تشهد الأسواق المصرية ارتفاعا غير مسبوق في أسعار الخضروات بمختلف أنواعها، خاصة البطاطس والطماطم والبصل والبامية والكوسة والفاصوليا وحتى الجرجير والفجل والبقدونس، ما آثار حالة من الغليان بين المصريين خاصة في ظل تجاهل حكومة الانقلاب لهذه الارتفاعات، بل ومزاعمها حول انخفاض الأسعار التي يرددها المطبلاتية وأبواق العسكر .
وأكد الخبراء أن من أسباب الأزمة عوامل اقتصادية وسياسية تتورط فيها حكومة الانقلاب، مشيرين إلى أن عمليات التصدير ومعدل التضخم من بين الأسباب الجوهرية للغلاء في الأسعار.
وأرجع الخبراء، الأزمة إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 26.2% خلال أغسطس الماضي، مقارنة بـ 25.7% في يوليو، ويعد ذلك الارتفاع الأول في التضخم منذ 5 أشهر .
يشار إلى أن أسعار الخضراوات زادت بنسبة 44.2% على أساس سنوي والمنتجات الغذائية بنسبة 55.9%، والألبان34.7%، ومجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 19.6%.
التصدير للخارج
من جانبه كشف الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الأسبق، أن جزءا كبيرا من أزمة ارتفاع أسعار الخضروات بالأسواق المحلية يرجع إلى زيادة نسبة الصادرات خلال الفترة الحالية لعدة محاصيل، مشيرا إلى أن تقرير وزارة زراعة الانقلاب أكد أن من أهم الصادرات خلال الفترة الحالية البطاطس والبصل والطماطم والجزر، ويتم تصدير البصل بكميات كبيرة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ في السوق المحلية.
وقال عبد المطلب في تصريحات صحفية: إن “الجزء الثاني من الأزمة يتمثل في أن محصول البطاطس والذي كان من المفروض أن يظهر في شهر أغسطس الماضي، حدثت به عدة مشكلات، مما أثر على الكميات المنتجة ومن ثم نقص المعروض في السوق “.
وأشار إلى أن المتابع لأسعار الخضروات يعلم أن هناك مواسم لها ومن شهر مارس إلى مايو، وهي فترة تبادل العروات بالنسبة الطماطم ومن شهر يوليو تبدأ في النزول بالأسواق، مما يخفض من سعرها بشكل كبير، لكن أن يحدث الإرتفاع الملحوظ في الأسعار خلال شهر أغسطس وسبتمبر وتصل الطماطم إلى ٤٠ جنيها، فهذا أمر غير طبيعي، لافتًا إلى أن السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار هو التصدير للخارج، إضافة إلى وجود أزمة في البصل ولكن يوجد بديل مثل البصل الصعيدي، مما يخفف من حدة الأسعار واحداث توازن بالسوق.
وحول مسألة تراجع أسعار الخضروات خلال الفترة المقبلة أكد عبد المطلب ، أن ذلك متوقف على خطط التصدير وهل تستمر أم لا؟ وهناك من يقول إن جزءا كبيرا منها أي الخضر والفاكهة يتم تصديرها إلى الأردن ومنها فلسطين وإسرائيل أو تجارة تهريب ومنها غزة.
انخفاض الإنتاج
ووصف الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر ، أزمة غلاء الأسعار حاليا خاصة بالنسبة للخضروات بأنها مسألة معقدة ومتعددة الأسباب، ويمكن أن تتأثر بعدد من العوامل الاقتصادية والسياسية، موضحا أن من بين الأسباب الجوهرية لغلاء الأسعار : زيادة الطلب العالمي حيث عندما يزيد الطلب على سلعة أو خدمة ما بشكل ملحوظ ترتفع أسعارها،، وأيضا نسبة التضخم حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى زيادة الأسعار بشكل عام، حيث يفقد الجنيه قوته الشرائية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وقال “خضر” في تصريحات صحفية: إن “انخفاض الكميات المنتجة وأيضا ارتفاع تكاليف الإنتاج تزيد أسعار المنتجات لتعويض زيادة التكلفة سواء المواد الخام أو الطاقة أو العمالة، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار” .
وشدد على أن فقدان الرقابة الصارمة على أداء السوق الداخلي يعد أحد الأسباب الرئيسية لعدم السيطرة على أسعار السلع وعدم شعور المواطن بانخفاضها.
الطماطم والبامية
وقال حاتم نجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية: إن “الفترة الحالية تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الخضروات، بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وتأثيرها السلبي على الإنتاج، مؤكدا أن إنتاجية الطماطم تراجعت بنسبة 50% والخيار بنسبة 40% والبامية بنسبة 60% نتيجة للعوامل الجوية غير المواتية، كما تأثرت العروة الصيفية بشكل كبير، مما أدى إلى تراجع المعروض من بعض الأصناف”.
وقال نجيب في تصريحات صحفية: إن “أسعار الطماطم في السوق حاليًا تتراوح بين 23 و 25 جنيهًا للكيلوجرام، بينما يتراوح سعر الخيار بين 18 إلى 20 جنيهًا، وسجلت أسعار الكوسة والبامية بين 55 إلى 66 جنيهًا، بعد تراجع الإنتاجية بنسبة كبيرة نتيجة لتلف الثمار مع الارتفاعات غير المسبوقة في الأسعار”.
وتوقع أن يشهد السوق استقرارًا في أسعار الخضروات والفواكه مع بدء موسم الإنتاج الشتوي، مما سيساهم في توازن السوق، حيث تظهر محاصيل جديدة مثل الفاصوليا والبسلة والقلقاس، بالإضافة إلى العروات الجديدة من الطماطم والبصل والبطاطس، والتي ستسهم فى استقرار الأسعار وانخفاض بعض الأصناف بشكل كبير خلال الفترة القادمة .
وأشار نجيب إلى أن هذا الانخفاض سيحدث مع اعتدال الطقس دون ارتفاع أو انخفاض كبير في الحرارة، مما سيؤدي إلى زيادة في الإنتاجية والحد من الأسعار المرتفعة التي شهدها السوق مؤخرًا .
فيما يتعلق بالفاكهة، أكد أن هناك أصناف كثيرة من التمور متوفرة بكميات كبيرة وأسعار مناسبة، مشيرًا إلى أن موسم المانجو أوشك على الانتهاء، ولم يتبق سوى فترة محدودة للتخزين مع تراجع المعروض من أنواع معينة كالعويس، والهندي والزبدية.
وشدد نجيب على ضرورة متابعة المخزون لضمان عدم حدوث زيادات مبالغ فيها في الأسعار، مؤكدًا أن الدورة الإنتاجية للعروات المتلاحقة من شهر إلى شهرين، ستؤدي إلى استقرار الأسعار، مع عدم توقع حدوث ارتفاعات كبيرة في الأسعار في المستقبل القريب.