لا يكاد يمر يوم في مصر إلا ويزداد بطش الأجهزة الأمنية ضد معارضي نظام قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، سواء بإلقاء السلطات الأمنية القبض على مواطنين، أو بتنكيل إدارات السجون بالمعتقلين، عن طريق قتلهم بالبطيء، بالتعذيب تارة، والتكدس داخل الزنازين ، وتارة أخرى بحبسهم انفراديا ومنع الزيارة، وحرمانهم من العلاج.
وقال مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب: إن “النصف الأول من العام الجاري شهد العديد من الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز، كما زاد القبض التعسفي، وصدر العديد من الأحكام التي تبين أن النظام مصمم على استمرار وطأة الانتهاكات بشأن حقوق الإنسان، حيث وثق 1958 انتهاكا مختلفا لحقوق الإنسان، في سجون مصر ومقار الاحتجاز المختلفة”.
وأوضح مركز النديم أن الانتهاكات داخل السجون في النصف الأول من العام الجاري، تنوعت ما بين تعرض سجناء الرأي والمحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، كما أنهم محرومون عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم، ما تسبب في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز.
الاختفاء القسري
وقال المركز في تقريره: إنه “على الرغم من أن السلطات تنفي وجود حالات اختفاء قسري، فإن الوضع الراهن في مصر يؤكد أن الاختفاء القسري أصبح واقعا لا يمكن نفيه، وهو وسيلة تستخدمها السلطات مع كافة أطياف الشعب المصري سياسيا أو جنائيا سواء لإخضاعهم للتعذيب، للاعتراف بالجرائم أو للضغط على أحد من ذويهم المطلوبين للقبض عليهم”.
الإخفاء القسري
وبحسب المركز، فإن عدد المختفين قسريا من السياسيين في النصف الأول من العام الجاري قد بلغ نحو 167 حالة إخفاء قسري، و1057 مختفيا قسريا ظهروا بعد مدد وفترات إخفاء متباينة، بينما وصل عام 2023، إلى 2465 شخصا، ليصبح إجمالي عدد المختفين منذ عام 2013 حتى نهاية يونيو، 17380 شخصا مختفيا.
التدوير
تناول التقرير، ما يعرف بالتدوير، وهي محاكمة السجين في قضية جديدة بعد انتهاء سجنه، كنوع من العقاب،وورصد 180 حالة تدوير لمعتقلين على ذمة قضايا جديدة.
الإهمال الطبي
يمثل الإهمال الطبي أحد أنواع الانتهاكات التي رصدها التقرير، وقال المركز: إن “السجون تشهد حاليا غياب الرعاية الصحية الكافية أو الإهمال الطبي، على الرغم من وجود نصوص قانونية تكفل حق المسجونين في الرعاية الصحية، وشهدت السجون المصرية 28 حالة وفاة و7 حالات قتل خارج القانون خلال النصف الأول من العام الجاري”.
وتناول التقرير 67 حالة تعرضت للإهمال الطبي، وتعد عائشة خيرت الشاطر، ابنه خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، أحد تلك الحالات، حيث إنه منذ إيداعها سجن القناطر للنساء، وهي تعاني من مضاعفات صحية، حيث تعرضت لحدوث فشل في النخاع العظمي أدى إلى نقص حاد في خلايا الدم مثل الصفائح وكرات الدم.
التعذيب الفردي والجماعي
وحول أشكال التعذيب التي يرصدها المركز سواء الفردي أو الجماعي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، تتنوع ما بين الضرب والنقل لزنزانة انفرادية بالقوة، والسحل والصعق بالكهرباء في أماكن مختلفة وحساسة في الجسم، وربط اليدين من خلاف وتعليق الأرجل، ورمي البراز في الوجه وعصب العينين”.
ورصد التقرير 35 حالة تعذيب فردي في السجون ومقار الاحتجاز، و163 حالة تكدير فردي، و209 حالات عنف و45 حالة تعذيب وتكدير جماعي لسجناء،
كما يعاني العديد من المعتقلين بالإضافة إلى الانتهاكات السابقة التي رصدها مركز النديم، إلى جرائم أخرى تتركب بحقهم مثل الحبس الإنفرادي، والمنع من الزيارة، والتضييق.
الحبس الانفرادي
الحبس الانفرادي، مثل انتهاكا آخر تشهده السجون، وبين التقرير، أنه على الرغم من أن قانون تنظيم السجون حدد الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجونين، ومنها الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على 30 يوما، وفقا لقيود وضوابط محددة، إلا أن الواقع يؤكد شيوع توقيع هذا الجزاء التأديبي على السجناء السياسيين لأجل غير مسمى واستمراره في بعض الحالات إلى عدة سنوات، ما مثل تنكيلا وسحقا لإنسانية السجناء.
وفي تقرير سابق ضرب أمثلة لثلاث سجناء سياسيين يخضعون للحبس الانفرادي منذ أكثر من 10 سنوات، هم الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور باسم عودة وزير التموين الأسبق في عهد الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، والمحامي صبحي صالح البرلماني السابق.
المنع من الزيارة
من بين الانتهاكات التي تحدث داخل السجون، المنع من الزيارة، وهي وسيلة للتنكيل بالسجناء وعقابهم على معارضة سياسات النظام، وهناك العديد من السجناء يواجهون المنع من الزيارة لسنوات، وأبرزهم المحامي عصام سلطان الذي ألقي القبض عليه بتهمة المشاركة في اعتصام مؤيدي الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي في ميدان رابعة في يوليو2013، وأحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس الدكتور محمد مرسي، فمنذ اعتقاله عقب أحداث الثالث من يوليو 2013، جرى منع أسرته من زيارته منذ 9 سنوات، وكانت آخر زيارة له كانت في يناير 2014.
التنكيل بالنساء
كان للسجينات نصيب من الانتهاكات، ففي منتصف عام 2023 تم نقل المعتقلات السياسيات من سجن النساء في القناطر الخيرية إلى سجن النساء الجديد في منطقة سجون العاشر من رمضان، وعند دخولهن الزنازين فوجئن بوجود كاميرات مراقبة، ما يعد انتهاكا للخصوصية ويمثل وسيلة ابتزاز وتحرش واضح ضد المعتقلات.
وفي رسالة مسربة من السجن، قالت المعتقلات: إنهن “اعترضن على هذا الإجراء، وردت إدارة السجن أن الكاميرات موجودة لرصد حركاتهن على مدار الساعة وفقا لتعليمات وزير الداخلية، ما اضطر المعتقلات لارتداء ملابسهن كاملة، خوفا من تصويرهن واستغلال هذه الصور ضدهن، وهن الآن يعانين الحر الشديد داخل محبسهن”.