أصدرتْ منظمتا المنبر المصري لحقوق الإنسان والجبهة المصرية لحقوق الإنسان تقريرًا حقوقيًا يرصد وقائع استهداف وترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان خارج البلاد بـ”هدف إسكاتهم وإنهاء أنشطتهم المشروعة”.
ويرصد التقرير، الصادر أمس، أنه قبل نحو 11 عامًا، وتحديدًا في صيف 2013، “أجبرت انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة في مصر، التي شملت الاعتقال التعسفي طويل المدة، والملاحقات القضائية في قضايا ذات دوافع سياسية، والتعذيب، والاختفاء القسري، العاملين في المجال العام والحقوقي على الفرار إلى وجهات مختلفة في العالم، بحثًا عن ملاذات آمنة.”
وأضاف التقرير أن الخروج كان بهدف تمكينهم “من الاستمرار في أداء مهمتهم، في سبيل محاولة إيقاف آلة القمع في مصر، بشكل أكثر حرية وأمانًا”، حسب التقرير.
ويواجه الملف الحقوقي في مصر انتقادات عدة منذ سنوات، وانتقدت اللجنة الأممية المعنية بمراجعة حالة حقوق الإنسان العام الماضي الوضع، حيث أشار التقرير إلى “قلق اللجنة العميق بشأن انتشار ممارسات الاعتقال التعسفي واستخدام الحبس الاحتياطي المطول كعقوبة، وخاصة بحق المعارضين والصحفيين والحقوقيين وغيرهم من منتقدي الحكومة.”
وموجة النزوح، التي يصفها التقرير بـ”غير المسبوقة”، أثبتت أن الخروج من مصر لا يحمي المدافعين ولا أسرهم، إذ “استمرت معاناتهم من ملاحقة واستهداف وتعقب، ومحاولات رسمية لترحيلهم إلى مصر لاستكمال سياسات القمع والاضطهاد وإخماد أصواتهم المعارضة للأوضاع الحقوقية في الداخل.”
ويشير التقرير إلى أن من بين أبرز من عانوا من تلك “السياسات الانتقامية” مؤسسو وأعضاء المنبر المصري لحقوق الإنسان، إحدى جهتي إصدار التقرير، وأفراد من أسرهم المقيمين داخل البلاد.
ووفق المؤسس المشارك وعضو المنبر، الدكتور معتز الفجيري، فقد واصلت الأجهزة الأمنية خلال السنوات الخمس الأخيرة “الضغط وترهيب حركة حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيين في الخارج، عقابًا على دورهم في الكشف عن الانتهاكات والتنديد بها في مختلف المحافل الدولية، والعمل بشكل متحرر من القيود التي تحاصر بها المنظمات الحقوقية داخل البلاد.”
ويرى الفجيري أن الدولة “قررت الدخول في صراع ممتد مع المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم على مدار أكثر من عشر سنوات، ولم ينتهِ هذا الصراع بالحوار الوطني، بل إن التضييق على أعضاء منظمات حقوق الإنسان مستمر عبر توظيف القانون والقضاء”.
واعتبر الفجيري أن الانتهاكات التي يُعاني منها الحقوقيون المصريون في الخارج وصلت إلى ما يشبه “إسقاط جنسيتهم المصرية”، وذلك عبر حرمان قطاع كبير منهم من الخدمات القنصلية الأساسية مثل إصدار أوراقهم الثبوتية وشهادات الميلاد ورفض تجديد جوازات سفرهم، واصفًا ذلك بـ”التعدي الصارخ والتعسفي على أبسط حقوق المواطنة”.
في المنفى
ويواجه الناشطون في المنفى، حسب التقرير، تحديات كبيرة إزاء ممارستهم لدورهم الحقوقي أو السياسي، تتمثل في الملاحقات الأمنية المستمرة من قبل السلطات المصرية، بغض النظر عن بلد إقامتهم.
وتتنوع أدوات الملاحقة ما بين أدوات قانونية تارة، تستهدفهم بها السلطات قانونيًا وقضائيًا من خلال اتهامهم في قضايا أو محاكمتهم أو وضعهم على قوائم الإرهاب، وتارة أخرى عبر تجميد الأوراق الرسمية لبعضهم وحرمانهم من الخدمات القنصلية أو حتى إسقاط الجنسية عنهم، بهدف تعطيل حياتهم اليومية وجعل وضعهم القانوني أكثر هشاشة.