يواصل صندوق النقد الدولي فرض إملاءاته على نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي لتضييق الخناق على الشعب المصري، من خلال إلغاء الدعم ورفع الأسعار وخفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، ما يؤدي في النهاية إلى خراب مصر وتجويع المصريين، وهو المخطط الذي يعمل السيسي على تنفيذه منذ انقلابه الدموي على أول رئيس مدني منتخب في التاريخ المصري الشهيد محمد مرسي.
الخبراء أكدوا أن إدارة الملف الاقتصادي في دولة العسكر تسير خلف صندوق النقد .
وقال الخبراء: إن “الصندوق لا يهتم إلا بضبط إيرادات دولة العسكر، ليضمن سداد مستحقات الجهات الدائنة، بما يجعله يدفع إلى وقف الدعم ورفع أسعار السلع والخدمات “.
وحذروا من أن مخططات الصندوق سوف تتسبب في موجات غلاء متتالية تزيد الشعب المصري فقرا، وتوجد حالة من الاضطراب الاجتماعي، تهدد استقرار البلاد.
كان نظام الانقلاب قد اتفق مع الصندوق على حزمة تمويل بثمانية مليارات دولار في عام 2022، لكن الصندوق أرجأ صرف الدفعات عدة مرات، بسبب عدم وفاء الانقلاب بالشروط خاصة الالتزام بمرونة سعر الصرف.
وفي أواخر يوليو الماضي تمت الموافقة على المراجعة الثالثة بعد زيادة حجم الحزمة في مارس وصاحب صرف الشريحة الثالثة التزام حكومة الانقلاب بأسعار فائدة مرتفعة على الجنيه المصري لجذب مزيد من الأموال الأجنبية الساخنة، وكذلك رفع سعر رغيف الخبز بنسبة 300% مرة واحدة، وزيادة أسعار البنزين والسولار والغاز المنزلي بنسبة 15بالمئة.
إملاءات جديدة
كان صندوق النقد الدولي قد أصدر مؤخرا وثيقة تتضمن عددا من القرارات المتعلقة بدولة العسكر، ضمن المراجعة الثالثة لبرنامج التسهيل الائتماني الممتد بقيمة 8 مليارات دولار.
تضمنت القرارات تخفيف بعض الشروط المفروضة، ومنح حكومة الانقلاب مزيدا من الوقت لتنفيذ ما يسميه الصندوق بالإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
وأعلن الصندوق نيابة عن حكومة الانقلاب أنها ستتخلى عن زيادات أسعار الوقود الفصلية مقابل التزام حازم برفع الأسعار إلى “مستويات استرداد التكلفة” بحلول نهاية عام 2025.
في المقابل وافق على تأجيل نشر عمليات التدقيق السنوية على الحسابات المالية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات حتى نهاية نوفمبر المقبل، بدلا من الموعد الأصلي في نهاية مارس الماضي مع انتظار تعديل القانون الذي يحكم عمل الجهاز.
في السياق ذاته سمح الصندوق بتأجيل إعداد خطة إعادة رسملة البنك المركزي، والتي كان من المقرر إعدادها في نهاية أبريل ، لتكون حتى نهاية أغسطس الماضي لإعطاء سلطات الانقلاب مزيدا من الوقت لتقدير حجم رأس المال الجديد المطلوب ووضع استراتيجية.
بيع الأصول
ومع استعداد صندوق النقد الدولي لإرسال بعثة فنية إلى القاهرة بداية شهر أكتوبر المقبل، لإجراء المراجعة الرابعة لاتفاق القرض المبرم مع حكومة الانقلاب والبالغ قيمته الإجمالية 8 مليارات دولار، تواصل حكومة الانقلاب برنامج بيع أصول دولة العسكر من شركات وأراض، وتوجيه جزء من موارد الدولة إلى سداد الجزء الأكبر من مستحقات شركات النفط والغاز العالمية، وهو مطلب مستمر لبعثات صندوق النقد من نظام الانقلاب.
ويوجه الصندوق في مراجعاته حكومة الانقلاب إلى رفع أسعار الطاقة إلى مستويات استرداد التكلفة، بما في ذلك أسعار بيع الوقود بالتجزئة بحلول ديسمبر 2025، زاعما أن ذلك أمرا ضروريا لدعم التزويد السلس بالطاقة للسكان والحد من اختلالات التوازن في القطاع.
حوكمة البنوك
كما شدد على ضرورة التحول الواضح نحو توحيد الإيرادات الضريبية لزيادة الفائض الأولي بشكل مستدام، وإفساح المجال للنفقات ذات الأولوية، مطالبا بالاستفادة من التحسن الحالي في معنويات السوق وفق زعمه لتطوير استراتيجية أكثر قوة لإدارة الديون، لخفض احتياجات التمويل الإجمالية.
كما كلف الصندوق حكومة الانقلاب بضرورة تعبئة موارد مالية إضافية، بالإضافة إلى تعزيز هيكل حوكمة البنوك المملوكة لدولة العسكر، والاستمرار في تعزيز المنافسة، وتحسين الجهود الرامية إلى أتمتة وتحديث إجراءات تيسير التجارة لزيادة الكفاءة وإزالة الحواجز التجارية وفق تعبيره .
الشريحة الأكبر
في هذا السياق توقعت إيفانا فلادكوفا هولار رئيسة بعثة الصندوق في مصر، إتمام المراجعة الرابعة لبرنامج تمويل التسهيل الممدد مع حكومة الانقلاب خلال الفترة من 15 سبتمبر الجاري وحتى نهاية العام .
وقالت إيفانا فلادكوفا هولار في تصريحات صحفية: إن “استكمال المراجعة يسمح بصرف 1.3 مليار دولار من إجمالي قيمة برنامج الانقلاب مع الصندوق، والتي تمثّل الشريحة الأكبر من بين مختلف الشرائح”.
أسعار المحروقات
من جانبه قال الخبير الاقتصادي تامر راضي، أن تأجيل وصول البعثة الرابعة لصندوق النقد من الأمور الطبيعة، حيث يتطلب الأمر التفاوض مع الصندوق، وفقا للظروف التي تمر بها دولة العسكر ، وما يحدث من تحولات خطيرة في المنطقة، مشيرا إلى أن الصندوق عندما يطالب حكومة الانقلاب برفع أسعار المحروقات وزيادة الضرائب، فإنه يقدم بدائل لمساعدة الطبقات الفقيرة، التي ستتعرض لضغوط شديدة، بسبب الغلاء وتراجع قيمة الدخل.
وأكد راضي في تصريحات صحفية أن تأجيل وصول البعثة، ربما يساهم في توصل حكومة الانقلاب وفق تصور الصندوق إلى أساليب أفضل لإدارة الموارد المالية، تحقق معادلة بين زيادة الأسعار وضبط معدلات التضخم، عبر التنسيق الجيد بين السياسات المالية والنقدية، بين حكومة الانقلاب والبنك المركزي.
إلغاء الدعم
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة: إن “موعد المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي لمصر، ستكون في شهر أكتوبر المقبل”.
وأضاف «بدرة» في تصريحات صحفية، أنه سيتم صرف الدفعة الرابعة من صندوق النقد لنظام الانقلاب بحلول شهر ديسمبر قبل نهاية العام الجاري 2024، والتي يحصل الانقلاب بموجبها على 1.3 مليار دولار.
وأوضح أن بعثة صندوق النقد الدولي ستركز على عدة نقاط، منها خطة رفع الدعم، بالإضافة إلى التركيز على تحجيم الإعفاءات الضريبية، وزيادة الإيرادات، ورفع القيود على استيراد السلع من الخارج.
وطالب «بدرة» دولة العسكر بالعمل على تحسين بيئة النشاط الاستثماري وزيادة برنامج الطروحات الحكومية، وحل مشكلات المستثمرين وأصحاب المصانع لزيادة الإنتاج، مؤكدا أن هذا يوفر الموارد لحكومة الانقلاب ويجعلها لا تخضع لإملاءات صندوق النقد.