آثار إعلان حكومة الانقلاب عن رفع أسعار الأسمدة المدعمة بنسبة تصل حتى 30% لتصل إلى حوالي 6250 جنيها للطن، مقابل 4800 جنيه حاليا بحجة ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة نقص الغاز للمصانع، والتي دفعت لخفض الطاقة الإنتاجية انتقادات بين المزارعين والخبراء .
وحذر الخبراء من أن رفع أسعار الأسمدة سوف يزيد من تكلفة الزراعة، مما قد يجبر الفلاحين على تبوير الأراضي الزراعية والتوقف عن الإنتاج .
كانت مصادر بحكومة الانقلاب قد كشفت عن تقدم جميع شركات الأسمدة بشكاوى وطلبات لزيادة أسعار الأسمدة التي يتم توزيعها على المزارعين بأسعار مدعمة.
وقالت المصادر: إن “أسعار الأسمدة الحرة في السوق ارتفعت بشكل كبير في أعقاب أزمة نقص الغاز وتوقف المصانع عن العمل ، مما تسبب في زيادة الأسعار وتوقعات بارتفاع تكلفة الزراعة”.
وأشارت إلى أن أسعار الأسمدة في السوق الحر زادت بنسبة تصل إلى أكثر من 50%، حيث بلغ سعر الطن نحو 20 ألف جنيه، مقارنة بـ13 ألفا في مايو الماضي، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، بعد أزمة نقص الغاز في مطلع يونيو الماضي.
يشار إلى أن حكومة الانقلاب تُلزم منتجي الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجهم بسعر مدعم إلى وزارة زراعة الانقلاب لتغطية احتياجات السوق المحلية، مقابل السماح لهم بتصدير الكميات المتبقية.
حصة المزارع
من جانبه قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين: إن “أي زيادة في أسعار الأسمدة تضر التنمية الزراعية بصفة عامة، مطالبا بمزيد من الرقابة والاهتمام بالسوق الحر”.
وكشف أبوصدام في تصريحات صحفية أن هناك اتفاقا بين حكومة الانقلاب ومصانع الأسمدة قائم على توريد ٥٥٪ من إنتاج مصانع الأسمدة لوزارة زراعة الانقلاب كسماد مدعم و١٠ ٪ للسوق الحر.
وأضاف أن مصانع الأسمدة تبيع في السوق الحرة بالسعر العالمي، ما يزيد الأعباء على كاهل المزارع المصري، موضحا أن المستأجرين يوثقون في عقود الإيجار التزام المالك بتوفير الأسمدة حتى لا يكونوا أسرى للسوق السوداء.
وأوضح أبوصدام أن الفلاح يحصل على كميات تصل إلى ٣ أجولة وزن ٥٠ كيلو جراما من الأسمدة للفدان الواحد في الموسم الصيفي ومثلهم في الشتوي بإجمالي ٦ أجولة في السنة، وتصل أسعارها إلى ٣١٠ جنيهات للواحدة، ولكن في حالة تأخر الأسمدة أو من لا يملكون حيازات زراعية أو المستأجرون يلجأون إلى السوق السوداء التي تضاعف أسعار الأسمدة لتصل إلى 800 جنيه للواحدة.
وقال: إن “الأزمة الحقيقية التي تواجه الأسمدة تتمثل في غياب الرقابة من قبل الجمعيات الزراعية، مما جعل هناك أزمة أسمدة في السوق، بسبب نقص الأسمدة في الجمعيات الزراعية إلى جانب انتشار مصانع بير السلم التي تنتج أسمدة مغشوشة ضررها أكثر من نفعها”.
وأكد أبو صدام، أن حصة المزارع الموجودة في الجمعيات الزراعية لا تكفيه، مما يجعله يلجأ إلى السوق السوداء لشراء الأسمدة بأضعاف سعرها إلى جانب أن تلك الأسمدة غير موثوق فيها، لأن الفترة الأخيرة انتشرت أسمدة مجهولة المصدر بصورة كبيرة.
السوق السوداء
وقال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي: “الأسمدة تُعدُ أحد أهم مدخلات الإنتاج الزراعي، وبالتالي فإن أي تأثير يحدث في هذه الصناعة الاستراتيجية سيظهر تأثيره مباشرة على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة”.
وأضاف “شوقي” في تصريحات صحفية : صناعة الأسمدة تتطلب كميات كبيرة من الطاقة أو بالأدق الغاز، حيث يمثل الغاز الطبيعي ٧٠ ٪ من مكونات الأسمدة الآزوتية كمادة خام، لإنتاج الأمونيا والمنتجات النهائية من اليوريا والنترات، محذرا من أن أي تخفيض في حصة ضخ الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة، سيؤثر بالتبعية بشكل عام على العملية الإنتاجية.
وأوضح أن صدور قرار من حكومة الانقلاب بخفض توريد الغاز الطبيعي الذي يتم توريده لمصانع الأسمدة العاملة بنحو ٢٠٪، سيؤدي بالتبعية إلى تخفيض إنتاج الأمونيا بنسبة ٢٠ ٪، وتراجع صادرات الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية بنحو ٢٠٪ خلال فترة تخفيض الغاز الطبيعي.
وأكد “شوقي” أنه سيترتب على ذلك ارتفاع أسعار الأسمدة في ظل ارتفاع معدلات الطلب على الأسمدة في الموسم الصيفي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، وتقارب فترات الري، وبالتالي فإن أي ارتفاع لأسعار الأسمدة سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي سينعكس ذلك على ارتفاع أسعار السلع الغذائية خلال الفترة المقبلة.
وطالب حكومة الانقلاب بفرض رقابة صارمة على الأسواق في ظل وجود بعض التجار الانتهازيين الذين يقومون بتخزين الأسمدة في هذه الفترة، من أجل تعطيش السوق ومن أجل فرض زيادة سعرية جديدة لتحقيق مصالح وأهداف شخصية هذا من جانب، ومن جانب آخر هناك بعض عمليات التهريب للأسمدة المدعمة للسوق السوداء والتي يتم توزيعها عن طريق الجمعيات الزراعية، وبالتالي يجب مواجهة ذلك بشيء من الحسم.
الغاز الطبيعي
وقال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة : “الأسمدة تعتبر ضمن أهم عناصر الإنتاج الزراعي، خاصة أنها عامل يزيد خصوبة التربة ويزيد من إنتاجية المساحات المنزرعة، فمثلا فدان مساحة ٤ آلاف و٢٠٠ متر يحتاج ٣ أجولة وزن ٥٠كجم من الأزوت أو اليوريا، حيث ترفع إنتاجية محصول القمح من ١٢ إردبا وزن ١٨٠ كجم إلى ١٨ أردبا، مشددا على ضرورة تأمين كميات مناسبة للفلاحين لإمداد النباتات بالعناصر التي تفتقدها التربة”.
وأشار صيام في تصريحات صحفية إلى أن صناعة الأسمدة عملت على توطين احتياجاتها من مدخلات الإنتاج، مع اعتماد ضئيل على المواد والمدخلات المستوردة، مما دعم مستويات الإنتاج والتصدير في الصناعة، متوقعا أن تقفز أسعار الأسمدة في السوق المحلية على المدى القريب، مع خفض إمدادات الغاز الطبيعي، مما يعني أن المصانع لن تعمل بطاقاتها القصوى، مما يؤدي إلى نقص في المعروض.
وأكد أن رفع أسعار الفائدة في البنوك يشكل ضغوطا على منتجي الأسمدة، خاصة وأن معظم المصانع تعتمد على التمويل المصرفي، موضحا أنه رغم أن مصر لديها فائض من الأسمدة الأزوتية وتصدر كميات تصل قيمتها إلى مليار ونصف المليار دولار سنويا من اليوريا، لكن صناعة الأسمدة واجهت ارتفاعا في أسعار الطاقة مثل الغاز الطبيعي مما زاد من كلفة الإنتاج.
وشدد “صيام” علي ضرورة تأمين احتياجاتنا وتأمين حصص الأراضي الزراعية من الأسمدة.