“
في أول أيام العام الدراسي، واجهت العديد من مدارس مصر الكثير من الأزمات والكوارث التعليمية والتربوية، بعد أن حول الوزير المعامل وحجرات الأنشطة وغرف المدرسين الضيقة لفصول، وسط نظام تعليمي يضع أكثر من 70% من درجة الطالب بيد المعلم، فيما انتشرت ظاهرة الفصول الطائرة، بالمدارس الحكومية، وسط معاناة للمعلمين، الذين تتناقص أعدادهم بصورة كبيرة جدا، وهو ما يسعى الوزير المزور بتغطيته عبر الاستعانة بالمعلمين على المعاش، الذين يواجهون الكثير من الأمراض والعجز عن ضبط العملية التعليمية أساسا، بجانب معلمي الحصة، الذين قبلوا بملاليم الحكومة من أجل الاستفراد بالطلاب بالدروس الخصوصية، تحت سمع وبصر الإدارات التعليمية، التي تعمل وفق عقلية السيسي “اعطني نسبتي أولا”.
أزمة إنسانية
و مع حلول عام دراسي جديد، لن يذهب أطفال التوحد لمدارسهم، أو مراكز التخاطب التي تحولت إلى بيزنس، وأكل عيش على وجع الأبناء.
ووسط الزحام الشديد في الفصول وغلاء المواصلات ، باتت كثير من الأسر تفضل الإبقاء على مرضاهم في البيوت أفضل، وسط فشل خطط الدولة لدمج أبنائهم في المجتمع بالمدارس المختلطة وغير المتخصصة.
وتُعرّف منظمة الصحة العالمية «التوحد/ Autism» بأنه مجموعة من الاضطرابات المعقدة في نمو الدماغ، ينتج عنها مواجهة الفرد صعوبات في التواصل والتفاعل مع المجتمع، وتتباين قدرات المصابين بالتوحد، فقد يتمتع بعضهم بحياة مستقلة، لكن البعض الآخر يحتاج إلى الدعم والرعاية مدى الحياة، وتشير المنظمة إلى أن حوالي طفل من بين كل 160 يعانون من التوحد، وهي تقديرات متوسطة ، فأعدادهم غير معروفة بدقة في البلدان ذات الدخل المنخفض أو المتوسط، لا توجد في مصر إحصائيات دقيقة لعدد أطفال التوحد، لكن أعدادهم الكبيرة يشير إليها بحث أجراه المركز القومي للبحوث في أبريل عام 2022 في ثمان محافظات فقط، وبلغت نحو مليون طفل، من عمر 1-12 سنة.
وفي أغسطس 2017 أصدر وزير التربية والتعليم الأسبق، طارق شوقي، قرارًا وزاريًا رقم 252 لسنة 2017، بشأن قبول التلاميذ ذوي «الاحتياجات البسيطة» بالفصول النظامية بمدارس التعليم العام الحكومية، والمدارس الخاصة، ومدارس الفرصة الثانية (وهي مدارس تعمل على إعادة المتسربين من التعليم إلى الدراسة، للحد من التسرب من التعليم، عن طريق توفير التعليم والعمل على إعادة إدماجهم في المجتمع)، والمدارس الرسمية للغات، والمدارس التي تدرس مناهج خاصة في مراحل التعليم قبل الجامعي ومرحلة رياض الأطفال، وأكد القرار أن «كل المدارس دامجة»، ويحق للطالب ذي الاحتياجات الخاصة الذي تنطبق عليه الشروط، أن يدمج بأقرب مدرسة لمحل إقامته، ويختار ولي الأمر إلحاق ابنه ذي الاحتياجات بالمدارس الدامجة أو مدارس التربية الخاصة.
وواقعيا، لا يأمن أهالي الاطفال المصابين بالتوحد من مستوى التعليم والرعاية بالمدارس الحكومية، بالإضافة لعدم وجود المدرسين المختصين ، بجانب عدم التزام المدارس بالقرار الحكومي لإدماج أطفال التوحد من ذوي الحالات البسيطة بالمدارس، لا يقتصر فقط على محاولة التملص من قبولهم.
في يناير2023 تقدمت النائبة في مجلس الشيوخ، دينا هلالي، بطلب مناقشة عامة، بناءً على رصد وشكاوى من أولياء الأمور، بشأن عدم التزام بعض المدارس الحكومية والخاصة بإدماج أطفال التوحد، طبقًا للقرار الوزاري رقم 252 لسنة 2017، وهو ما يجعل أطفال التوحد عرضة لحرمانهم من التعليم للأبد، بعد تجاوزهم السن المقررة للالتحاق بالمدارس.
وهكذا يضيع مستقبل الأصحاء، قبل المرضى في مصر.