تسبب قرار حكومة الانقلاب برفع أسعار الوقود في ارتفاع أسعار السلع والخدمات في الأسواق المصرية بداية من تعريفة المواصلات، وحتى أسعار الفواكه والخضروات والمواد الغذائية، وهو ما أثار استياء المواطنين، خاصة في ظل تراجع قدراتهم الشرائية بجانب تزايد معدلات البطالة وتراجع الدخول.
يأتي هذا القرار في سياق سعي حكومة الانقلاب لتقليص عجز الموازنة العامة وتحسين الوضع المالي للبلاد، لكنه يحمل آثارا متعددة تتجاوز الجوانب الاقتصادية، لتؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن المصري.
يشار إلى أن أسعار الوقود تُعد أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على التكاليف الاقتصادية ، التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاتها من الطاقة، وعلى مدى السنوات الماضية، شهدت البلاد ارتفاعات متكررة في أسعار الوقود، والتي جاءت كجزء من سياسة حكومة الانقلاب الرامية إلى تقليص الدعم ورفع الأسعار .
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور كرم سلام عبدالرؤوف ، رئيس قسمي الاقتصاد والتجارة الإلكترونية بكلية العلوم الإدارية ـ جامعة باشن الأمريكية: إن هناك عدة دوافع لرفع أسعار الوقود، منها”.
- تقليص الدعم الحكومي، حيث تهدف حكومة الانقلاب إلى خفض تكاليف دعم الوقود التي تُعتبر عبئا ثقيلا على الميزانية العامة.
- تحسين العجز المالي إذ إن رفع الأسعار يُساعد في تقليل العجز في الموازنة العامة، من خلال زيادة الإيرادات الحكومية.
- تشجيع كفاءة الطاقة، حيث إن زيادة أسعار الوقود يُحفز الأفراد والشركات على تقليل استهلاك الطاقة والبحث عن بدائل أكثر كفاءة.
وأكد عبدالرؤوف في تصريحات صحفية، أن هناك أثارا اقتصادية على المواطن جراء رفع أسعار الوقود، منها:
- زيادة تكاليف المعيشة، إذ إن ارتفاع أسعار الوقود يؤدي إلى زيادة تكاليف النقل والشحن، مما يرفع أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الغذاء والدواء، وهذه الزيادة تؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا لأولئك الذين يعتمدون على دخل ثابت أو منخفض.
- تأثيرات على النقل حيث تأثرت تكلفة النقل بشكل كبير بقرار رفع أسعار الوقود، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف السفر اليومي للأفراد وزيادة أسعار النقل العام.
وأضاف أن قرار رفع أسعار الوقود، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أسعار السلع الغذائية والخضروات والفواكه والخبز، إذ إن رفع أسعار الوقود له تأثيرات واسعة النطاق على أسعار السلع الغذائية والخضروات والفواكه والخبز، ويعتمد مدى التأثير على عوامل مثل درجة الاعتماد على الوقود في الإنتاج والنقل، والقدرة على نقل التكاليف إلى المستهلكين، والاستجابة الاقتصادية العامة، وهذه بعض النقاط التي توضح مدى تأثير ذلك:
- زيادة أسعار الوقود تؤدي إلى زيادة تكاليف النقل، ما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع الغذائية والخضروات والفواكه لأن تكلفة نقلها إلى الأسواق سترتفع.
- تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى زيادة تكاليف إنتاج للسلع التي تعتمد على الوقود في عمليات التصنيع أو التشغيل، وهذا يشمل الخبز، لأن الأفران والمخابز تعتمد على الوقود.
- رفع أسعار الوقود يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل عام، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين ويزيد من أسعار السلع بشكل شامل.
- أي زيادة في تكاليف الوقود تؤثر على سلاسل التوريد بأكملها، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف النهائية للمنتجات.
- قد يؤدي رفع أسعار الوقود إلى تأثيرات غير مباشرة على الاقتصاد، مثل زيادة تكلفة المعيشة بشكل عام، ما يدفع التجار والمزارعين إلى رفع أسعار منتجاتهم لتعويض هذه الزيادات.
وأوضح عبدالرؤوف أن هناك عدة عوامل تسهم في اتخاذ قرار رفع أسعار التذاكر فور رفع أسعار الوقود، لضمان استمرارية خدمات النقل العام. هذه العوامل هى :
- زيادة تكاليف التشغيل فعندما ترتفع أسعار الوقود، يزداد العبء المالي على شركات النقل العام لتغطية تكاليف الوقود المتزايدة.
- الحفاظ على مستوى الخدمة فزيادة الأسعار قد تكون ضرورية للحفاظ على جودة الخدمة المقدمة للمستخدمين وعدم تقليل عدد الرحلات أو تدهور حالة المركبات.
- تعويض العجز المالي، حيث قد يكون هناك عجز مالي ناتج عن الفارق بين التكلفة الفعلية لتشغيل وسائل النقل والعوائد المحصلة من التذاكر، رفع الأسعار يساهم في تقليل هذا العجز.
4 زيادة الإيرادات لضمان استمرارية الخدمة وتطوير البنية التحتية للنقل العام، قد يكون رفع الأسعار وسيلة لزيادة الإيرادات اللازمة.
وأشار عبدالرؤوف إلى أن رفع أسعار الوقود يؤثر بشكل كبير على سوق اللحوم والدواجن من عدة جوانب، أهمها ما يلى:
- زيادة أسعار الوقود تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والنقل، والزراعة تعتمد بشكل كبير على الوقود في تشغيل المعدات والآلات الزراعية، وكذلك في نقل الأعلاف والمنتجات الزراعية.
- ترتفع أسعار الأعلاف نتيجة لزيادة تكاليف النقل، مما يزيد من تكاليف تربية المواشي والدواجن، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن في السوق.
- ارتفاع أسعار الوقود يؤثر على تكاليف النقل والتوزيع، مما يؤدي إلى زيادة أسعار اللحوم والدواجن في الأسواق نتيجة لزيادة تكاليف نقلها من المزارع إلى الأسواق والمستهلكين.
- ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها، حيث قد يبحث المستهلكون عن بدائل أرخص أو يقللون من استهلاكهم لهذه المنتجات.
- ارتفاع أسعار الوقود يسهم في زيادة معدلات التضخم مما يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين وقدرتهم على شراء اللحوم والدواجن.
توقيت خاطيء
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب ، أن قرار رفع أسعار المحروقات في غير محله وفى توقيت خاطيء، لأن البيانات العالمية كشفت عن انخفاض أسعار الوقود إلى أقل من 80 دولار وانخفاض أسعار الغاز ولن تكون هناك زيادة عالميا، موضحا أن الأزمة تكمن في رفع أسعار السولار الذي يدخل في جميع الصناعات المختلفة ووسائل نقل الأغذية والخضروات وكافة المنتجات.
وقال عبدالمطلب في تصريحات صحفية: إن “السولار يعد مساهما أساسيا في نقل البضائع، وجزءا أساسيا من محطات الكهرباء بالمزارع وماكينات الري التي تعتمد على السولار، مشيرا إلى أن القرار لن يؤدي إلى إرتفاع أسعار الخضروات والفواكه بنسبة كبيرة، ولكن سيكون هناك ارتفاع أسعار بنسبة 2% يشعر به تاجر الجملة، وفي النهاية تؤثر سلبيا في الأسواق، ويؤدي إلى استشراء الغش التجاري.
ونوه إلى أن زيادة طن الخضر 1000 جنيه يجعل تاجر الجملة لا يستطيع توزبعه بشكل صحيح على المعروض ومن هنا الغش يضع الأصناف الفاخرة مع الأقل جودة ويحدث هذا مع بيع كافة السلع الزراعية ونجد الجودة متدرجة عند نفس التاجر، وفي السابق كان هناك أمانة، لكن الباعة الآن يحاولون تعويض الخسارة من خلال الغش التجاري.
وأوضح عبد المطلب أن رفع سعر السولار، يزيد أسعار كافة السلع مثل اللحوم والدواجن والأسماك، ويؤدي الى تقليل الجودة، مما يؤثر على آليات السوق وانعدام ثقة المستهلك والتأثير بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني.
الأجهزة الكهربائية
وأكد أشرف هلال، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية، أن تحريك أسعار السولار والبنزين سيكون له تبعات على مختلف أسعار السلع ومن بينها الأجهزة الكهربائية، بعدما كانت قد استقرت إلى حد كبير خلال الأشهر الأربعة الماضية بل وسجل بعضها انخفاضات ملحوظة نتيجة انفراجة أزمة الدولار منذ شهر مارس الماضي.
وقال هلال في تصريحات صحفية: إن “هناك عدة عوامل تتحكم في تأثير زيادة أسعار المحروقات على غيرها من السلع الأخرى، في مقدمتها خدمات النقل بداية من النولون البحري الذي يتم دفعه لمالك السفينة التي تتولى نقل البضائع وتسليمها بأمان من ميناء الشحن إلى ميناء التفريغ، ثم إلى التجار والمخازن وبعدها إلى المعارض، بالإضافة إلى عامل آخر يتعلق بأجور العمالة التي ستتأثر حتما بالارتفاعات في أسعار المواصلات وسائر السلع الأخرى، وهي جميعها أمور تزيد من الأعباء المالية على كاهل المصنعين والتجار، الذين سيضطرون إلى تحميل الزيادة على السعر النهائي للمنتج المباع للمستهلك.
وتوقع حسم مصير زيادة أسعار الأجهزة الكهربائية خلال الأسبوع القادم، مشيرا إلى أنه لم يتم الإعلان بعد عن أي زيادة جديدة في أسعار الأجهزة في أعقاب قرار تحريك أسعار المحروقات .
وحول التخوف من استغلال التجار ، شدد هلال على أن التاجر ليس طرفا في تسعير الأجهزة الكهربائية، فهو ملزم بقائمة الأسعار التي يتم إخطاره بها من قبل المصنع أو الشركة المنتجة ولا يوجد ما يسمى بـ”الأوفر برايس”، ناصحا أي عميل بالمطالبة بحقه في الحصول على فاتورة رسمية من التاجر، لضمان التزام الأخير بالسعر الرسمي، وفي حال حدوث أي تلاعب عليه إبلاغ جهاز حماية المستهلك.
تكلفة النقل
وقال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية: إن “تكلفة نقل مواد البناء سترتفع بنحو 20 جنيها للطن الواحد، تأثرا بقرار تحريك أسعار السولار من 10 جنيهات إلى 11.50 جنيها للتر، محذرا من استغلال البعض الأزمة لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، والذي قد يصل إلى 100 جنيه للطن”.
وأوضح “الزيني” في تصريحات صحفية ، أن القيمة العادلة للزيادة في تكاليف أسعار نولون النقل لا تتجاوز 10% مقارنة بنسب الارتفاع في أسعار السولار، أي أن متوسط زيادة سعر النولون من المتوقع أن يتراوح بين 15 إلى 20 جنيها، فيما يتراوح متوسط حمولة سيارات النقل 5 أطنان، ليصل متوسط تكلفة نقل طن السلع الغذائية ما بين 150 إلى 200 جنيه.