من كارثة إلى كارثة، ومن مرار إلى مرار، يتواجه ملايين المصريين بسلسلة غير نهائية من الأزمات والتحديات، بل والمهلكات الاقتصادية، التي تطيح بملايين المصريين، على أرصفة التسول والتشرد الاجتماعي والإفقار الاقتصادي.
وذلك وفق استحقاقات برنامج صندوق النقد الدولي، المفروضة بإرادة السيسي على كاهل المصريين.
ولعل الأغرب من تلك الأزمات والمهلكات، هو تعنت الحكومة أكثر وأكثر ضد الفقراء، وعدم مد يد العون لهم، منصاعة تماما لشروط الصندوق وإملاءاته، والتي خربت دولا وأسقطتها في دائرة الإفلاس والتخلف، وليس بعيدا عن مصر ، تجربة الأرجنتين.
الخارطة القاتلة
وضمن خارطة تدمير المصريين، والتي بدأت مبكرا، دعت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي، إيفانا فلادكوفا هولار، أمس، مصر لتقديم المزيد في ملف «الإصلاحات الاقتصادية»، لافتة إلى وجود «تباطؤ واضح» في خطط التخارج من الأصول المملوكة للدولة رغم الجهود الواضحة التي بذلتها الحكومة حتى الآن، حسبما أفاد موقع «بلومبرج».
تعويم حر للجنيه
من بين الإصلاحات التي دعت إليها رئيسة بعثة الصندوق أيضا، تحرير سعر صرف الجنيه من كافة القيود، ورفع الدعم عن الطاقة، وزيادة أسعارها لتصل إلى نقطة التعادل مع تكلفتها، وذلك بعد أيام من إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية زيادة أسعار الوقود وجميع المشتقات البترولية، بنسب تراوحت بين 10% و15%.
صفر دعم للطاقة
وتوقعت الحكومة أن تؤدي الزيادة الأخيرة بأسعار الوقود، إلى توفير 36 مليار جنيه في ميزانية العام 2024-2025.
كفاية صندوق
وفي اعتراف حكومي بجرائم نظام السيسي بحق المصريين، وحجم الكوارث التي تسببت بها استجابة الحكومة لشروط صندوق النقد، ألمح رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، إلى تطلعه لعدم الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي عقب استكمال البرنامج الحالي، والذي سينتهي في عام 2026، إلا أن مدبولي عاد وأكد استمرار السياسات الحكومية، بوقف الدعم تماما عن الكهرباء، مشيرا إلى عدة ملفات تخص الدعم من بينها فاتورة وزارة الكهرباء التي تبلغ 16 مليار جنيه، وتسدد الوزارة منها أربعة مليارات جنيه في حين تتكفل الحكومة بتغطية الباقي، فيما شدد على أن الزيادات الأخيرة في الأسعار، ضمن خطة خفض الدعم الموجه للكهرباء على مدار أربع إلى خمس سنوات قادمة.
وعن دعم المواد البترولية أشار مدبولي إلى أن الحكومة تتحمل يوميا 450 مليون جنيه، لافتا إلى استهداف الوصول إلى دعم صفري للمواد البترولية باستثناء البوتاجاز والمازوت، في العام المقبل، وتحقيق ربح من الوقود وتوجيه الدعم الحكومي للسولار، على غرار ما حدث في 2021.
وفي 29 يوليو، أجاز المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة المؤجلة من 10 يوليو الماضي.
ونقل الصندوق عن أنطوانيت ساييه نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي قولها: “استعادة أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكاليف – بما في ذلك أسعار الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025- أمر ضروري لدعم تزويد السكان بالطاقة بشكل سلس والحد من الاختلالات في القطاع”.
ورفعت مصر أسعار الوقود محليا، بما يصل إلى 15% قبل مراجعة صندوق النقد الدولي.
ومن المقرر أن تجري المراجعة الرابعة، في سبتمبر المقبل، أو حتى نهاية العام، والتي ستستبقها مصر بإجراءت جديدة، من رفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه، واحتمالية التحول للدعم النقدي بدلا من الدعم العيني، وبيع الخبز بأسعار التكلفة، التي لن تتوقف، بسبب تحرير أسعار الطاقة.
وهكذا بات المصريون على موعد جديد كل ثلاثة شهور أو أقل من الزيادات والغلاء، دون تحريك للرواتب وانهيار قيمة العملة المحلية وفقدان الجنيه لقوته الشرائية.