بعد قرارات الوزير المزور، محمد عبد اللطيف، بشأن نظام الثانوية العامة الجديد، وإلغاء تدريس العديد من المواد الدراسية، ما أدخل معلميها في دائرة المجهول.
وذلك بعد إلغاء تدريس بعض المقررات في مرحلة الثانوية العامة، وتهميش مقررات أخرى من حساب المجموع الكلي للطالب.
ضياع مستقبل آلاف المعلمين دفعهم إلى رفع عدد من الدعاوى القضائية ضد قرارات الوزير الجديدة.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه خطط واضحة لإعادة تأهيلهم أو توفير بدائل مهنية، بات المعلمون في حالة من القلق والخوف من المجهول، إذ وجدوا أنفسهم فجأة – حسب وصفهم – في وضع يهدد استقرارهم الوظيفي والمعيشي.
ويؤكد علي أيوب – محامي مجموعة من المعلمين في قضيتهم ضد قرارات الوزير – أن للمعلمين الحق في الاعتراض على القرارات من الناحية القانونية وفقًا للدستور المصري، خاصةً في حالة تدخل مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، أو إذا كانت قرارات الوزير غير مدروسة، وفي الظروف الحالية، من المتوقع حدوث تغييرات قانونية في سياسات التعليم تهدف إلى حماية المعلمين من القرارات التي قد تؤثر على وظائفهم بشكل مفاجئ.
7 دعاوى
وأضاف في تصريحات إعلامية، أن هناك سبع دعاوى قضائية قُدمت من معلمين من (القاهرة، والجيزة، وطنطا، والمنصورة، والبحيرة، والزقازيق، والإسكندرية)، وبعض المعلمين من مدن القناة والصعيد، مع استمرار إيداع الطعون المتبقية. وستُعقد أولى الجلسات في الأول من أكتوبر المقبل.
وأوضح: “هناك من يرى أن التعديلات سبيل للتوفير عن كاهل الأسرة المصرية في الدروس الخصوصية، ونسوا أن المشرع التعليمي في مصر أضاف مادة الإحصاء بدلاً عن العلوم الإنسانية، فأين التوفير في حذف مادة التخصص وإضافة مادة لا تمت بأي صلة للتخصص الأدبي؟.”
وأضاف: “ما تعلمناه من علم المنطق أن لكل مقدمات نتائج، وأرى أن نتائج تلك القرارات ضارة وسوف نحصدها جميعًا؛ معلمون، أساتذة جامعات، وطلاب، كما ستؤثر على العملية التعليمية برمتها، وكذلك البحث العلمي”، مشيرًا إلى البطالة الجزئية بين المعلمين غير المعينين، الذين اجتهدوا دون انتظار حقهم في التعيين.
وحسب نص الدعوى، يقول المحامي: “تغيير المسار والمسمى الوظيفي للمعلم المعين لهذه المقررات لعدم الحاجة إليهم، يعد إهانة، كما سيتم التوقف عن توظيف معلمين في تلك التخصصات.”
ويبني المحامي بالنقض دعوته على أساس المادة (19) من الدستور، والتي تنص على أن: “التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية.”
وتنص المادة (22) من الدستور المصري المعدل لعام 2019، على أن: “المعلمون وأعضاء هيئة التدريس ومن يعاونهم، هم الركيزة الأساسية للتعليم. تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه”. وهذا ما يتعارض مع القرارات الجديدة التي تمس الحقوق المهنية والاقتصادية لمعلمي اللغة الأجنبية الثانية والجيولوجيا والجغرافيا وعلم النفس والفلسفة.
وحول أسباب الطعن على تلك القرارات، يؤكد أيوب في دعوته أن الأمر برمته يرتكز على خلو القرار الإداري المطعون به من ركن السبب. “فمن المبادئ المستقرة أن لكل قرار إداري مجموعة من الأركان يجب توافرها عند إصداره، تتمثل في ركن الاختصاص، ركن المحل، ركن الشكل والإجراءات، ركن السبب، وركن الغاية – وكل ركن من هذه الأركان يشكل عند تخلفه عيبًا يشوب ذلك القرار ويكون سببًا للإلغاء”.
واستكمل: “تحظى دراسة ركن السبب في القرار الإداري بأهمية بالغة تفرض نفسها على واقع الأمر، وذلك لعدة اعتبارات؛ أولها يتمثل في أن ركن السبب يعد العنصر الأول في القرار الإداري، ويعتبر تخلفه أو عدم صحته من قبيل عدم المشروعية، فيقع القرار باطلاً؛ ما يمكن إلغاؤه، وأيضًا يعد ضمانًا وقرينة على أن تدخل الإدارة له ما يستوجبه، وذلك لأن القرارات الإدارية تنطوي في معظم الأحوال على الحد من حريات الأفراد والإضرار بمراكزهم المالية والأدبية، إلى جانب أنه أحد أهم الوسائل التي تحد من انحرافات الإدارة وتعسفها في استعمال سلطتها، والرقابة عليه تؤدي إلى تقليص السلطة التقديرية للإدارة، وذلك عن طريق الرقابة على ملاءمة القرار.”
كما يرى المحامي في دعوته أن القرار يأتي بالمخالفة لنص المادة رقم (26) من القانون رقم 139 لسنة 1981 المعروف باسم قانون التعليم، وتنص على أن: “تتكون مقررات الدراسة في التعليم الثانوي العام من مواد إجبارية ومواد اختيارية، ويصدر بتحديد هذه المواد وعدد المواد الاختيارية التي يتعين على الطالب أن يجتازها بنجاح، قرار من وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي وموافقة المجلس الأعلى للجامعات.”
ووفق تقرير حديث أعدته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، استندت فيه إلى تصريحات لوزير التعليم السابق، رضا حجازي، يشكل هذا عبئًا إضافيًا على المعلمين المعينين أو المتعاقدين لفترات محددة، إذ يجب عليهم سد العجز المستمر في أعداد المعلمين، من خلال التدريس لأكبر عدد من الطلاب وزيادة عدد الساعات الدراسية المقررة لكل معلم (وفق المبادرة، فإن متوسط عدد الساعات للمعلمين من الذكور أسبوعيًا يصل إلى نحو 48 ساعة، فيما يصل عدد الساعات الأسبوعية للمعلمات من الإناث إلى نحو 47 ساعة).
قرارات كارثية
وكان وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، قد أعلن التعديلات الجديدة للمرحلة الثانوية التي يجب أن تُطبق اعتبارًا من العام الدراسي الجاري 2024/2025.
وبالنسبة للصف الأول الثانوي؛ يدرس الطلاب ستة مقررات أساسية بدلًا من عشرة مقررات في العام السابق، ويُطبق منهج العلوم المتكاملة لأول مرة، بديلاً عن مناهج الكيمياء والفيزياء، إلى جانب إعادة تصميم مقرر الجغرافيا لتُلغى من الدراسة في الصف الأول الثانوي، وتصبح مادة تخصص للشعبة الأدبية في السنة التالية، وبالنسبة لمقررات الصف الثاني الثانوي بعد التعديل، تشمل دراسة ستة مقررات بدلًا من ثمانية، أما طلاب الصف الثالث الثانوي، فيدرسون وفق النظام الجديد، خمسة مقررات بدلًا من سبعة، وينقسمون إلى ثلاث شعب: العلوم، الرياضة، والشعبة الأدبية، فيما تبقى اللغة الأجنبية الثانية في السنوات الثلاث كمقرر رسوب ونجاح دون احتسابها في المجموع الكلي.