ندد خبراء ومحللون سياسيون بالجريمة البشعة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني، باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، مطالبين محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية بمحاكمة قادة الاحتلال الصهيوني على هذه الجرائم، وعلى حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبونها ضد أهالي قطاع غزة .
وقال الخبراء: إن “اغتيال هنية عملية استخباراتية في المقام الأول، بتوجيه من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين أنها ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وفقا للقانون الدولي، وتمثل انتهاكا لسيادة الأراضي الإيرانية”.
وطالبوا العالم العربي والإسلامي باتخاذ مواقف قوية ضد الصهاينة والأمريكان، لإجبارهم على وقف حرب الإبادة والجرائم التي يرتكبونها ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد الخبراء أن المقاومة لن تتوقف، حتى تحرير كل الأراضي الفلسطينية، ولن تتأثر بسياسة الاغتيالات التي يتبناها الصهاينة .
جريمة بشعة
في هذا السياق أدان الأزهر الشريف بأشد العبارات الجريمة البشعة التي أقدم عليها الكيان المحتل الغادر باغتيال القيادي الفلسطيني إسماعيل هنية، الذي اغتالته الأيدي السوداء المجرمة فجر اليوم، ضمن سلسلة الاعتداءات المنكرة التي يمارسها الكيان المحتل.
وأكد الأزهر أن الشهيد المناضل قضى حياته في الزود والدفاع عن أرضه، وعن قضية العرب والمسلمين قضية فلسطين الحرة الصامدة.
وشدد على أن مثل هذه الاغتيالات لن تنال من عزيمة الشعب الفلسطيني المناضل الذي قدم ولا يزال يقدم من تضحيات عظيمة، لاستعادة حقوقه في إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
وتقدم الأزهر الشريف بخالص العزاء والمواساة للشعب الفلسطيني، وإلى أسرة الشهيد المناضل، سائلا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يُلهم أهله وأسرته المزيد من الصبر والسلوان، “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”.
عمل حقير
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان : إنني “أدين بشدة عملية الاغتيال الغادرة، لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران”.
وأضاف أردوغان عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي تويتر اليوم الأربعاء: “هذا الاغتيال عمل حقير، يهدف إلى تعطيل القضية الفلسطينية، ومقاومة غزة المجيدة، والنضال العادل لإخوتنا الفلسطينيين، وإضعاف معنويات الفلسطينيين وترهيبهم”.
وتابع، إن الهدف من اغتيال أخي إسماعيل هنية، هو نفس الهدف من الاعتداءات المقززة على الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والعديد من الشخصيات السياسية، إلا أن الهمجية الصهيونية، لن تتمكن من تحقيق أهدافها كما حدث حتى الآن .
وواصل أردوغان، نأمل من الموقف الأقوى للعالم الإسلامي والتحالف الإنساني، أن ينتهي الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل على جغرافيتنا، وخاصة القمع والإبادة الجماعية في غزة، وأن تجد منطقتنا وعالمنا السلام .
وأكد أن تركيا ستستمر في تجربة كل الوسائل، وطرق كل الأبواب، ودعم إخواننا الفلسطينيين بكل قوة، وستواصل العمل من أجل إقامة دولة فلسطين الحرة وذات السيادة والمستقلة، على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية .
وقال أردوغان: “رحم الله أخي إسماعيل هنية الذي استشهد نتيجة الهجوم الشنيع، وأتقدم بالتعازي لعائلته ولإخواننا في غزة وفلسطين والعالم الإسلامي”.
ضوء أخضرأمريكي
من جانبه قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: إن “تنفيذ إسرائيل عمليتي اغتيال في قلب لبنان وإيران، يشير إلى أن نتنياهو عاد من واشنطن ومعه الضوء الأخضرالأمريكي لتنفيذ عمليات خاصة في المنطقة”.
وقال الرقب في تصريحات صحفية: “جاء اغتيال هنية في طهران بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، بغارة جوية في الضاحية الجنوبية من بيروت، لافتا ألى أن جرأة إسرائيل على هذه العملية وقبلها اغتيال شكر، يعني أنها مطمئنة أن رد الفعل سيكون محدودا، وبالتالي نفذت العمليتين خلال 12 ساعة فقط”.
وأضاف، بالطبع سيكون هناك رد فعل من المقاومة، لكن من الواضح أنه سيظل محدودا، فلو علمت إسرائيل أن الرد سيكون قاسيا لما أقدمت على تنفيذ اغتيال هنية وشكر معا.
وأكد الرقب أن ملف التفاوض أغلق الآن ولن يفتح في المستقبل القريب، مرجحا ألا تصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق قبل إعلان الفائز بالانتخابات الأمريكية، أي أوائل العام المقبل على الأقل، وهذا ما يرغب فيه نتنياهو .
وحول ما يمكن أن تفعله إيران توقع ، ألا يكون هناك رد مباشر من طهران على الحادث، ولو حدث على وقع الضغوط الداخلية سيكون عبر أحد أذرعها وهو حزب الله، مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها اغتيالات بقلب طهران .
وأشار الرقب إلى أن إيران لن تدخل المعركة، وهذا يتضح من رد الحرس الثوري الذي أعلن أنه يدرس تفاصيل العملية، وسيرد ببيان توضيحي، وبالتالي لا توجد رسائل حاسمة وسريعة من إيران .
وحول قيام الموساد باغتيالات من قبل في إيران مثل اغتيال ضياء زادة، وكان يعمل في تخصيب اليورانيوم وفي النشاط النووي الإيراني، قال إن الموساد أعلن بشكل رسمي أنه خلف هذه العملية وتوغل الموساد داخل طهران ليس بجديد، لافتا إلى أن الأمن رخو داخل إيران، مما سهل اغتيال إسماعيل هنية والوصول لمكانه بسهولة وتوجيه صاروخ بدقه لاغتياله أو زرع عبوة ناسفة في مقر إقامته.
عملية استخباراتية
وقال الخبير الأمني والاستراتيجي محمد عبد الواحد: إن “عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران عملية استخباراتية في المقام الأول، بتوجيه من الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف عبد الواحد في تصريحات صحفية، أن هناك اختراقا واضحا من الجانب الإسرائيلي في إيران، لأنها ليست العملية الأولى، فقد كان هناك محاولات عديدة وسابقة في إيران من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن إسماعيل هنية يتحرك في ثلاثة أماكن، قطر وتركيا وإيران، ولكن إيران هي الحلقة الأضعف بالنسبة لإسرائيل عن الدول الثلاثة.
وأردف، أمريكا داعمة بقوة لإسرائيل في ظل تأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن لنتنياهو وحكومته على مدار الفترات الماضية، وهذا يظهر بشكل علني.
وأشار عبد الواحد إلى أن عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران اليوم، أكدت أن هناك تلامسا بين إسرائيل وإيران، فهناك خطوط حمراء بين الجانبين.
وأكد أن هناك فارقا كبيرا بين القوات الإسرائيلية ونظيرتها الإيرانية، فالجيش الإسرائيلي متفوق في سلاحه الجوي بدرجة عالية، ويمتلك مقاتلات هي الأولى في العالم، في المقابل القوات الجوية الإيرانية مازالت محدودة للغاية، بسبب العقوبات الأمريكية.
انتهاك صارخ
واستنكر أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد محمود مهران، بشدة عملية اغتيال إسماعيل هنية، مؤكدا أن هذا العمل يرقى إلى مستوى جرائم الحرب وفقا للقانون الدولي، ويمثل انتهاكا واضحا لسيادة الأراضي الإيرانية.
وأكد “مهران”، في تصريحات صحفية، أن اغتيال إسماعيل هنية يمثل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشددا على أن هذا العمل يتعارض بشكل مباشر مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن هذا الاغتيال يعد جريمة حرب وفقا للمادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تعرّف القتل العمد كجريمة حرب، لافتا إلى أنه ينتهك أيضا المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية.
وأوضح “مهران” أن سلسلة الاغتيالات والهجمات التي تنفذها إسرائيل تشكل نمطا متكررا من انتهاكات القانون الدولي، مؤكدا أن هذه الأعمال تنتهك مبدأ التمييز المنصوص عليه في المادة 48 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، والذي يلزم أطراف النزاع بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين.
واعتبر أن الهجمات العشوائية على المناطق المدنية في غزة تنتهك المادة 51 فقرة 4 من البروتوكول الإضافي الأول، والتي تحظر الهجمات العشوائية التي لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية.
وشدد “مهران” على خطورة استمرار هذه الممارسات، معتبرا أن استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال خارج نطاق القضاء، يقوض بشكل خطير النظام القانوني الدولي .
وحذر من أن هذه الأعمال تنتهك أيضا الحق في الحياة المكفول بموجب المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، موضحا أنه وفقا للمادة 25 من نظام روما الأساسي، فإن الأفراد الذين يأمرون أو يخططون أو ينفذون مثل هذه الجرائم يتحملون المسئولية الجنائية الفردية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
موقف حازم
ودعا “مهران” السلطة الفلسطينية والدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، إلى إحالة هذه الجرائم إلى المدعي العام للمحكمة للتحقيق فيها، مشيرا إلى أنه يمكن أيضا أن يقوم المدعي العام بالتحقيق فيها من تلقاء نفسه وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
ولفت إلى أنه يمكن لمجلس الأمن الدولي إحالة الأمر إذا تحمل مسئولياته، وكذلك يستطيع بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، اتخاذ تدابير لوقف هذه الانتهاكات وفرض عقوبات على المسئولين عنها إذا كانت هناك إرادة.
وناشد “مهران” المجتمع الدولي خاصة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 1 المشتركة في هذه الاتفاقيات، والتي تلزمها باحترام وضمان احترام القانون الدولي الإنساني في جميع الظروف، محذرا من عواقب استمرار هذه الانتهاكات، لأن استمرار إفلات إسرائيل من العقاب على جرائمها يقوض مصداقية النظام القانوني الدولي ويهدد السلم والأمن الدوليين، كما يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم لضمان احترام القانون الدولي وحماية حقوق الفلسطينيين.
وأكد أن الحل الوحيد لهذا الصراع هو التمسك بمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، مشددا على ضرورة وقف إسرائيل انتهاكاتها فورا والامتثال لالتزاماتها الدولية، وأنه يجب على المجتمع الدولي تحمل مسئولياته في حماية المدنيين وضمان تطبيق العدالة.
وشدد “مهران” على ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية والقانونية الدولية لمحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، داعيا إلى ضرورة تفعيل آليات العدالة الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في هذه الانتهاكات ومحاكمة مرتكبيها حتى لا يفلتوا من العقاب.