اعتقالات وقمع وكومبارسات.. قيس سعيد يخوض الانتخابات على طريقة السيسي

- ‎فيعربي ودولي

 

 

يبدو أن الرئيس المنقلب على الديمقراطية في تونس قيس سعيد يدير الانتخابات الرئاسية ببلاده على خطا رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، حيث لم يتمكن إلا ثلاثة مرشحين في تونس من إيداع ملفات ترشحهم للرئاسيات قبل يومين من نهاية أجل تقديم الترشحات، في حين تندد منظمات حقوقية وأحزاب سياسية بما تعتبره تضييقات تمارسها السلطات على المترشحين للرئاسيات المرتقبة في تونس في السادس من أكتوبر المقبل، مبينة أن السلطات اعتقلت أعضاء في حملات انتخابية لمرشحين أثناء جمعهم للتأييد، ووجهت لهم اتهامات بدفع رشاوى للناخبين.

 

وجهت عدة أحزاب تونسية وجماعات حقوقية وأيضا منافسين للرئيس التونسي، قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية، مما وصفوها بقيود وتضييق ومناخ تخويف وترهيب، بالقول: إن “هذا يُشير إلى رغبة في تمهيد الطريق أمام سعيد من أجل الفوز بولاية جديدة، وهو ما اعتبروه تهديدا لمصداقية الانتخابات”.

 

مرشحون كومبارس

 

رغم إعلان العشرات نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، إلا أن ثلاثة فقط إلى حد الآن قدموا ملف ترشحهم إلى هيئة الانتخابات بعد أيام من فتح باب الترشح.

 

المترشحون الثلاثة يعتبر جميعهم كومبارس ليس لهم تاريخ سياسي وغير معروفين لدى الرأي العام التونسي، وتبدو حظوظهم في هذه الانتخابات الرئاسية منعدمة في منافسة الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي أعلن بدوره الترشح لولاية ثانية.

 

ويقول المعارض التونسي ثامر الزغلاني: “يبدو أن جمع التأيدات المطلوبة، وأيضا الحصول على الوثائق الخاصة بملف الترشح من بينها، خاصة بطاقة السجل العدلي إلى حد الآن، تحول دون تقديم بعض المترشحين الجديين لملفات ترشحهم إلى حد الآن، ولم يبق سوى اليوم وغدا على انتهاء أجل قبول ملفات الترشح لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات”.

 

ويضيف “أوضاع سياسية متوترة عشية الانتخابات الرئاسية لم تتضح بعد موقف المعارضة الوازنة، وخاصة جبهة الخلاص الوطني في المشهد السياسي التونسي، هناك خيارات مختلفة للمعارضة من بينها المقاطعة التي لوحت بها بعض الأحزاب، كما ذكرت جبهة الخلاص الوطني، ولكن ننتظر مواقف ربما تكون نهائية بعد الإعلان عن قائمة أو لائحة المترشحين المقبولين للانتخابات الرئاسية المرتقبة في السادس من أكتوبر المقبل”.

 

ترشح سعيد

وأعلن سعيد ترشحه لولاية ثانية ، ويحتكر سعيد السلطات في البلاد منذ صيف العام 2021 وقام بتغيير الدستور في العام 2022 ليحظى من خلاله بصلاحيات واسعة ويخوله أخذ القرارات منفردا.

 

يدخل قيس سعيد سباق الانتخابات الرئاسية بحصيلة ضعيفة جدا لا تكاد تذكر، رغم جمعه كل السلطات وتصرفه في كل الموارد، فقد تراجعت في عهده الحريات الفردية والجماعية وخاصة بعد إصدار المرسوم 54 الذي ضيّق على حرية التعبير حد إلغائها، إذ كانت كلفته إلى اليوم أكثر من ألف وسبعمائة سجين رأي، حسب مصادر رسمية.

 

كما تراجعت الحياة الحزبية والمدنية  إلى حدود لم تبلغها حتى في أحلك زمن الرئيسين الأسبقَين؛ بورقيبة وبن علي، والأخطر كان من نتائجه تراجع المشاركة المواطنية في الاهتمام بالشأن العام، ويبقى الأسوأ في حصيلة حكم سعيد في المجالين؛ الاقتصادي والاجتماعي، حيث تراجعت كل المؤشرات إلى مستويات غير مسبوقة، تعاظمت معها مخاطر الانهيار الاقتصادي، وفتحت الباب على مخاطر الانفجار الاجتماعي.

 

مضايقات تعسفية

 

وندد 11 مرشحا محتملا في بيان مشترك بالمضايقات التعسفية التي طالت العديد من المشاركين في حملات المرشحين.

 

ولم يحصل أي من المرشحين المحتملين حتى الآن على بطاقة السجل العدلي التي تطلبها هيئة الانتخابات شرطا، وتنتهي مهلة التقدم للترشح في السادس من أغسطس، وقال المتحدث باسم هيئة الانتخابات إن وزارة الداخلية ستتصل بالمرشحين لتزويدهم ببطاقاتهم.

 

 وانتقدت 17 منظمة حقوقية سيطرة السلطات على وسائل الإعلام العامة والقضاء وهيئة الانتخابات.

 

أحكام بالسجن

 

من جهة أخرى، قضت محكمة تونسية بالسجن لمدد تتراوح بين سنتين وأربع سنوات في حق أربع نساء مع حرمانهن من حق التصويت بتهمة جمع تواقيع بمقابل مالي لصالح مغني الراب ورجل الأعمال كريم الغربي المعروف باسم «كادوريم» الذي يطمح للترشح للانتخابات الرئاسية، وفق متحدث قضائي.

وقال علاء الدين العوادي المتحدث باسم محكمة جندوبة، الجمعة: إن “المحكمة قضت الأربعاء بسجن 3 نساء موقوفات سنتين وفي حق أخرى في حالة فرار أربع سنوات مع حرمانهن من حق الانتخاب طوال 10 سنوات».

 

وتنتقد العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية، ما تعتبره تراجعا للحريات في البلاد.

 

والجمعة، عبرت منظمة العفو الدولية عن القلق إزاء التدهور الشديد في الحقوق في تونس منذ أن بدأ الرئيس سعيد في احتكار السلطة، بعد أن كانت البلاد مهد احتجاجات عرفت باسم الربيع العربي في العام 2011.

 

وقدرت المنظمة أن القمع الحكومي يغذي الخوف، بدلا من المناقشات الجدية للمشهد السياسي التعددي، ونددت بالاعتقالات التعسفية للمعارضين، والقيود والملاحقات القضائية ضد بعض المرشحين، وسجن الصحفيين.

 

يُشار إلى أن الدستور التونسي ينص على أن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل مواطن تونسي وتونسية، غير حامل لجنسية أخرى، ويبلغ من العمر 40 عاما على الأقل، ويتمتع بكل حقوقه المدنية والسياسية، كما ينص على أن يزكي المترشح عدد من أعضاء المجالس النيابية المنتخَبة، أو من الناخبين، وفقا لما ينظمه القانون الانتخابي.

 

وتُعد الانتخابات الرئاسية المقبلة الثالثة من نوعها، عقب ثورة «الياسمين»، التي شهدتها تونس عام 2011، والتي أسقطت نظام بن علي من سُدة الحكم.