بسبب مجاملات السيسي للصهاينة..أزمة الغاز الطبيعي تهدد بحرمان المصريين من الكهرباء

- ‎فيتقارير

 

 

في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي تحولت مصر من مُصدِّر رئيسي للغاز الطبيعي إلى مستورد له، في ظل تزايد الاستهلاك، وتراجع الإنتاج المحلي، ما أدى إلى ظهور أزمة انقطاع الكهرباء في الفترة الأخيرة وحرمان المصريين من الكهرباء، وتحتاج مصر إلى الغاز الذي يستخدم في تشغيل أغلب محطات توليد الكهرباء، وذلك بعد سنوات كان الغاز المصري يتدفق خلالها إلى الصهاينة، ثم إلى أوروبا. 

كان نظام الانقلاب قد بدأ استيراد الغاز من إسرائيل للمرة الأولى في يناير 2020، في إطار صفقة قيمتها 15 مليار دولار، وُقعت في فبراير 2018. 

وفي الوقت الذي يبلغ استهلاك مصر من الغاز الطبيعي نحو 6.8 مليار قدم مكعب من الغاز، بينما يبلغ الإنتاج المحلي نحو 5 مليارات قدم مكعب كشفت دولة الاحتلال الصهيوني الشهر الماضي أنها تدرس مد خط أنابيب بري جديد، لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي للانقلاب، في ظل انخفاض المعروض من الغاز على المستوى العالمي. 

يشار إلى أن أزمة الغاز، جاءت بسبب الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي التي صدرتها حكومة الانقلاب إلى أوروبا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى استنزاف الموارد الطبيعية في حقل ظهر، أو ما يُعرف بالاستخدام الجائر، مما ألحق أضرارا بالغة بمستويات إنتاج هذا الحقل كما لم تستخدم عائدات الغاز المصدر إلى أوروبا في تطوير الحقول، سواء حقل ظهر أو غيره من حقول الدلتا أو البرلس، بسبب المتأخرات المستحقة على حكومة الانقلاب للشركات المشغلة لمواقع الإنتاج، ما أدى إلى تراجع كبير في مستويات إنتاج حقل ظهر إلى 1.9 مليار متر مكعب من الغاز، مقارنة بذروة إنتاجه التي بلغت 3 مليار متر مكعب . 

 

حقل ظهر

 

حول هذه الأزمة قال أستاذ هندسة النفط وخبير الطاقة حسام فرحات عبد العزيز: “في أوقات ذروة الإنتاج من حقل ظهر، بلغت مستويات الضخ ثلاثة مليارات قدم مكعب في الفترة من 2018 إلى 2021، بينما كانت باقي حقول الغاز في الدلتا ومنطقة البرلس تنتج كميات كبيرة أيضا وصلت بالإنتاج إلى نحو 7.2 مليار قدم مكعب، وهو ما كان يغطي احتياجات البلاد بالكامل في تلك الفترة”. 

وأضاف عبد العزيز في تصريحات صحفية، مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان لدى مصر ميزة تنافسية لا تتوافر لأي من دول البحر الأبيض المتوسط، تتمثل في محطتين لإسالة الغاز الطبيعي، علاوة على إنتاج كميات ضحمة من حقل ظهر، واعتمد نظام الانقلاب على ذلك لتصدير الغاز إلى أوروبا، التي كانت تعاني من عجز في إمدادات الطاقة في مارس 2022. 

وأِشار إلى أن الهدف من استيراد الغاز من إسرائيل تغير من سد الفجوة التصديرية إلى أوروبا، إلى توفير الاحتياجات المحلية من الغاز أولا،  مؤكدا أن أوروبا نجحت في الحصول على بدائل للغاز المصري المستورد من إسرائيل بغرض التسييل وإعادة التصدير، وذلك تزامنا مع التراجع الكبير في إنتاج حقل ظهر. 

وأوضح عبد العزيز أن اندلاع حرب الإبادة الصهيونية في غزة خلق مشكلة أخرى أمام نظام الانقلاب، حيث بدأت إسرائيل تقليل صادرات الغاز إلى مصر تزامنا مع هذه الحرب، ما وجه ضربة إلى الاحتياجات المحلية المصرية من الغاز، لافتا إلى أن صادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر تراجعت بحوالي 26 في المئة مع انقطاع الإمداد تماما في بعض الفترات، بسبب ما كانت إسرائيل تسوقه من أن هذا التوقف يأتي نتيجة لعدم استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة بسبب الحرب. 

 

ورقة ضغط

 

وأكد عبد العزيز، أن إسرائيل استخدمت صادرات الغاز إلى مصر كورقة ضغط، من أجل تحقيق أهداف سياسية تتضمن التأثير في نهج الانقلاب تجاه الحرب في غزة، وتجاه أزمات النازحين، والغذاء والطاقة التي يعاني منها سكان غزة، بسبب القصف الإسرائيلي المستمر حتى الآن . 

وتوقع أن تحتاج مصر إلى استيراد غاز بقيمة ستة مليارات دولار، لتلبية الاحتياجات المحلية التي تأتي في مقدمتها احتياجات توليد الكهرباء، لأن أغلب محطات توليد الكهرباء ثنائية التشغيل – تعمل بالمازوت والغاز الطبيعي – وبعضها يعمل بأحد هذين النوعين . 

وكشف عبد العزيز أن أزمة الغاز، جاءت بسبب الكميات الهائلة من الغاز الطبيعي التي صدرتها حكومة الانقلاب إلى أوروبا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى استنزاف الموارد الطبيعية في حقل ظهر، أو ما يُعرف بالاستخدام الجائر، مما ألحق أضرارا بالغة بمستويات إنتاج هذا الحقل. 

وأعرب عن أسفه لأن حكومة الانقلاب لم تستخدم عائدات الغاز المصدر إلى أوروبا في تطوير الحقول، سواء حقل ظهر أو في غيره من حقول الدلتا أو البرلس، بسبب المتأخرات المستحقة على الانقلاب للشركات المشغلة لمواقع الإنتاج، ما أدى إلى تراجع كبير في مستويات إنتاج حقل ظهر إلى 1.9 مليار متر مكعب من الغاز، مقارنة بذروة إنتاجه التي بلغت 3 مليار متر مكعب . 

 

اكتشافات الغاز

 

وقال مدحت يوسف، النائب السابق لرئيس الهيئة العامة للبترول: “السبب الرئيسي وراء تحول مصر من مصدر للغاز الطبيعي إلى مستورد له، هو غياب اكتشافات الغاز المهمة منذ اكتشاف حقل ظهر، مؤكدا أن جميع ما تم اكتشافه من حقول لا يتمتع بقدرات إنتاجية عالية، ما أدى إلى ثبات في المخزونات، وتناقص في معدلات الإنتاج خلال تلك السنوات”. 

وأضاف يوسف في تصريحات صحفية، التراجع في مستويات الإنتاج يأتي بشكل طبيعي، كما هو الحال في جميع حقول الغاز في جميع أنحاء العالم، لكن لتفادي المزيد من تفاقم هبوط معدلات الإنتاج لا بد أن تُخصص موارد مالية كافية لتطوير الحقول، ومواقع الإنتاج، وحفر آبار جديدة بها، من أجل المحافظة على معدلات الإنتاج واستغلال القدرات . 

وأكد أن الأزمة في مصر “أزمة صيفية”، متوقعا أن تستمر لبعض السنوات، وهو ما يتوقف على ما يمكن أن يكتشف من حقول جديدة .

وأشار يوسف إلى أن أزمة الغاز والطاقة بصفة عامة تحدث في مصر في الصيف، لأننا بلاد تتمتع بشتاء معتدل وصيف شديد الحرارة، مما يجعل حاجتنا إلى الطاقة أكبر في فصل الصيف بسبب استخدام وسائل عديدة للتغلب على درجة الحرارة، مثل أجهزة التكييف، وهو عكس ما يحدث في أوروبا التي يستخدم سكانها الغاز في التدفئة شتاء . 

وانتقد الأفكار المطروحة في الفترة الأخيرة حول تصدير نظام الانقلاب للكهرباء، والزعم بتحول مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز إلى أوروبا وغيرها، محذرا من أن ذلك أمر غير واقعي، لأن تحقق ذلك على أرض الواقع يتطلب توافر فائض من الطاقة المتجددة بينما لا يتجاوز نصيب الطاقة المتجددة من إنتاج الكهرباء في مصر 6.00 في المئة . 

وطالب يوسف حكومة الانقلاب أن تركز أولا في البحث عن حل لسد العجز في منتجات الطاقة – مثل التفكير في الربط الكهربائي مع السعودية – بدلا من طرح هذه الأمور غير الواقعية في الوقت الحالي. 

وتوقع أن تستمر أزمة إمدادات الغاز في مصر لثلاث أو أربع سنوات في حالة ظهور اكتشافات عملاقة في الفترة المقبلة، لأن هذه هي الفترة التي تستغرقها الأعمال الضرورية لبدء الإنتاج من أي حقل غاز طبيعي مكتشف حديثا، لكن في حالة عدم ظهور أي كشف هائل للغاز، فسوف تظل مصر في رحلة البحث عن استيراد المزيد من الغاز الطبيعي .