وكأنّ الوزير المزور محمد عبد اللطيف، الذي أزال عنه مجلس الوراء لقب الدكتور في مخاطباته الرسمية، يريد أن يقدم نفسه بوصفه “الخبير والفاهم الفهامة” القادر على حل مشاكل التعليم بمصر، فعلى طريقة من يريد صناعة الفسيخ من الشربات، قدم عبد اللطيف مجموعة من المقترحات لحل أزمات كثافة الفصول، أجمع عليها الخبراء أنها فاشلة وبلا جدوى، وتدمر العملية التعليمية من أساسها.
من عينة فرد الفصول واستغلال المساحات البينية بالأحواش والمدارس، على الرغم من ضيق الأحواش والأبنية التعليمية بطلابها.
وكذا تشغيل طلاب الفرقة النهائية بكليات التربية بالمدارس وتحميلهم جداول وحصصا، وذلك على الرغم من ضعف خبراتهم العلمية، وعدم اكتراثهم بإنهاء مناهج أو توصيل معلومة للطلاب، وإنما يعتمدون بعملهم على “تستيف الأوراق” ، وكذا فتح باب العمل بنظام التطوع، وهو ما يفتح بابا واسعا للدروس الخصوصية، إذ من يقبل بالتطوع من الشباب من يريد إعطاء دروسا خصوصية بتوسع، لتحصيل دخلا له، في ظل عدم وجود مخصصات مالية للمتطوعين، وأيضا نقل بعض طلاب المدارس للدراسة بالمدارس المحيطة بالمنطقة، في فترات مسائية، على الرغم من أن تلك المدارس بها فترة وفترتان دراسيتان، وكذا نقل الطلاب للدراسة بالأندية والمراكز الشبابية المحيطة، وهي مبانٍ غير مُعدّة ولا مجهزة سوى لممارسة النشاط الرياضي، وتناسى الوزير أعداد المعلمين القليلة وغير الكافية لتسيير تلك العملية من الأساس.
خفض المناهج كارثة تربوية
وأما انغلاق أفق الحلول الفعلية أمام الوزير المزور، لجأ لوسيلة أخرى ومنحى آخر لتقديم نفسه كخادم للسيسي.
فقررالوزير تقليص مواد الثانوية العامة إلى خمس مواد فقط، لكل شعبة.
على أن تتضمن الشعبة العلمية في شهادة الثانوية العامة مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والأحياء والكيمياء والفيزياء، وخروج مادتي اللغة الأجنبية الثانية والجيولوجيا من المجموع.
اما شعبة الرياضيات في شهادة الثانوية العامة سوف تتضمن مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والرياضيات والكيمياء والفيزياء، وخروج مادتي اللغة الثانية والرياضيات التطبيقية من المجموع.
أما الشعبة الأدبية، فتتضمن مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى والتاريخ والجغرافيا والإحصاء، بعد خروج مادتي علم النفس واللغة الأجنبية الثانية من المجموع.
وأشار مصدر بالوزارة إلى أن مجموع الثانوية العامة سوف ينخفض في الصف الثالث من 410 إلى 320 درجة فقط، على أن تكون اللغة الثانية مادة نجاح ورسوب، لكن لا تضاف إلى المجموع، كما الحال بالنسبة للتربية الوطنية والتربية الدينية.
وبخصوص الصف الأول الثانوي، ستُقلص مواده من 10 إلى 6 مواد فقط، بعد دمج بعضها معا، لتصبح المواد الجديدة هي اللغة العربية، والإنجليزية والتاريخ والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق، بعد أن كان الطالب يدرس اللغة العربية واللغة الأولى واللغة الثانية والرياضيات والكيمياء والفيزياء والأحياء والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والمنطق.
وأوضح المصدر أن الصف الأول الثانوي سيشهد دمج مادتي الكيمياء والفيزياء، في مادة واحدة اسمها العلوم المتكاملة، وفي الصف الثاني الثانوي، ستدمج أيضا الكيمياء والفيزياء في العلوم المتكاملة، وفروع الرياضيات في مادة واحدة، وهي الجبر والتفاضل وحساب المثلثات، مع خروج اللغة الثانية من المجموع وتحويلها لمادة غير مضافة سواء بالصف الأول أو الثاني الثانوي.
وتقرر تطبيق هذه التعديلات، ابتداء من العام الدراسي الجديد 2024-2025، وفق المصدر.
والغريب أن تأتي تلك التحركات البهلوانية، دون دراسة كافية أو مناقشات متخصصة ومناقشات مجتمعية، وورش عمل تنتهي لنتائج يجري تطبيقها، إنما جاء الإعلان مفاجئا في أعقاب أزمات تعليمية متعددة.
بهلوانات السيسي
وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الحكومة عن تغيير نظام الثانوية العامة، حيث كانت المرة الأولى في عهد الوزير الأسبق طارق شوقي عندما اقترح تطبيق نظام الثانوية التراكمية، بحيث يكون المجموع النهائي للثانوية على الصفوف الثلاثة، لكن مجلس الشيوخ رفض المقترح بالأغلبية وتم تجميده.
وفي المرة الثانية، تحدث وزير التربية والتعليم السابق رضا حجازي عن مقترح خاص بتطبيق نظام المسارات في الثانوية العامة، على أن تكون الامتحانات متعددة الفرص، وليس بنظام الفرصة الواحدة، لكنه رحل قبل تطبيق المقترح.
وأمام البهلوان الجديد، الذي مارس مهارات التزوير ثم انتقل للتطبيل للسيسي ومحاولة خفض موازنات التعليم وتقليص متطلبات العملية التعليمة، من أجل عيون السيسي، جاءت الأدوار الكارثية بحركات بهلوانية، غير مبنية على أي أسس، وهو ما يدمر قوة مصر البشرية، وينشر الجهل والتخلف بالبلاد، وهو مصير يبدو محتوما وسط صمت الشعب على تلك المهازل.