في كل دول العالم التي تحترم شعوبها، تأتي الحكومة الجديدة أو المسئول الجديد، في بداية فترته ليزف للمرؤوسين أو المحكومين بسيل من الوعود أو البشريات التي تقلل معاناتهم، وتفتح طاقات الأمل لهم، بمعيشة أفضل، أو حتى وقف الظواهر السلبية وأسباب معاناة المواطنين، إلا في مصر المنكوبة بحكم العسكر، الذين أدمنوا الاستهانة بالشعب بعدما امتطوهم في مسرحية 30 يونيو، لإسقاط أول تجربة ديمقراطية، لحكم رئيس مدني، كان يشعر بمعانة الشعب ويعيشها، لم يتربَ بين قصور الفساد أو أروقة العسكر الفسدة.
أمس الثلاثاء، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: إنه “لا سبيل أمام الحكومة الجديدة سوى رفع أسعار بعض السلع الأساسية بصورة تدريجية، ضاربا المثل بالسولار، كونه لا يزال يباع في السوق المحلية بسعر 10 جنيهات للتر، بينما تصل تكلفة إنتاج اللتر على الدولة إلى 20 جنيها”، على حد قوله.
وتعد زيادة السولار أم الكوارث التي ينتظرها المصريون، إذ سترفع أسعار كل شيء في مصر، حيث تعتمد عليه وسائل النقل الجماعي ونقل لبضائع والزراعة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، ما سيتسبب في زيادة أسعار الغذاء والأدوية والملابس والأدوات المدرسية والمكتبية والآلات والمواد الخام…..الخ.
وتشهد مصر حالة من الترقب إزاء الإعلان عن أسعار الوقود الجديدة، ارتباطا بآلية تعديل أسعار بيع المنتجات البترولية كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت الحكومة عن تحرير دعم منتجات البنزين بصورة نهائية، وفق خطة متدرجة، حتى نهاية عام 2025، ومن المرجح أن يرتفع سعر بيع السولار بقيمة جنيه للتر، من 10 جنيهات إلى 11 جنيها، وبنزين (80) من 11 جنيها إلى 12 جنيها للتر، وبنزين (92) من 12.50 جنيها إلى 14 جنيها للتر، وبنزين (95) من 13.50 جنيها إلى 15 جنيها للتر.
الصبر يا مصريين
وعلى طريقة السيسي العاجز، الذي لا يجد سوى الضحك على عقول المصريين، تارة بأنتو نور عينيننا، وتارة اصبروا وستروا العجب العجاب، قال
مدبولي، في مؤتمر صحفي، عقده عقب اجتماع الحكومة برئاسته: إنه “على مدار عام ونصف العام تحملت الحكومة أعباءً كثيرة نيابة عن المواطن، واليوم تحتاج إلى تعويض جزء من الدعم الموجه إليه عبر رفع أسعار بعض الخدمات”، مشيرا إلى أن برنامج الحكومة الجديدة مدته ثلاث سنوات من الآن، وكل ما يطلبه من المصريين هو الصبر على أداء وزرائها.
وتزامنت كلمات مدبولي مع إعلان د صندوق النقد الدولي استبعاد مصر من جدول اجتماعاته المقررة الأربعاء، مناقشة صرف الشريحة الثالثة من قرض الصندوق لمصر بقيمة 820 مليون دولار، بسبب عدم استيفاء بعض الشروط، وفقا لما نقلته “بلومبيرغ الشرق” وبعد إتمام المراجعة الأولى والثانية، قال صندوق النقد الدولي: إن “إجراء المراجعة الثالثة يلزم مصر بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، ونشر تقارير التدقيق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحسابات المالية، وتنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي، بالإضافة إلى التشاور مع موظفي صندوق النقد للنظر في استكمال البنك المركزي الامتثال لمعايير المحاسبة المصرية”.
الديون المتراكمة
وإضافة لما سبق، كان يتعين على مصر تطوير استراتيجية السداد لتسوية المدفوعات المتراكمة لمتأخرات الهيئة المصرية العامة للبترول عن عقود التوريد المقومة، مع مراعاة عدم تراكم أي متأخرات جديدة، وإطلاق مؤشر لتتبع تنفيذ سياسة ملكية الدولة بنهاية يونيو 2024، ونشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية بنهاية إبريل 2024.
وبلغت مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مجال استكشاف واستخراج النفط والغاز لدى الهيئة المصرية العامة للبترول، نحو 4.5 مليارات دولار، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في مارس الماضي.
زيادة أسعار الأدوية
وتطرق رئيس الوزراء أيضا إلى أزمة نقص الأدوية، وارتفاع أسعارها، بقوله: إن “تحريك وزيادة أسعار الأدوية في السوق المحلية سيكون بحسابات دقيقة، وعلى ضوء خطة لرفع الأسعار تدريجيا بداية من الشهر الجاري حتى نهاية العام الجاري، حتى يمكن القضاء على ظاهرة نقص الكثير من أصناف الدواء”.
وزاد أن “الحكومة اتفقت مع شركات الأدوية على تحريك محسوب جداً، وبنسب مقبولة في أسعارها، خلال الفترة المقبلة”، مضيفا أن “قطاع الدواء يحكمه استيراد المادة الخام اللازمة للتصنيع من دول بعينها، مع وجود أزمة سابقة في تدبير العملة الأجنبية بالسعر الرسمي، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراء تصحيحي بتوحيد سعر الدولار في السوقين الرسمية والموازية ، الأمر الذي عرض الشركات إلى خسائر عند الإنتاج بالتكلفة الجديدة”.
وتناسى مدبولي غياب أكثر من 1500 صنف دوائي بشكل تام من الأسواق، ما يعرض المصريين لموت محقق، بجانب ارتفاع جميع الأصناف الموجودة بنحو 150%، ما يؤكد كذب مدبولي وحكومته على الشعب الملتاع بنيران الأسعار.
ويعتبر كلام مدبولي بما لا يدع مجالا للشك أن القادم في مصر أسوأ على كل الأصعدة.