أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس فاروق بوعسكر في مؤتمر صحفي أمس السبت أنه بعد دراسة دقيقة للمطالب، تم قبول ثلاثة مرشحين لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في أكتوبر، من أصل 17 طلبا، تم رفض عدد 14 طلبا، والثلاثة هم الرئيس التونسي قيس سعيّد والأمين العام لـ”حركة الشعب” زهير المغزاوي والسياسي العياشي زمّال.
وأضاف أن رفض بقية الملفات سببه، إما نقص عدد تواقيع التزكيات، وإما عدم احترامها شرط التوزيع حول الجهات، ولم يرفض أي طلب بسبب بطاقة السجلات العدلية، التي تصدرها وزارة الداخلية.
وأوضح رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، خلال المؤتمر الصحفي، أن زهير المغزاوي قدم 11 تزكية نيابية صحيحة، في حين جمع قيس سعيد حوالي 248 ألف تزكية شعبية و294 تزكية نيابية من الغرفتين (البرلمان ومجلس الأقاليم) أما العياشي زمال فقد قدم 10,457 تزكية صحيحة من 10 دوائر انتخابية.
ويسعى سعيّد لتكريس حكم استبدادي عبر سجن معارضيه وصحفيين ونشطاء لإخماد الأصوات الحرة والمنتقدة لحكمه، والذي بدأه بالقيام بانقلاب على الديمقراطية، عندما أغلق وحل البرلمان في عام 2021.
شروط تعجيزية
ويرى خبراء أن الطريق إلى الانتخابات الرئاسية مليء بالعقبات أمام المنافسين المحتملين للرئيس المنتخب ديموقراطيا في عام 2019 والذي تفرّد بالسلطة قبل ثلاث سنوات ويسعى لولاية ثانية.
ووضعت الهيئة معايير صارمة لقبول الترشحات، منها اشتراط تأمين تزكيات من عشرة برلمانيين أو 40 مسؤولا محليا منتخبا، أو 10 آلاف ناخب مع ضرورة تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية، وهو أمر يصعب تحقيقه.
كما تشترط الهيئة حصول المرشح على ما يعرف “بالبطاقة عدد 3” وهي وثيقة تثبت السوابق العدلية للشخص وتمنحها وزارة الداخلية، واشتكى العديد من المرشحين من عدم التمكن من الحصول عليها.
وقدّم الرئيس التونسي قيس سعيّد، الإثنين، ملف ترشحه للانتخابات المقرّرة في السادس من أكتوبر، وسط انتقادات شديدة للتضييق على المرشحين المنافسين البارزين، وعدم تسليمهم وثائق إدارية ضرورية لملفاتهم.
مسرحية هزلية
ومن بين المرشحين البارزين الذين تم رفض ملفاتهم من قبل الهيئة، الوزير السابق قبل ثورة 2011 المنذر الزنايدي ورئيسة “الحزب الدستوري الحرّ” المسجونة عبير موسي.
والجمعة الماضية، أعلن مرشحون انسحابهم من السباق الرئاسي قبل إعلان الهيئة، بسبب عدم تمكنهم من جمع تواقيع التزكيات الضرورية وعدم حصولهم على “البطاقة عدد 3″، ومنهم الناشط السياسي والكاتب الصافي سعيد الذي قال في بيان: “كدت أن أشارك في مسرحية وان مان شو قصيرة جدا ورديئة جدا”.
ويقبع معظم زعماء المعارضة في السجن منذ أشهر، ومن بينهم عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، وراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الإسلامي، بتهم مختلفة، بالإضافة إلى قيادات أخرى متهمة بالتآمر على أمن الدولة.
مقاطعة المسرحية
وفي أبريل الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة، أنها لن تشارك في الانتخابات بداعي غياب شروط التنافس.
بينما تقول السلطات: إن “الانتخابات تتوفر لها شروط النزاهة والشفافية والتنافس العادل”.
وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات، التي تضمنتها إجراءات استثنائية، بدأها سعيد في 25 يوليو 2021، وأوجدت أزمة واستقطابا سياسيا حادا.
وشملت هذه الإجراءات حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات انقلابا على دستور الثورة (2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد تصحيحا لمسار ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011).
تجري الانتخابات الرئاسية في الـ6 من أكتوبر 2024، وتتزامن مع أزمتين اقتصادية وسياسية تعيشهما تونس، كانت آخر حلقاتهما، إقالة الرئيس سعيّد رئيس الحكومة أحمد حشاني، من منصبه في الـ 8 من أغسطس، وعيّن بدلا منه وزير الشؤون الاجتماعية، كمال المدوري، رئيسا للحكومة.
وكان سعيد أدى اليمين الدستورية رئيسا للبلاد في 23 أكتوبر 2019 خلفا للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي.