياجها من الخبز الحر، موضحا أنه تم تخفيض وزن رغيف الخبز المدعم من ١٣٠ جراما إلى ٩٠ جراما، وبذلك أصبحت كمية الخبز لا تكفي استهلاك الفرد اليومي من (العيش الحاف) بدون أي طعام آخر .
وأكد أن سياسات حكومة الانقلاب الفاشلة جعلت مصر تنفق ٦٢% من الاستخدامات على سداد الفوائد وأقساط الديون، إضافة إلى أن ما يقرب من نصف مستحقات الدعم أرقام مختلف عليها سواء دعم المنتجات البترولية أو دعم التأمين الاجتماعي، والذي هو جزء من قسط أموال المعاشات التي استولت عليها وزارة مالية الانقلاب.
وحذر الميرغني حكومة الانقلاب من القرارات التي تمس الفقراء، قائلا : “ابتعدوا عن اللعب بالدعم ولا تكرروا أخطاء الماضي، في ظل مخاطر سياسية كبري تحيط بمصر”.