بجانب غلاء أسعار الزي المدرسي وارتفاع المصاريف المدرسية وأسعار الدروس الخصوصية، تفاقمت ظاهرة “السبلايز” لتزيد من مُعاناة الأسر المصرية، وسط أزمات اقتصادية كبيرة تطال جميع أسعار السلع والخدمات.
“السبلايز” هي إمدادات من الأدوات المدرسية الخاصة بالأنشطة والنظافة، تفرضها المدارس الحكومية والخاصة على أولياء الأمور، تشترط المدارس تسليم تلك الإمدادات قبل بداية العام الدراسي بأسبوعين.
انضمت العديد من المدارس الحكومية إلى هذه الظاهرة، حيث تفرض على كل طالب التبرع بأدوات مدرسية، بدءًا من شراء مقاعد وأجهزة كمبيوتر وطباشير وأقلام للكتابة على السبورة، وصولاً إلى شراء “كروت” اتصالات لشحن باقات الإنترنت.
تبدي الكثير من الأسر المصرية انزعاجها من كثرة الطلبات التي تفرضها المدارس، والتي ترسلها إدارات المدارس عبر رسائل على “واتساب” تحدد الأدوات المطلوب شراؤها.
وتتضمن الرسائل، التي تداولها العديد من الأهالي على صفحاتهم الشخصية، مطالب متعددة لكل مادة، حيث تحدد لون الأدوات المطلوبة لكل فصل.
فعلى سبيل المثال، طلبت إحدى المدارس لمادة الرياضيات، للصف الثاني الابتدائي، ملفًا بمقاس كبير، ومسطرتين غير حادتين، وثلاثة ملفات قابلة للإغلاق، وآلة هندسية على شكل حرف U، وسبورة بيضاء صغيرة، ودباسة، وأقلام تظليل بألوان متعددة، وملفًا بعرض 60 صفحة.
أما لمادة اللغة الإنجليزية، فقد طُلبت ثلاثة ملفات كبيرة ومتوسطة الحجم قابلة للإغلاق، و100 ملف على شكل حرف U، وكراستان بحجم 80 ورقة ذات خطين، وكراسة كبيرة بحجم A5، وكراسة قص ولصق.
يلتزم أولياء الأمور بتسليم هذه الطلبات لاستخدامها داخل المدرسة، بخلاف الرسوم التي تتضمن تمويل الأنشطة المدرسية، بالإضافة إلى ما توفره الأسرة للتلاميذ من حقائب مدرسية وعلب طعام وكراسات وأدوات تجليد وملابس مدرسية.
ووفقًا لأحد المواطنين، تحمل الأسرة نحو 1600 جنيه لتوفير “السبلايز” المطلوبة لطفل واحد، مع زيادة التكلفة إلى 2000 جنيه لطفل في مرحلة الروضة، حيث تُطلب أدوات لحفظ الطعام والنظافة ومناديل ومعطرات لحمامات المدرسة.
يرى مراقبون أن المدارس تعتبر التزام الأهالي بشراء هذه الأدوات مؤشرًا لبقاء الأطفال في المدرسة، وربطت ذلك بالموافقة على إلحاق إخوتهم، مما يدفع الأهالي إلى الخضوع لهذه التعليمات، هذه الظاهرة انتشرت من المدارس الحكومية إلى الخاصة والدولية، مما يزيد من الضغوط على الأسر، خاصة مع ارتفاع تكلفتها سنويًا بما يزيد عن 30%، وزيادة رسوم المدارس بنسب تتراوح بين 15% و40%، واشتراط بعض المدارس شراء ماركات معينة من الأدوات باهظة الثمن.
وفقًا لشهادات من مواطنين، تلجأ الأسر الفقيرة إلى شراء الإمدادات من أسواق الجملة أو عبر شركات التسويق على الإنترنت لتقليل التكلفة، بينما تتضاعف الأسعار في المكتبات والشركات الموزعة للماركات العالمية، التي تبرر الزيادة بارتفاع تكلفة الاستيراد وزيادة سعر الدولار.
تسليع التعليم
يتهم خبراء الحكومة بتحويل التعليم إلى سلعة تستنزف طاقات الأسر التي باتت عاجزة عن مواجهة ارتفاع الأسعار مع تدهور قيمة الدخل وانهيار الطبقة الوسطى، التي لطالما اتخذت من التعليم وسيلة للرقي الاجتماعي والحفاظ على القيم الإنسانية، ويحذر خبراء الاقتصاد والتعليم، المشاركون في دراسة حديثة للجامعة الأمريكية، من تراجع الحكومة عن توفير التعليم كمنفعة عامة، وتعميق عدم المساواة الاجتماعية بناءً على القدرة على تحمل تكاليف التعليم، ويشيرون إلى أن هذا النظام يحرم غير القادرين من دراسة التخصصات المطلوبة في سوق العمل، والتي تقدمها الجامعات الخاصة بمصروفات باهظة.
أرقام كارثية
تؤكد دراسة اقتصادية لمركز حلول للسياسات البديلة بالجامعة الأمريكية أن تراجع مخصصات التعليم أدى إلى تقليص عدد الأماكن المجانية المتاحة لخريجي المدارس الثانوية الحكومية في الجامعات، لفتت الدراسة إلى ارتفاع نسبة طلاب المدارس الحكومية بنسبة 25.5% خلال السنوات العشر الماضية، بينما يمثلون 81% فقط من خريجي الجامعات، وتذهب المقاعد المتبقية إلى الطلاب القادرين على دفع تكاليف الدراسة بمصروفات عالية داخل الكليات الحكومية.
وتُظهر الدراسة حرص الجامعات الحكومية على التوسع في إنشاء برامج دراسية بمصروفات مرتفعة العائد، بعضها بالدولار، وتقديم مناهج متقدمة غير متاحة في الأقسام المجانية، لتوفير موارد ذاتية للإنفاق على أنشطتها، وتؤكد الدراسة أن هذه السياسات تعكس تراجع الحكومة عن مسؤولياتها في توفير فرص التعليم المجاني للجميع.