أكد مراقبون أن الساحل الشمالى بات القبلة الاقتصادية للمال الإماراتي، بعد صفقة رأس الحكمة التي استحوذت فيه الإمارات على نحو 180 مليون متر مربع.
وباع نظام السيسي مئات الكيلومترات من الأراضي شديدة الأهمية على ساحل البحر المتوسط شمالي مصر لصالح الإمارات، فيما عرف باسم مشروع رأس الحكمة، وهو المشروع الذي وصفته الحكومة المصرية بأنه أكبر استثمار أجنبي لصالح دولة أخرى داخل البلاد.
المستثمر الإماراتي دفع نحو 35 مليار دولار، مقابل حصوله على حق تملك وإدارة مدينة رأس الحكمة في محافظة مطروح، وذلك بعد نزع السلطات المصرية قسرا ملكية المنازل والأراضي فيها من المصريين الذين يتملكونها ويعيشون عليها.
وخلال النصف الثاني من 2023، ارتفعت بشكل ملحوظ في 4 مشاريع معلنة بخلاف غير المعلن وما هو طي الأدراج أو غير معلن المستثمر الرئيسي فيه .
حساب الشارع السياسي @Politicalstrt تساءل: “هل من حق الحكومات أن تبيع مدنا بأكملها لدول أخرى، بعد تهجير أهلها قسريا ؟ “.
https://x.com/Politicalstrt/status/1842253544658764175
وقال حساب تيم المرابطون @morabetoooon: “في ظل شكاوى الناس وأنين الشعب من الغلاء، وحالة الغضب التي تصفها تقارير الأجهزة الأمنية “الحالة ج” وتوصيات المخابرات بتأجيل العديد من القرارات الاقتصادية الصعبة، كرفع أسعار الوقود والكهرباء، وغيرها من سياسات التوحش الرأسمالي، وهو ما جرى بعضه بالفعل مثل تأجيل قرار زيادة الكهرباء إلى سبتمبر بدلا من يوليو”.
وأضاف مستدركا “إلا أن الضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي على السيسي الذي يرغب في مزيد من القروض وصرف شرائح قرض الـ8 مليار دولار، تجعله يضرب بكل التقارير الأمنية والمخابراتية عرض الحائط، مقررا المقامرة بأمن واستقرار مصر ودفع الملايين للفقر والتعثر المالي والجوع، من أجل دولارات الصندوق، بالرغم من دخول البلاد أكثر من 52 مليار دولار، من بيع رأس الحكمة وأراضي وعقارات مصرية.”.
مشروعات أخرى
وتشارك الإمارات في الساحل على نحو 12 مشروعا آخرها مشروع (ساوث ميد) وهو شراكة بين حكومة السيسي ومجموعة طلعت مصطفى ويعد واجهة فيما يبدو للإمارات ويقدر مساحة بنحو 23 مليون متر مربع، ويبلغ حجم الاستثمارات في (ساوث ميد) تريليون جنية أو 21 مليار دولار، أما حجم المبيعات فكانت كمثال وخلال 24 ساعة 60 مليار جنية.
واستعرض مركز “حلول للسياسات البديلة” كمشروع بحثي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، في ورقة بعنوان “ساوث ميد.. شط البحر المتوسط الخاص المتآكل” السرعة التي نتج عنها تآكل شواطئ الساحل الشمالي الغربي وخصخصتها عبر إقامة مشاريع سياحية فاخرة تضر بالبيئة ولا يدخلها العموم.
منذ أعلن مدبولي “عن مشروع سياحي فاخر آخر على شاطئ البحر المتوسط – “ساوث ميد” عبر شراكة مع مجموعة طلعت مصطفى القابضة وباستثمارات تصل إلى تريليون جنيه، اتضح أن “ساوث ميد” ضمن سلسلة من المشروعات السياحية الاستثمارية بقيادة القطاع الخاص، التي تحجب الدخول المجاني إلى الشواطئ وتعظِّم من الآثار البيئية والإيكولوجية السلبية في الساحل الشمالي الغربي وهو المنطقة الساحلية الأكثر تضررًا في البلاد من الأنشطة البشرية، وفق الورقة.
ويحدث ذلك في حين كان الهدف من المشروع؛ “تعظيم قطاع السياحة والوصول إلى ضِعف عدد السائحين الحالي بحلول 2030”.
مشروع “ساوث ميد” يندرج تحت سياسة عمرانية عامة تتسم بـ خصخصة الشواطئ التي تتبعها الحكومة في تطويرها الساحل الشمالي طامحة إلى تعظيم السيولة الدولارية عبر جذب استثمارات أجنبية وخاصة.
يستحوذ المستثمرون على الساحل لبناء منتجعات فاخرة تحجب الدخول المجاني فيها، حيث زادت وتيرة خصخصة الشواطئ خلال السنوات العشر الأخيرة بالمخالفة للمادة 45 من الدستور المصري التي تقر حق الوصول المجاني إلى الشواطئ.
ونبهت إلى “تراجع عدد الشواطئ العامة في المدن الساحليهم منن 67 بالأسكندرية عام 2015 إلى 13 في 2021، وفي مرسى مطروح من 30 إلى 11 في 2021”.
لا منفعة عامة لنزع أرض الساحل
وأكدت الورقة أن حكومة السيسي تشارك في مشروع “ساوث ميد” بحصة في الأرض التي انتزعتها من قاطني الساحل بموجب قانون نزع الأراضي للمنفعة العامة.
قرية جميمة بمنطقة الضبعة التابعة لمحافظة مطروح التي صادرت الحكومة أراضيها لصالح مشروع “ساوث ميد” 5 تجمعات سكنية و3 مدارس ومرافق صحية ومزارع.
وأوضحت أن حكومة السيسي قدمت تعويضات هزيلة إلى الأهالي وصلت إلى 2500 جنية للمتر مقارنة بتسعير مجموعة طلعت مصطفى للمتر في المشروع بـنحو 181 ألف جنية للمتر.
وأوضحت الورقة أن حكومة السيسي تبيع الأراضي في مشاريع الساحل الشمالي الأخرى من خلال مزادات بعد نزع ملكيتها، وتُقبل الصناديق السيادية والشركات الخليجية للاستثمار في المنطقة عليها.
الخط الساحلي
ومن الاثار البيئية قالت الورقة “يفاقم مشروع ساوث ميد الذي تصل مساحته إلى 23 مليون متر مربع أزمة الانتشار العمراني الكثيف على خط الساحل وزيادة معدلات تآكل الشواطئ المصرية”.
تآكل الشواطئ يجعل الساحل الشمالي أكثر عرضة للأخطار البيئية المصاحبة لارتفاع مستوى البحر والمسببة للفيضانات والعواصف وتسرب المياه المالحة إلى اليابسة.
و70% من السواحل المصرية على البحر المتوسط أصبح عرضة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر منذ 2021.
الخطر ينجم عن تغير المناخ ويفاقمه الفقد السريع لمساحات الشواطئ الرملية بسبب الزحف العمراني.
انحسار الشواطئ الرملية وصل إلى مستويات عالية في منطقة الساحل الشمالي الغربي، حيث سجلت متوسط تراجع من 0.8 – 3.5 متر في السنة.
والتراجع يعود بشكل رئيسي إلى النشاط البشري في منطقة الساحل وعلى رأسه التوسع في القرى والفنادق السياحية في الفترة من 2005 إلى 2015.
غرق الساحل
تشييد موانئ اليخوت المدرجة في خطط تصميم “ساوث ميد” من أخطر التعديات على طبيعة الشواطئ لأنها تسرِّع من وتيرة تراجع الخط الساحلي، بحسب الورقة.
التآكل يتجلى هذا في قضيهم يناء مراسي الذي قامت به شركة إعمار عام 2020. أنشأت الشركة الإماراتية رصيفًا داخل مياه البحر المتوسط لليخوت بالمخالفة لنص المادة 91 من قانون وزارة الموارد المائية والري رقم 147.
وحظر القانون إجراء أي عمل يؤثر في طبيعة الشاطئ أو يعد مساره دخولًا في مياه البحر أو انحسارًا عنه إلا بموافقة الوزارة.
وتوافدت مع التشغيل الفعلي للميناء شكاوى جماعيه من سكان قرى الساحل الشمالي بحدوث تآكل للشواطئ، وظهور طبقة صخرية على الخط الساحلي شرق ميناء مراسي الجديدة.
ونقلت عن وزيرة البيئة تصريح بأن الشركة أجرت دراسة أثر بيئي لمشروع مراسي الساحل الشمالي، ودراسة خاصة بالالتزام بخط الشاطئ.
وزارة البيئة تغاضت عن الضرر البيئي الذي أحدثه ميناء مراسي الذي اكتمل وتم تشغيله في 2021. ولم تطبق الحكومة قانون الموارد المائية لوقف العمل وإزالة التعديات وإعادة الشاطئ إلى أصله على نفقة المُخالف، وتخلت الوزارة عن إدراج خطر تآكل الساحل الشمالي بسبب المشاريع السياحية في ما ورد في التقرير البيئي الأخير عام 2021.
استرداد الشواطئ
مطلب إعادة النظر في إقامة مشاريع سياحيهم هددة للبيئة وتعزيز قدرة السواحل على الصمود في وجه تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر، بداية من إيقاف الزحف العمراني وتسخير استثمارات لإقامة هياكل وقائية لمكافحة تآكل الشواطئ.
مجابهة الخطر البيئي على الساحل تتطلب تبني الحكومة سياسات عمرانية وسياحية تحافظ على الموارد الطبيعية، وتكفل للمواطنين كافة حق الوصول إليها والاستمتاع بها والاستفادة منها كونها ضرورة للصحة البدنية والنفسية.
يتحتم على الدولة إشراك المتخصصين في مجالات التنمية والتخطيط العمراني، لضمان وجود مخططات تضمن إشراك سكان الساحل المحليين في مشاريع تنميته بشكل مستدام من دون إضرار بالبيئة.