دون أن تستمع حكومة السيسي لنصائح الخبراء، في ظل كفرانها بالعلم ودراسات الجدوى وقيمة العلوم، كما هو واضح في تصريحات وزير التربية والتعليم الأخيرة، حول تعديل نظام الثانوية العامة وتخريب التعليم، يسير الاقتصاد المصري من خراب إلى خراب أخر أشد وأقسى.
فرغم تحذ يرات خبراء الاقتصاد من الاعتماد على الأموال الساخنة، في تمويل عجز الموازنة وتمويل المشاريع الحكومية، والتي تسببت قبل عام في انهيار اقتصادي كبير، لم تنته آثاره رغم تعويم الجنيه وزيادة الفوائد البنكية بنسبة 6% مرة واحدة، في مارس الماضي، ووقتها خرج وزير المالية السابق محمد معيط ليعتذر عن الاعتماد على الأموال الساخنة، التي تسببت في الأزمة الاقتصادية السابقة، ورغم ذلك ، عاودت الحكومة نهجها في الاستدانة عبر أذون الخزانة والسندات، والأموال الساخنة، التي عاودت الخروج مؤخرا من مصر، بعد عملية اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية بإيران، واتجاه الشرق الأوسط نحو مواجهات عسكرية موسعة.
وعقب هروب الأموال الساخنة مؤخرا من مصر، قفز العائد على أذون الخزانة المصرية لأجل ثلاثة أشهر إلى 28.336% في عطاء الأحد الماضي، بعدما كان 27.656% في العطاء السابق، بينما أعلن البنك المركزي المصري عن عطاء لبيع أذون خزانة مقومة باليورو بقيمة 609.8 ملايين يورو، وفقا للبيانات المنشورة على موقع البنك على الإنترنت.
وتعد الزيادة الاخيرة، هي الزيادة الأولى، منذ تحرير سعر صرف الجنيه المصري في الأسبوع الأول من مارس الماضي.
ووصل أعلى عائد قبلته وزارة المالية على نفس الورقة إلى 28.748%، بينما طالب المستثمرون المشاركون في عطاء أذون الخزانة المصرية الذي طرحه البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية، بعائد مرتفع وصل إلى 33%.
وباعت الحكومة أذون خزانة لأجل ثلاثة أشهر بنحو 50.3 مليار جنيه، وهو ما يتجاوز 25% من إجمالي السيولة المستهدفة في هذه المدة، والتي قدرها البنك بأربعين مليار جنيه، فيما بلغ حجم طلبات الشراء المقدمة من المستثمرين نحو 71.45 مليار جنيه.
وفي عطاء يوم الأحد أيضا، باع البنك المركزي أكثر من تريليون و121 مليار جنيه من أذون الخزانة لأجل تسعة أشهر، بمتوسط عائد 26.903%، رغم أن السيولة المستهدفة في هذه المدة، كما أعلن عنها البنك، كانت 20 مليار جنيه فقط.
وكان البنك قد أعلن عن قبوله طلبات بنحو 15.5 مليار جنيه في الورقة المستحقة بعد 12 شهرا، بمتوسط عائد 26.241%، ونحو 4 مليارات جنيه في الورقة المستحقة بعد ستة أشهر، بمتوسط عائد 27.923%، رغم أن السيولة المستهدفة من الورقتين كانت 25 مليار جنيه و30 مليار جنيه على التوالي.
وهبط الجنيه المصري أمام الدولار خلال تعاملات الأسبوع الماضي مسجلا أدنى مستوى له منذ 11 مارس الماضي، ليبلغ 49.5 جنيها لكل دولار، قبل أن يرتفع بعض الشيء خلال معاملات اليوم ليصل إلى 49.28 جنيها لكل دولار.
وتعمق الفائدة العالية مكبلات الاقتصاد المصري، وتزيد من عجز الموازنة، علاوة على هروب مزيد من الأموال الساخنة، التي تقود نحو تعويم قريب للجنيه، ما يمثل موتا اقتصاديا للمصريين وخسائر مالية غير مسبوقة.