على الرغم من العلاقات الحميمية التي تجمع شيطان العرب محمد بن زايد، وعبد الفتاح السيسي، واستثمارات الإمارات الواسعة لأبوظبي بمصر، وشراء الآلاف من المصانع الشركات والأراضي والفنادق، داخل مصر، إلا أن الإمارات لم تعبأ بتلك العلاقات، وذهبت تخنق مصر في خاصرتها الجنوبية، في مياه النيل، عبر التوسع باستثمارات زراعية ومشاريع المياه واستصلاح الأراضي وتمويل مشروع سد النهضة، في أثيوبيا، وذلك ما يهدد مصر في حصصها المائية، ويمنعها من أي تحرك فاعل مستحق لمصر ضد أثيوبيا.
وصولا إلى تحركات الإمارات المناوئة لمصر في السودان وفي دولة جنوب السودان.
وسط تقارير مخابراتية مؤكدة عن دور الإمارات القذر في دعم قوات الدعم السريع ضد الحكومة والجيش السوداني.
مخطط خطير
وقد كشف خبير السدود الدولية، د.محمد حافظ، أن الأسبوع الأول من شهر يوليو الماضي، جرت أحداث بهدف تنفيذ أحد أهم المخططات على الدولة المصرية، في ظل صمت إعلامي رسمي، وكأن ما يحدث لمقدرات الدولة المصرية المائية هو أمر يهم شعبا آخر غير المصري.
وكانت أول هذه الأحداث، زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للسودان ولقاؤه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، حيث تشاورا حول سد النهضة.
وعقب هذا اللقاء تم توقيع اتفاقية بين الإمارات وجنوب السودان بهدف توفير 13 مليار دولار للاستثمار في القطاع الزراعي بجنوب السودان، وبعد توقيع اتفاقية القرض الضخم، أعلن برلمان جنوب السودان التصديق على اتفاقية عنتيبي، وهي اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل مجتمعة.
وبعدها فتحت إثيوبيا أحد التوربينات العلوية بالكتلة الشرقية، بحيث يعمل بالتبادل مع أحد التوربينات المنخفضة، ليبدو الأمر وكأن هناك مزيدا من المياه في مجرى النيل الذاهب للسودان ومصر، ولكن في الواقع ليس هناك تغيير، إذ إن التوربين العلوي يعمل بالتبادل مع التوربين المنخفض.
ورأى حافظ أن “هناك خيطا رفيعا لكنه قوي يربط بين تلك الأحداث، وهو أن محادثات أبي أحمد مع البرهان، كانت تتضمن إخباره بنية دولة جنوب السودان التوقيع على اتفاقية عنتيبي، وعليه ألا يعترض على هذا الأمر، لأنه في كل الأحوال أي خسائر تقع نتيجة هذه الاتفاقية لن تمس مقدرات السودان المائية لكونها دولة ممر، وأن الدولة المصرية هي من ستتحمل كافة الخسائر.
وأشار حافظ إلى أن “دخول الإمارات بشكل قوي في اقتصاد جنوب السودان، كافٍ جدا، لإقناع جوبا بالتصديق على اتفاقية عنتيبي، لكونها في نهاية الأمر ستصب في مصلحة مطلب إثيوبيا بالحصول على حصة مائية من النيل الأزرق عند موقع سد النهضة”، وأوضح أن هذا أمر ستستفيد منه الدولة الإثيوبية بشكل مباشر، عن طريق توكيل الصندوق الاستثماري بأبوظبي، في استثمار حصة إثيوبيا من المياه في مشاريع زراعية لزراعة قصب السكر، وتصدير السكر لدول العالم من أكبر مركز لزراعة وتصنيع السكر في المنطقة الحدودية بين سد السرج الإثيوبي وولايات شرق النيل الأزرق في السودان، والتي خضعت أخيرا لمليشيات الدعم السريع”.
وقال حافظ : إنه “من باب الخداع، تم تشغيل أحد التوربينات العلوية لسد النهضة لمنع أي شكوى مصرية بشأن قلة تدفق النيل الأزرق وتأثير ذلك على بحيرة ناصر”، مشيرا إلى أن “إثيوبيا تساهم بقرابة 86% من تدفقات نهر النيل من حيث حجم المياه السطحية، بينما تساهم مصر بنسبة 0.0% في تدفقات النيل”. واعتبر أنه “من المفهوم أن كل دولة تستفيد من تدفقات النيل بنسبة تتناسب مع مساهمتها، وستتمكن إثيوبيا من البدء سريعا في بناء السدود العلوية فوق سد النهضة، وتحويل النيل الأزرق والسوباط وعطبرة إلى أنهار داخلية محلية تماما وليس أنهارا دولية تتشاركها مع دول مثل السودان ومصر.
ولفت إلى أنه “على المدى القصير لن يتأثر السودان من حيث مياه الري والمياه الجوفية وتشغيل السدود، لكنه سيتأثر على المدى الطويل خصوصا من حيث تشغيل السدود”، مبينا أنه غالبا ما تنخفض تصرفات سد النهضة كثيراً بسبب السدود العلوية، لكن التأثير سيكون غالباً في حدود كفاءة السدود السودانية، وأشار إلى أنه لربما أيضا تتأثر بعض المشاريع الزراعية مثل مشروع الجزيرة وسط السودان، ويروى بنظام الري الإنسيابي أي بالغمر، ولكن بشكل عام وتحت أسوأ الظروف لن تصل معاناة السودان إلى 10% من معاناة الدولة المصرية على كافة مناحي الحياة.
كوارث على مصر بعد عنتيبي
وانضمت حنوب السودان إلى الدول الموقعة على اتفاقية “عنتيبي”؛ ليكتمل بذلك النصاب القانوني، ولينطلق قطار المفاوضات على ماء النيل بعيدا عن مصر والسودان وعن حقوقهما التاريخية في نهر النيل.
يشار إلى أنه ليس لدى دول حوض النيل أزمة تتمثل في نقص المياه، ولا يمنعها من إيفاء مصر والسودان حقهما مجرد الرغبة في إنشاء محطات لتوليد الكهرباء؛ فلذلك حلول فنية عند أهل الاختصاص، ولو أن الدبلوماسية المصرية حاضرة في المشهد لما وقعت الأزمة على هذا النحو المزلزل، ولكن غياب مصر من الساحة الأفريقية عموما ومن حوض النيل خصوصا، مع التواجد النشط لإسرائيل ولدولة الإمارات تُعَدُّ الحليف الاستراتيجي للصهاينة؛ أدى إلى خضوع هذه الدول للإغراءات، مع قدر غير قليل من الطمع، الذي جعلها تتطلع إلى غاية منحرفة: ادفعْ لتشرب، ولم تكتف إثيوبيا ببنائها لسد النهضة وتجاوزها لكل الخطوط الحمراء ودهسها لجميع الاتفاقيات المبرمة بينها وبين مصر؛ حتى شرعت في حماية تصرفاتها تلك بسياج من الشرعية، فانطلقت تدعو دول المنبع لتأسيس مفوضية حوض النيل.
وهكذا تتفاقم الكارثة المائية بمصر، بتآمر أثيوبي إماراتي، وتحريض لدول أفريقيا، وسط غياب مصري وخيانة إماراتية.